تألقت المرأة خلال السنوات الأخيرة، بشكل ملفت وتمكنت من تحقيق نجاحات لا تضاهى في مختلف الميادين، وراحت تشق طريق النجاح وبناء المجد بخطى ثابتة، لا تبالي بخطاب الذين يتهافتون عليها، خاصة إن منّ الله عليها بالكثير من الجمال، لكن تمر سنوات العمر سريعا، بعد أن تنشغل ببناء كيانها وتحقيق ذاتها وتؤجل الزواج إلى حين، على اعتبار أنه مضمون مادامت تتمتع بالجمال الأخاذ والخلق الطيب. لكن بعد أن تتجاوز الفتاة سن الثلاثين تدق ناقوس الخطر، وتسارع لبناء أسرة قبل أن يفوتها قطار الزواج ، لكن الكثيرات يصطدمن بواقع رفض مهنهن التي تعتبر عند الكثير من الرجال الجزائريين "مهن مغضوب عليها" لتحتار بين التفريط في منصب عملها وبين صرف النظر عن موضوع الزواج الذي صار تأجيله مستحيلا ، وينبغي عليها التضحية بما وصلت إليه مهنيا في سبيل تكوين أسرة وإنجاب أطفال.
عملهن مرفوض حتى في المدن الكبرى رغم تطور فكر الرجل و إقراره بأهمية المرأة في بناء المجتمع و احترامه حتى للمكاسب التي حققتها، وتخلي الكثيرين عن الأفكار المتحجرة التي ترفض خروج المرأة حتى للدراسة و سعيه الحثيث، خلال السنوات الأخيرة،خاصة بالمدن الكبرى ،حيث الحياة مكلفة للارتباط بامرأة عاملة تعينه على مصاريف الحياة و أعبائها، إلا انه و ليومنا هذا بعضهم، أسير بعض ذهنيات المجتمع التي تنظر للكثير من المهن،نظرة فيها شك وريبة، نظرا للجهد الكبير الذي تتطلبه من المرأة والذي قد تهمل بسببه أسرتها، خاصة المهن التي تكون فيها المرأة تحت الخدمة ليلا أو تضطر إلي السفر لأيام معدودة ،فان تقبل الزوج الأمر وضحى بحقوقه في سبيل حبه لزوجته، حتى لا يكسر أحلامها التي تعبت لأجلها كثيرا ، خاصة وأن الموافقة على العمل كانت من أهم الشروط التي وضعت لإتمام العقد ، لكن مع الوقت يفقد صبره ، لا سيما إن لمس إهمال زوجته ، فيخيّرها بين ترك العمل أو الطلاق ، من جهة أخرى يرفض بعض الرجال ومن البداية الارتباط بزوجات يمتهن بعض المهن ، خاصة و أن بعضها جديد على مفاهيمه و ثقافته ،فالكثير من الرجال اليوم و حتى في المدن الكبرى يرفضون الارتباط بعاملات في سلك الشرطةّ، لترسبات فكرية لا علاقة لها بالواقع، فقط الخوف من نظرة المجتمع الذي لا يزال يحتكر عمل الشرطة على الرجال دون النساء ،أيضا من المهن التي يرفض الرجل الارتباط بصاحباتها،مهنة الصحافة ،فمهنة المتاعب من وجهة نظرهم، تسلب المرأة حريتها و تسرقها من نفسها ،فما بالك بأسرة و أطفال ،خاصة وأنها مضطرة أحيانا للسفر خارجا لتغطية حدث و الأدهى كيف له أن يتقبل فكرة أن تمضي زوجته يومها بين المكاتب تبحث عن خبر بينها أو حتى أن تقيم علاقة صداقة مع رجال تقول