عقد نهاية الأسبوع الماضي عقب اندلاع احتجاجات الشباب المطالبين بالشغل بولاية عنابة، مندوب التنمية المحلية لوزارة الداخلية «عبد القادر خليل» اجتماعا ضم السلطات الولائية وممثلي المجتمع المدني من رؤساء الجمعيات المختلفة، حيث تناولوا في لقائهم سبل إعادة النظر في الأساليب التسييرية لمختلف الهياكل المكلفة بالتشغيل، وفي هذا السياق أكد «خليل» أن الثغرة التي صعبت عمليات إدماج أعداد معتبرة من الشباب البطال هو عدم حصولهم على تكوين مهني، يمكنهم من ضبط آليات إدماجهم بكل سهولة في مناصب عمل. من جانب آخر خلص المشاركون في الاجتماع إلى أن عزوف المئات من الشباب البطال، عن استثمار الأموال التي تقدمها مختلف الأجهزة لممارسة أنشطتهم في قطاعي الفلاحة والبناء، وحدد الاجتماع الميادين التي يتهافت عليها معظم أولائك البطالين ما كان وراء خلق معضلة حقيقية لا يمكن حلها سوى بإعادة مراجعة الميكانيزمات البنكية، واستحداث امتيازات تجلب الشباب البطال للنشاط في هذين القطاعين الحيويين. تجدر الإشارة إلى أن احتجاجات الشغل بولاية عنابة كانت قد استمرت على مدار أسبوعين كاملين، ما دفع بالسلطات المحلية للإعلان على 7 آلاف منصب عمل وفق عقود تشغيل، كانت وراء تهافت المئات من هؤلاء الشبان المطالبين بالتوزيع الفوري لها، حيث عمت حالة من الفوضى في مكاتب التوظيف التي لم يتمكن العاملون بها من استيعاب الأعداد الهائلة للشباب الذين اختاروا الاحتجاج كوسيلة للتعبير عن غضبهم من الأساليب التسييرية لمؤسسات الولاية. إقدام عشرات البطالين على الصعود فوق سطح مقر البلدية وتهديدهم بالانتحار الجماعي تطلب الاستعانة بالقوة العمومية من أجل احتواء الأوضاع، وامتصاص الغليان الشباني، حيث تدخلت فرق الأمن وتمكنت من إقناع المحتجين من العدول عن مخططهم، وبالتالي النزول من المكان الذي كانوا قد صعدوا إليه ومكثوا فيه قرابة ثلاث ساعات من الزمن، وهي المدة التي ظلت فيها المصالح الإدارية لبلدية سيدي عمار شبه مشلولة، كما أن المئات من الشبان واصلوا احتجاجهم أمام مقر البلدية للمطالبة بالحصول الفوري على عقود التشغيل، رغم أن بعض مسؤولي البلدية حاولوا توضيح الرؤية للشبان الذين كانوا بصدد إيداع ملفاتهم، لأن المكتب الذي تم فتحه على مستوى البلدية مهمته الوحيدة تسجيل قائمة الشبان البطالين، وتوزيع العقود يبقى من صلاحيات لجنة ولائية مختصة تابعة لمديرية التشغيل، لتكون عواقب ذلك حركة احتجاجية قام بها المئات من البطالين، وهي الاحتجاجات التي أجبرت القائمين على عملية التسجيل من موظفي مديرية التشغيل على الاستنجاد بالقوة العمومية، لمنع المحتجين الذين اخترقوا كل الحواجز التي كانت منصوبة أمام المكاتب الحديدية المؤقتة التي تم تنصيبها خصيصا لهذا الغرض، كما أن أعوان الحراسة لم يتمكنوا من التحكم في الوضع، جراء تدفق المئات من الشبان دفعة واحدة، ومطالبتهم بالتعجيل في دراسة ملفاتهم، وبالتالي منحهم العقود التي تسمح لهم بمزاولة نشاطهم على مستوى المديريات التي يتم توجيههم إليها. هذا و قد أعلنت مصالح أمن ولاية عنابة حالة طوارئ قصوى، و ذلك بتعزيز تواجد عناصر فرقة التدخل السريع بضواحي مجمع «طاباكوب»، والتعجيل بتفريق المحتجين، مع اتخاذ جملة من الإجراءات التنظيمية على مستوى المكتب المخصص لاستقبال الملفات، حيث تم إخلاء المبنى من جميع الشبان من أجل التحكم في الوضع، وتجنب أي انزلاق، وإجبار كل طالبي الاستفادة من عقود الإدماج المهني بتشكيل طوابير أمام البوابة الرئيسية للمجمع، وهذا وسط حضور مكثف لقوات الأمن التي أشرفت على متابعة العملية التنظيمية، لأن مجمع «طاباكوب» تتواجد به مقرات الرابطة الجهوية لكرة القدم، والرابطة الولائية للتنس، وكذا مقر نادي اتحاد عنابة، إضافة إلى فروع إدارية تابعة لديوان الخدمات الجامعية لمنطقة عنابة وسط، وهي المرافق التي سارعت مصالح الأمن إلى تطويقها تحسبا لأي تطور مفاجئ للأوضاع، رغم أن العشرات من الشبان حاولوا الإخلال بهذه الإجراءات، والسعي لإثارة الفوضى في محاولة لبعث الحركة الاحتجاجية من جديد، لكن وحدات الأمن أحكمت سيطرتها المطلقة على الوضع.