تتواصل أشغال ملتقى الدّروس المحمدية في طبعته السّادسة التي تنظمها الزّاوية البلقايدية الهبرية والمدرجة ضمن تظاهرة "تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية"لتكون ليلة أمس مناسبة لإلقاء محاضرتين للأستاذ مصطفى الشريف حول "العلم والمعرفة في الحضارة الإسلامية" والثانية للأستاذ عبد العالي عبد القادر من الجزائر بعنوان "خدمة علماء تلمسان للقرآن الكريم وعلومه". وكان الدكتور يوسف بلمهدي أستاذ بجامعة الجزائر والمستشار بوزارة الشّؤون الدّينية والأوقاف في ليلة سابقة؛ قد أكّد أنّ مدارس تلمسان وعلماءها قد لعبوا دورا كبيرا في تكريس المرجعية الدينية بالمغرب الإسلامي وترسيخها بمختلف الحواضر المغربية. و أوضح الأستاذ خلال محاضرته التي نشطها ليلة بتلمسان أن عاصمة الزيانيين التي كانت تعجّ بالمدارس والهياكل العلمية المتنوعة والعلماء في شتى التخصصات قد هيئت لأن تلعب دورا بارزا في تأسيس المرجعية الدينية المبنية على عقيدة الأشعرية وفق مذهب مالك. فأول ما بادرت به حاضرة تلمسان في عهدها الذهبي حسب المتدخل هو بناء المدارس التي كانت تعادل المعاهد والجامعات في عصرنا من حيث المستوى العلمي للمدرسين والكتب والمناهج المقررة فيها مع اعتماد النّظام الداخلي للطلاب مثل مدرسة بني الإمام التي أنشأها أبو حمو موسى الأول عام 710 ه والتاشفينية نسبة إلى أبي تاشفين الذي بناها سنة 718 ه واليعقوبية التي بناها السلطان أبو حمو الثاني عام 765 ه وغيرها. كما كانت المدينة تزخر بعدد كبير من المساجد المخصصة لتلقين الدروس الأولية في الفقه والتوحيد واللغة حيث سمحت هذه المراكز العلمية بتحويل تلمسان إلى قبلة للعلماء والمتعلمين ومحطة للرحالة والعلماء المسافرين الذين انضموا إلى علمائها وساهموا في تأسيس المرجعية المذكورة كما أوضح المحاضر الذي أشار كمثال إلى العلامة محمد بن يوسف السنوسي (القرن التاسع الهجري). وقد ألف السنوسي في العقيدة رسالته "أم البراهين" أو "العقيدة الصغرى" والتي ظلت مرجعا في حلقات الدرس إلى عهد قريب الشيء الذي مكن من خلق انسجام مذهبي وعقائدي في المغرب العربي جنبه كثيرا من الفتن التي كانت تقع في مناطق مختلفة من العالم الإسلامي بسبب الخلافات العقائدية يضيف الدكتور يوسف بلمهدي. أما المحاضرة الثانية للسّهرة ذاتها فقد قدمها الدكتور زعيم خنشلاوي من الجزائر بعنوان "شيخ الشيوخ أبومدين الغوث" الذي صار يمثل التّصوف الأصيل الذي تميز به المغرب العربي في عصره بعد أن استمد أصوله من النشأة الأولى للتصوف الإسلامي الذي تميز أساسا بالعكوف على العبادة والانقطاع إلى الله تعالى. ومن هنا فإن التصوف بالمغرب العربي صار يعني في ظل سيدي أبي مدين الطريقة السلوكية في العبادة وأسلوب التّفكير واكتساب المعرفة الشّيء الذي شجع ظهور الطرقات الصوفية المختلفة حسب الأستاذ خنشلاوي".