اختتمت أشغال المؤتمر الإسلامي لوزراء الثقافة المنعقد بفندق الهيلتون بالجزائر العاصمة، حيث ناقش على مدى يومين جملة من القضايا الحساسة الراهنة التي من شأنها أن تساهم في بناء القاعدة الثقافية في العالم الإسلامي باعتبار الثقافة عنصرا فاعلا ومؤثرا في عمليات التنمية الشاملة والمستدامة. جاء هذا المؤتمر في ظل تنامي اهتمامات المجتمع الدولي بالحوار بين الثقافات والتحالف بين الحضارات تحت شعار”من أجل تعزيز نتائج السنة الدولية للتقارب بين الثقافات وتفعيل دور الشباب في بناء ثقافة السلم والحوار”، و يرمي المؤتمر السابع من خلال الشعار الذي اختير له إلى إبراز دور الشباب وقدرتهم على إحداث التغييرات على كافة الأصعدة في إطار الحوار المنبعث من القيم التي تشبعوا بها للمساهمة في بناء الحضارة الإسلامية، كما تمّ تخصيص صندوق لدعم منظمة اليونسكو التي تعاني من ضغوطات، و قد ناقش هذا المؤتمر الذي أشرفت على تنظيمه وزارة الثقافة بالتعاون مع الإيسيسكو التقارير الوطنية للدول الأعضاء و مدى تنفيذ الإستراتيجية الثقافية للعالم الإسلامي والدور الثقافي للمجتمع المدني من أجل تعزيز الحوار و السلم بالإضافة إلى دراسة عدد من الوثائق والمشروعات تتمثل خصيصا في تقديم منح للفلسطينيين، وتنظيم دورات تكوينية لتكوين مختصين في المجال الثقافي لمحاربة هيمنة الاحتلال وما يسعى إليه لتهويد القدس وطمس معالم الهوية الفلسطينية، وكذا تكوين الصحفيين للوقوف في وجه الحملات التشويهية التي تستهدف الإسلام والمسلمين عبر وسائل الإعلام الغربية، وإبراز الصورة الحقيقية للإسلام . وقد نوّه المشاركون وعلى رأسهم المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة –إيسيسكو- الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري بالجهود المبذولة من طرف الجزائر ومدى إسهامها في تنشيط الساحة الثقافية الدولية بما يخدم مصالح الدول الإسلامية ويعزز قيم الحوار الثقافي والتحالف الحضاري، وكانت المناسبة فرصة لعرض شريط وثائقي عن مدينة تلمسان، وتسليم جوائز الإيسيسكو لأفضل الأعمال الأدبية والفنية عن مدينة تلمسان وتكريم أعضاء من اللجنة التنفيذية لاحتفالية تلمسان. كما أثنى المشاركون من جهة أخرى على الجهود التي قامت بها منظمة الإيسيسكو لفوز دولة فلسطين بعضوية هيئة اليونسكو العالمية رغم الضغوط الدولية التي قادتها الولاياتالمتحدةالأمريكية وإسرائيل. في هذا السياق عبرت وزيرة الثقافة الفلسطينية سهام البرغوثي ل “الأيام” عن فرحتها بهذا المنجز السياسي والثقافي الهام مبدية امتنانها للجزائر التي نظمت هذه الدورة قائلة: “لقد احتضنتنا الجزائر بترحاب كبير في المؤتمر السابع لوزراء الثقافة للدول الإسلامية، و هذا لبحث القضايا الحساسة التي تطرح نفسها بقوة في هذا الظرف بالذات و خاصة ما تعلق منها بدور منظمات المجتمع المدني ودور الشباب في إثراء الحوار وثقافة السلم، فالحركات الاحتجاجية التي قادها الشباب في عديد الدول العربية كنت تعبيرا منهم عن الكبت ورفض الواقع الذي يحول دون سماع أصواتهم” تقول البرغوثي، “لقد كان احتجاجهم لإعلاء صوتهم من أجل الكرامة والحرية ومن أجل المشاركة الفعلية في صنع القرار، هذه القوة الهائلة للشباب وهم يمثلون أغلبية ساحقة في مجتمعاتنا لابدّ لها من وقفة جادة نحوهم لتفعيل هذا الدور وإعطاء مساحات واسعة للشباب من أجل إجراء هذه التحولات الاجتماعية وتقبل الحوارات ما بين الأقلية والطوائف حتى تتمكن كل المجموعة الإسلامية بأنظمتها ودولها لترتقي بدور الإنسان المسلم على أرضه”، وفيما يخص انضمام فلسطين إلى منظمة اليونسكو العالمية فقد أكدت الوزيرة أنه: انتصار كبير جاء بعد طول نضال وانتظار وبعد مشوار طويل من المعاناة، حيث العديد من الدول في منظمة اليونسكو ناصرت حقوقنا، لأنّ الشعب الفلسطيني يحمل ثقافة ثرية وغنية وأيضا يحمل تراثا غنيا ليس فقط على الصّعيد الفلسطيني بل على الصّعيد العربي والإسلامي والحضارات الإنسانية، وبالتالي هذا نصر للشعب الفلسطيني”، بخطوات التحدي ذاته تضيف البرغوثي ”سيبقى نضالنا مستمرا في إكمال المسار حتى الوصول لمجلس الأمن، رغم أننا نعلم أنّ الولاياتالمتحدةالأمريكية ستمارس علينا ضغوطها الدولية تماما كما فعلت في انضمامنا لليونسكو، لكن ثقتنا كبيرة في الشعوب ودولها التي تقف دائما إلى جانب القضايا العادلة”.