أدانت محكمة في العاصمة الروسية موسكو المدير العام السابق لشركة «أفياريمسناب» بالسجن النافذ لمدة سبعة أعوام ونصف العام، بعد أن أثبتت كل القرائن تهمة «الاحتيال» الموجهة له بعد تورّطه في بيع قطع غيار قديمة ومستعملة إلى صانع الطائرات الحربية من نوع «ميغ-29»، في إطار صفقة أبرمتها روسيا مع الجزائر قبل أن تقرّر الحكومة التراجع على خلفية هذه الفضيحة. عرفت قضية صفقة استيراد طائرات مقاتلة في إطار الاتفاقية التي أبرمتها كل من الجزائروروسيا الفيدرالية في 2006 على إثر زيارة رسمية قام بها الرئيس الروسي حينها «فلاديمير بوتين» إلى بلادنا، تطوّرات جديدة بعد أن أصدرت إحدى المحاكم في موسكو قبل يومين حكما يُدين المدير العام السابق لشركة «أفياريمسناب»، «موسائيل إسماعيلوف» بالسجن النافذ لمدة سبع سنوات وستة أشهر. وحسب التفاصيل التي أوردتها أمس وكالة «أنترفاكس» الرسمية وتناقلتها وكالات الأنباء بكثير من الاهتمام، فإن هذه الإدانة جاءت بعد أن أظهرت التحقيقات أن «إسماعيلوف» حاول فعلا «بيع قطع غيار مستهلكة» إلى صانع طائرات «ميغ-29» المطلوب تصديرها إلى الجزائر، وهو الحكم الذي يخدم مصلحة الجزائر التي احتجت عن طريق وزارة الدفاع الوطني على «الغش» في الصفقة مما أوشك على إحداث أزمة دبلوماسية بين البلدين، خاصة وأن الطرف الروسي شكّك في بداية الأمر من صحة تلك الاتهامات. واستنادا إلى معلومات أخرى نقلتها وكالة الأنباء الفرنسية عن الناطق الرسمي للمحكمة التي أدانت المدير السابق لشركة «أفياريمسناب» في حكم صدر يوم الاثنين، فإن «موسائيل إسماعيلوف» اعترف خلال جلسة النطق بالحكم ومنذ بداية التحقيق معه بأنه تورّط في العملية التي وصفها المتحدث ب «عملية احتيال على أعلى مستوى»، وتفيد المعطيات ذاتها أن قطع الغيار المستعملة التي باعها إلى شركة صناعة الطائرات الحربية تعود إلى الفترة بين 1982 و1996. وأكثر من ذلك فإن ذات المسؤول قدم هذه القطع على أساس أنها «قطع غيار جديدة» في الوثائق المرافقة للصفقة، والتي تم تزويرها هي الأخرى، ليتم اكتشافها لاحقا، كما أكد ذلك ملف الإحالة، وقد فتح التحقيق ضد الممون المحتال في شهر سبتمبر من العام 2009 بعد قرار الجزائر رفض استقبال طلبية تتضمن 34 طائرة حربية روسية من طراز «ميغ 29» في صفقة ضخمة وصلت قيمتها إلى 1.3 مليار دولار. وقد تحدثت الصحافة الروسية وفي شهر فيفري 2008، عن قيام الجزائر بإرجاع 15 طائرة حربية من نوع «ميغ 29» سلمت إليها بين عامي 2006 و2007، بسبب ما وصفته حينذاك ب «نوعيتها الرديئة» التي لا تتطابق مع ما كان متفقا عليه من مواصفات. وكان مدير عام مؤسسة «أفينكنوسارفي»، «فلاديمير بوريسوف»، قام هو الآخر في شهر مارس الماضي، بتموين قطع غيار سيئة النوعية لطائرات «ميغ» موجهة إلى الجزائر، وتمت إدانته بثلاث سنوات وعشرة أشهر سجنا نافذا. وتؤكد هذه الوقائع والسوابق صحة الشبهات التي أثارتها الجزائر بشأن نوعية طائرات «ميغ» التي تتسلمها من المصانع الروسية، كما أنها تكشف مستوى عال من الرقابة التقنية التي بلغتها القوات المسلحة، وهو أمر حري بالمتابعة والتشدد بالنظر إلى أنه يمس الأمن الوطني في الصميم، وسلامة الطيارين الجزائريين ومصداقية وفعالية وقدرات الجيش الوطني الشعبي، إلى جانب اعتبارها جزءا من صفقة ضخمة تقدر بالملايير. وتجدر الإشارة إلى أن الجزائر تأتي في صدارة شركاء روسيا من حيث استيراد السلاح والعتاد الحربي، حيث سبق لها أن أبرمت اتفاقا بقيمة 7 مليار دولار في 2006 من أجل اقتناء 28 طائرة حربية مقاتلة من نوع «سو 30 أم كا إي»، و34 طائرة أخرى طراز «ميغ 29 أس أم تي» و16 طائرة تدريب من نوع «إياك 130»، وأربعة أنظمة دفاع صاروخي و38 صاروخ أرض جو من طراز «بانتسير»، إضافة إلى 135 دبابة «تي 90 سي»، واتفق على تسليمها خلال العام الحالي.