شهد ركح الموقار أوّل أمس عرض مميّز لمونولوج “المدني ولد المنسي” لجمعية الصرخة للمسرح –سكيكدة-، حيث كتب النص وقدمه فوق الخشبة في حبكة فنية مميزة الممثل المسرحي المحترف فؤاد سيف الدين. تدور أحداث هذا المونولوج حول محاكمة شاب جزائري بسيط حاول الهروب من المشاكل التي يتخبط فيها ومن الواقع المربك ليركب زورق الأحلام الوردية نحو المجهول، لكن لم يحالفه الحظ و ألقي عليه القبض بالميناء، ليقدم للمحاكمة حيث التمس أثناء مجريات المحاكمة من القاضي قبل إصدار حكمه أن يسمعه و يشعر معه بالظروف الصعبة التي كان يعيشها والصراع المرير بين مد وجزر من أجل المستقبل، وهكذا تنقل “فؤاد سيف الدين” المتقمص لشخصية “مدني ولد المنسي” مسترسلا في عرض مشاكله في قالب فكاهي ساخر من مشكل البيروقراطية الإدارية وصعوبة الحصول على الوثائق إلى مشكل الحصول على عمل في رحلة متعبة دخل من خلالها في دوامة مليئة بالمطبات، إلى مشكل السكن ومشكل الزواج و المهور التعجيزية، حيث بعد أربع سنوات من حبّه لآمال قرر طلبها للزواج لكن والد آمال كان قاسيا جدا معه حيث رفض طلبه مما جعل الدنيا تسود في وجهه. وتجدر الإشارة أنّ فؤاد سيف الدين ممثل محترف بالمسرح الجهوي لسكيكدة، أمتع جمهور الموقار بعرضه واستمتع معهم، حيث نسج خيوطا من الانسجام والألفة بينه وبين الجمهور كان يحركها بمهارة وإبداع فائقين، سيف الدين عرف عنه ولعه بالمسرح منذ صغره بدءا بالكشافة الإسلامية ثمّ الثانوية وإلى غاية التحاقه عام 1997 بالمعهد البلدي للموسيقى والتمثيل بسكيكدة دائما، كما أسس جمعية الصرخة للمسرح عام 2001، من أبرز الأعمال التي شارك فيها (رسالة حب-أسوار المدينة-ثورة بلحرش...إلخ)، أمّا عن مونولوج “المدني ولد المنسي” فقد عرض أوّل مرة عام 2001، وحصد العديد من الجوائز الوطنية عبر مختلف المهرجانات على رأسها الجائزة الأولى لعلي معاشي للمبدعين الشباب عام 2008، حيث حدثنا عن الرسالة التي أراد توجيهها للشباب الجزائري من خلال هذا العمل: “كل بلدان العالم حتى المتقدمة منها تعاني من مشاكل وليست الجزائر فقط، وهذه المشاكل لا تحل بالهروب بل علينا مواجهتها بتعرية الواقع وإيجاد الحلول الواقعية المناسبة لها، فالحلول الوهمية تزيد من تعقيد الأوضاع وتأزم المشاكل”. وعن جمهور مدينة سكيكدة يقول دائما ذات المتحدث: “الجمهور السكيكدي ذواق و يعشق المسرح حتى النخاع و له غربال ممتاز يميز به العمل الجيد من الرديء، فمدينة سكيكدة لديها تقاليدها المسرحية، حيث لها مهرجان عريق ألا و هو مهرجان المسرح الهاوي الذي انقطع عام 1997 في طبعته السادسة عشر لأسباب مالية، ولكنه عاد ليزيّن السّاحة الثقافية عام 2007، ولقد مرّ على ركح هذا المهرجان أسماء لامعة في المسرح أمثال عبد القادر علولة وعز الدين مجوبي وسيدة المسرح “صونيا”.