أنهم مصادر معلوماتها،و الأمر يزداد سوءا إن كانت عاملة بالتلفزيون تطل على كل الجزائريين في أبهى حلة ومعروفة لدى الكل و بدل أن يقال زوجة فلان،يقال زوج فلانة،مضيفات الطائرات هن الأخريات أخذن نصيبهن من الرفض، فجل أوقاتهن في السماء يجوبون البلدان و تغيبهم الدائم عن البيت حال دون أن يفكر فيهم بعض الرجال كشريكات حياة .. حتى و إن كان هؤلاء الرجال على درجة كبيرة من الثقافة ، فهم يعيشون في مجتمع محافظ يتوجب أخذه في الحسبان...بالمقابل تبقى مهنة التعليم من أكثر المهن طلبا عند الرجال ،لان مواقيتها مضبوطة و لا تضطر فيها المرأة لا للسفر و لا للعمل في الليل ،فدوامها معروف ،لذا لا مشاكل تثيرها بين الأزواج ،كما أن المجتمع يحترم كثيرا مربيات الأجيال ..واقع جعل الكثيرات يطرقن باب العبوسة، بعد أن تقدمن في السن وتعذر عليهن إيجاد زوج يوافق على عملهن ،خاصة و أنهن يفاوضن من منطق ضعف، بسبب عامل السن و الوقت لم يعد في صالح الكثيرات منهن،فان كنا مطلوبات و بكثرة سابقا رغم طبيعة عملهن، خاصة وأن جمالهن يشفع لهن عند بعض الرجال ، فضلا على أنهن صغيرات في السن، إلا أن بعضهن مؤخرا وجدن أنفسهن، مضطرات لترك العمل حتى لا يجدن أنفسهن يوما ما وحيدات، لا زوج يستندن عليه ولا ولد يهتم بشؤونهن ، خاصة وأن شعور الأمومة استيقظ في الكثيرات ، في حين فضل البعض الآخر، التريث قليلا علّ الله يرزقهن زوجا يتفهم عملهن، خاصة وأنهن خسرن لأجله الكثير. لامية 37 سنة ، مضيفة طيران... شعور الأمومة يقتلني
رغم حبها الكبير لمهنتها ، قررت في الأخير تركها، فمحاولاتها بإقناع خطيبها الذي ستزف إليه الصيف القادم بأن يسمح لها بمواصلة العمل ، باءت كلها بالفشل، فهو يغار عليها كثيرا ويرفض أن تبتعد عن ناظريه لأجل العمل حتى وهي حبيبة ، فما بالك وهي زوجة ومسؤولية بيت كامل ملقاة على عاتقها ، لذا طلب منها صراحة وقبل التقدم لخطبتها أن تنسى الموضوع نهائيا ، مع البداية أرادت أن تمارس معه سياسة "خذ و طالب" فوافقت على ترك العمل بعد الزواج خاصة و أنها في عامها 37 وكلها أمل أن تقنعه بالعمل في فترة الخطوبة ،لكن لحد ألان يصر على موقفه و يهددها إن استمرت في إلحاحها،بفسخ الخطبة، قرار تتمنى ألا تندم عليه ، خاصة وأنها رفضت الكثير من الخطاب لأجل العمل وكلها فرص لا تعوض، لكن اليوم تؤكد أن رغبتها كبيرة في بناء أسرة ،خاصة وأن شعور الأمومة التي استيقظ بداخلها يقتلها ولا تريد أن يفوتها قطار الإنجاب، زد على ذلك منذ 5 سنوات لم يطرق باب بيتها احد طالبا الزواج ،لذلك لا تريد أن تضيع عريسها،رغم الألم الداخلي لفقدان عملها الذي تعتبره كيانها لا مجرد لقمة للاسترزاق فحسب .
