دخلت أمس أشغال الملتقى السادس لسلسلة "الدروس المحمدية" والمقامة استثناء هذا العام في تلمسان تزامنا تظاهرة تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية والتي تنظمها سنويا خلال شهر رمضان المعظم الزّاوية البلقايدية الهبرية أسبوعها الثاني والذي سيشهد تقديم عدة محاضرات من طرف علماء وباحثين من عدة بلدان عربية. وفي سهرة أوّل أمس أكد الباحث وأستاذ الفلسفة بجامعة الجزائر الدكتور عبد الرزاق قسوم بتلمسان أنّ "تكريم العلم والعلماء من طرف الحكام يعمل على ضمان التقدم الحضاري والازدهار الثقافي". وأبرز الأستاذ سهرة أمس الأحد من خلال محاضرة بعنوان "خدمة ملوك تلمسان للعلم" تندرج ضمن الملتقى السادس لسلسلة "الدروس المحمدية" المعادلة التي تحققت بانسجام بين العناصر الثلاثة "الملوك والعلم والعلماء" في عصر بني زيان والتي سمحت بانتعاش الحركة العلمية وتحقيق التقدم الحضاري والازدهار في شتى المجالات. وأوضح أن ملوك حاضرة تلمسان قد أدركوا أهمية هذه المعادلة وحأولوا أن يحققوها على أرض الواقع عن طريق العناية بالعلم والتنافس على تقريب العلماء والأدباء وإكرامهم وبناء المدارس والمنشآت الفكرية التي تحولت إلى معاقل إشعاع علمي بعد أن وضعت تحت تصرف علماء أفذاذ وزودت بمختلف المرافق التي تخدم طلبة العلم. كما ساهمت في إنعاش الحركة العلمية بتلمسان عوامل أخرى مثل الخصوبة الثقافية والنزعة العلمية التي تميز بها السكان فضلا عن عناية الحكام بالعلم وأهله حسب الدكتور المحاضر الذي أكد أن "مظاهر هذه الاعتناء يتمثل أساسا في المجالس العلمية التي كانت تعقد في قصور الملوك وبحضرتهم أمام العلماء والأدباء لقراءة كتب الفقه أو الحديث أو لمناقشة بعض القضايا والمناظرة فيها". ومن أهم الملوك الذين اشتهروا بحبهم للعلم والعلماء ذكر المحاض بعض الأسماء مثل عبد الرحمن أبي تاشفين ويغموراسن بن زيان وأبي حمو وأبي عنان. ومن جهته تطرق الدكتور داوود دنيس جريل من فرنسا إلى سيرة وأعمال الرجل الصالح الشيخ محمد الهاشمي الذي ولد بسبدو (تلمسان) في 1880 وتوفي بدمشق (سوريا) سنة 1961 بعد حياة حافلة بالبحث عن العلم ونشره. وقد جمعه لقاء بتلمسان بالإمام بن يلس شيخ الطريقة الدرقاوية حيث أخذ عنه العلم والتزكية ورافقه في هجرته إلى سوريا سنة 1911. وهناك تمكن الهاشمي من إبراز مواهبه في العلم والتعليم فصار شيخا للطريقة الشاذلية الدروقاوية إلى أن وفته المنية تاركا وراءه العديد من الموردين في شتى نواحي البلدان الإسلامية وعدّة مؤلفات.