أكد قاضي سعودي أن الأحكام القضائية التعزيرية بانتظار كل من يتم إحالته من الجهات المختصة عند ثبوت مشاركته في التجمعات والمظاهرات التي أفتت هيئة كبار العلماء بحرمتها ومخالفتها لولي الأمر "الملك". ونقلت صحيفة "المدينة" السعودية أمس عن رئيس المحكمة الجزئية بجدة سابقًا وقاضي الاستئناف بمكة المكرمة الشيخ عبدالله العثيم قوله إن "الأحكام القضائية في مثل هذه القضايا هي السجن والجلد تعزيرا"، مؤكدا أن"العقوبات التعزيرية تتفاوت بناء على حيثيات ملف كل قضية". وعن العقوبات التي تنتظر دعاة هذه المظاهرات من خلال الدعوة لها من خلال المواقع الإلكترونية أكد العثيم أن "من يتم إحالته من الجهات المختصة سيتم محاكمته وإصدار العقوبات التعزيرية حسب نظام ولائحة المخالفات الإلكترونية الصادرة بهذا الخصوص". وحذر الشيخ العثيم الجميع من الانسياق وراء هذه الدعوات التي تخالف الشريعة الإسلامية وولي الأمر، مؤكدا أهمية المحافظة على مقدرات الوطن، على حد قوله. وكانت هيئة كبار العلماء التي تعتبر أعلى مرجعية دينية في السعودية، أصدرت بياناً اعتبرت فيه أن المظاهرات "محرمة" . السعوديون يريدون الإصلاح لا الثورة أكد محللون بعد فشل الدعوات إلى التظاهر في السعودية أن السعوديين يتطلعون إلى الإصلاح السياسي والاقتصادي لكنهم لا يريدون أو ليسوا مستعدين للثورة. وقال المدون والناشط الحقوقي فؤاد الفرحان لوكالة فرانس برس "اعتقد أن المواطنين السعوديين مستعدون للتغيير ولكنهم ليسوا مستعدين للثورة". واعتبر الفرحان أن ذلك "يفسر الفشل المدوي لدعوات التظاهر" التي أطلقت على فيسبوك. وبحسب الفرحان، فإن غياب أي تجاوب مع الدعوة إلى "يوم غضب" أو "ثورة حنين" أول أمس في المملكة يعني أن أي دعوة أخرى من هذا النوع ستفشل. وكان من المنتظر أن تخرج تظاهرات في الرياض وفي مدن سعودية أخرى للمطالبة بالإصلاح. إلا أن قوى الأمن انتشرت بشكل كبير في الشوارع. أما التظاهرات، فلم تظهر. وذكر الفرحان أن الدعوات إلى التظاهر التي أطلقت عبر شبكات التواصل الاجتماعي على الانترنت، لا تتمتع بدعم محلي بما في ذلك في الأوساط السعودية المطالبة بالإصلاح وبوضع دستور للمملكة والتحول إلى ملكية دستورية. وقال الفرحان أن "الناشطين المحليين لم يطلقوا دعوات للتظاهر كما لم يشجعوا الآخرين على التظاهر وغالبية الشباب في المملكة لم تكن تؤيد هذه الدعوات". من جهته، قال مدير مركز الشرق الأوسط للدراسات الإستراتيجية أنور عشقي لوكالة فرانس برس أن الدعوات إلى التظاهر والتعبئة فشلت بشكل كامل ليس فقط لأنها تأتي من الخارج، بل أيضا لأن القيادة الدينية عارضت بقوة مبدأ التظاهر. وقال عشقي لوكالة فرانس برس أن "غالبية الدعوات على الانترنت كانت تأتي من دول عربية مختلفة ولم تكن تحظى بتأييد من الداخل". وأشار إلى أن "فتوى أصدرتها اعلي هيئة دينية في البلاد حرمت التظاهر دفعت المتمسكين بدينهم إلى البقاء في منازلهم". وفي تقرير حول السعودية، كتب معهد "أوراسيا" للدراسات أن غالبية الناشطين السعوديين لا يدعون إلى إسقاط النظام ولكن إلى تبني إصلاحات سياسية، خصوصا عبر انتخاب أعضاء مجلس الشورى الذين يتم تعيينهم حاليا من قبل الملك. ورأى عشقي أنه يتعين من جهة أخرى على السلطات في الرياض تسريع وتيرة الإصلاحات إذا ما كانت تريد تأمين أكبر حماية ممكنة من الاضطرابات التي تجتاح مناطق أخرى من العالم العربي، بما في ذلك داخل دول مجلس التعاون الخليجي. وقال عشقي "علينا تسريع الإصلاحات إذا ما كنا نريد أن نحمي السعودية"، وهي أكبر مصدر للنفط في العالم، "من الزلزال الذي ضرب العالم العربي". أما الفرحان فرأى أنه لا يمكن توقع ثورة في السعودية إلا إذا ساءت الأحوال الاقتصادية والاجتماعية لدرجة كبيرة. وقال "اذا ما بلغت نسبة البطالة 30% وإذا ما تراجعت الخدمات العامة مثل الخدمات الصحية والإسكان لدرجة كبيرة، فقد نرى ناس ينتفضون في هذه البلاد، ووتيرة الإصلاحات مسألة أساسية لصد ذلك". وفي الوقت الراهن، تشير الأرقام الرسمية إلى أن البطالة هي بحدود 10.5%، لكنها ترتفع إلى 30% في الفئة العمرية بين 20 و30 سنة. وأعلنت السلطات السعودية مؤخرا خطة لصرف أكثر من 35 مليار دولار على تقديمات اجتماعية واقتصادية جديدة. لكنه يتعين على اقتصاد المملكة ولاسيما القطاع الخاص، خلق مئات الآلاف من الوظائف، والتقديمات المالية لن تكون كافية لوحدها. وكان العاهل السعودي عبدالله بن عبدالعزيز "86 عاما" أطلق إصلاحات سياسية إلا أن وتيرتها كانت بطيئة جدا فيما باتت تطرح أيضا مسألة خلافته، وهي مسالة تبدو أساسية بالنسبة لاستمرار النهج الإصلاحي في المملكة.