نجوى 33 سنة، شرطية.... الصبر مفتاح الفرج تنتمي لإحدى الولايات المحافظة جدا التي ما زال الكثير من سكانها لا يؤمنون بعمل المرأة في هذا السلك ،خاصة إن كان في تنظيم المرور،جميلة جدا ،الكل يتمناها زوجة خاصة و أنها كانت مضرب الأمثال في الأخلاق ، تقدم لخطبتها الكثير لكنها رفضتهم جميعا بحجة أن مستقبلها أولى و أن الزواج مؤجل إلى حين ، التحقت بمهنة الشرطة التي تعشقها حد النخاع ،رغم رفض أهلها و تهديدهم بمقاطعتها ،لكنها تحدتهم جميعا و كان لها ما أرادت، بعدها بدا عدد الخطاب يقل و حتى من تقدم إليها ،اشترط عليها ترك العمل ، لكن ما زالت تصمم على رأيها حتى و إن كان سنها33 سنة ،فالأمل ما زال يراودها في أن يمنحها الله عريسا تسر به ويوافق على عملها الذي تؤكد أنها لن تتخلى عنه حتى و إن بقيت طول عمرها بدون زواج ،فكيف لرجل أن يجهض سنوات تعبها وشقائها ، خاصة إن كانت قادرة على التوفيق بين بيتها وعملها.
أمال 31 سنة ، صحفية..الصحافة أولا ، ثانيا وأبدا منذ أن فتحت عينها وهي لا ترى نفسها إلا «صحفية» لا يشق لها غبار ، لا تحلم إلا أن تبني اسما من ذهب في عالم الأخبار ،تجاوزت الكثير من الصعاب خاصة وأنها من منطقة محافظة ترفض تعليم المرأة ،فكيف بالسفر بعيدا دون محرم ودون حتى حجاب ،لأجل عيون الصحافة تركت خطيبها بعد سنوات من الارتباط ، فقط لأنه خيرها بين ترك العمل و الزواج أو الرحيل بعيدا دون حتى أن تفكر ،رحلت هي و دون وداع ،لأنه خان الوعد وخضع لضغوط أسرته، رغبة لم تمت مع رحيل الخطيب الأول، فحتى من أتى بعده يرفض موضوع العمل بالصحافة، خاصة لما يتأكد أنها مجنونة بها لا غير وأنها قادرة على التضحية بها إن تطلب الأمر، على خلاف ما يراه الكثير تؤمن أن المسيرة بدأت الآن فقط وأن الصحافة ببساطة ليست عملا فقط، كما يرى الكثير بل ببساطة أمال ، بعد أن تجاوزت الثلاثين بدأت ضغوط العائلة وإلحاحهم الكبير عليها للارتباط ، خاصة وأنها كانت تقيم في ولاية بعيدة عن الأهل ، ضغط زاد مع آخر عريس تقدم لها وتتمناه أي فتاة ، الذي ورغم أنه إطار سامي بالمؤسسة العسكرية، يصر هو الأخر على أن تترك الصحافة و أن تشتغل بأي مهنة سواها ،فهو لا يتقبل أبدا فكرة أن تخيره بين قبول عملها آو الابتعاد عليها و الأهم أنه لا يتقبل أبدا أن يقال له يوما ما زوج فلانة ،لان الإعلاميات خاصة المسلطة عليهن الأضواء أكثر شهرة ،أيضا غيرته العمياء ترفض تبرج زوجته و حديثها مع كل من هب و دب ، أغراها بكل شيء جميل ك أن تعيش ،عيشة الأميرات و أن يخصص لها راتبا شهريا و يوفر لها عملا أخر ،لكنها رفضت دون حتى التفكير، لان مجرد التفكير كما تقول هو خيانة للمهنة التي فضلتها على الاستقرار و تكوين أسرة. نساء وإن جمعهن حب مهن لا يحبذها الرجال ، إلا أن قرارهن بمواصلة رحلة الرفض أو الإذعان للأمر الواقع والقبول بزيجة تعكر مزاجهن لأنها ستحرمهن من حلم العمر، تختلف من واحدة إلى أخرى، فإن رضخ البعض منهن للأمر الواقع، فإن الكثيرات تصرن على مواصلة المسيرة حالمات أن يرزقهن الله أزواجا متفهمين ، فهن كما يؤكدن لن يسمحن لأنانية الرجل أن تحطم كيانهن.