اتهم وزير الصناعة والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وترقية الاستثمار، «محمد بن مرادي»، بشكل ضمني الطرف الفرنسي – ممثلا في شركة «رونو»- بعرقلة تجسيد مشروع مصنع للسيارات في الجزائر بعد تأكيده أن الفرنسيين يعارضون إقامته بمنطقة «بلارة» بولاية جيجل مثلما تقترحه الحكومة، معترفا أن المفاوضات حول هذا الملف «أخذت أكثر من الوقت المحدّد لها». حملت تصريحات وزير الصناعة أمس على هامش اجتماع اللجنة المختلطة الجزائرية الألمانية الكثير من علامات الاستفهام بخصوص مصير مشروع مصنع «رونو» في الجزائر، بل إن ما جاء على لسانه يدفع نحو التشاؤم بخصوص إمكانية تلاشي هذا «الحلم» الذي راود الجزائريين منذ بداية الألفية الحالية خاصة بعد انكسار مشروع السيارة الجزائرية «فاتيا» إثر إجهاض مشروع مماثل كان مقرّرا في تيارت بالشراكة مع الشركة الإيطالية «فيات». وأشارت اعترافات «محمد بن مرادي» إلى أن الطرف الفرنسي يسعى إلى عرقلة هذا المشروع بعد أن تحدّث عن رفض شركة «رونو» لصناعة السيارات إقامة مصنعها في منطقة «بلارة» بولاية جيجل مما تسبّب في تعطيل المفاوضات. وعلى إثر ذلك أبلغ الصحفيين بأن «المفاوضات أخذت أكثر من الوقت المحدد بحيث اعتبر الشريك الأجنبي أن المكان المقترح لإقامة المصنع بعيد عن تجمع العمالة وأنه لا يوفر الفرص اللازمة». وأبان وزير الصناعة والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وترقية الاستثمار معارضة لنقل المشروع إلى مكان آخر يريده الفرنسيون في الرويبة مع شركة السيارات الصناعية، موضحا أن قرار الحكومة الجزائرية إقامة هذا المصنع في ولاية جيجل «أملته الحاجة إلى خلق توازن بين المناطق في مجال الاستثمار». وأضاف أن الطرف الفرنسي برّر موقفه ب «غياب اليد العاملة المؤهلة في ولاية جيجل»، كما اعتبر مسؤولو «رونو» أنه «وحدها المدن الكبرى على غرار الجزائر العاصمة ووهران قادرة على توفير المورد البشري الضروري لإنجاز هذا المشروع». ووفق الوزير «بن مرادي» فإن الجانب الجزائري يرى أن تغيير مكان إقامة المصنع «لا يستدعي المراجعة على الأقل في الوقت الراهن»، ورغم ذلك ربط مصير المشروع بما ستسفر عنه المفاوضات، وتابع الحديث: «لم نقترح بعد مكانا آخر لبناء المصنع ونصرّ على أن يتم إنجاز المشروع ببلارة»، ثم استطرد: «بالنسبة لنا بلارة هي المنطقة الداخلية لقسنطينة التي تعد أرضية الصناعة الميكانيكية». تجدر الإشارة إلى أن وفدا من خبراء مجمع السيارات الفرنسية توجّه أواخر شهر جانفي من هذا العام إلى منطقة «بلارة» بجيجل للإطلاع على مدى توفر الموارد المائية والطاقة الكهربائية والغازية وكذا تهيئة المنطقة التي تتربع على مساحة 532 هكتار. وبحسب المتفق عليه واستنادا إلى تصريحات سابقة لوزير الصناعة فإنه ستسلم أول سيارة لهذا المصنع بعد مرور 18 شهرا على إبرام الاتفاق الذي يوجد محل تفاوض منذ عدة سنوات. ويكشف المخطط المقرر لهذا المشروع كان من المفروض أن ينتج مصنع رونو 75 ألف سيارة في مرحلة أولى ليرتفع الإنتاج إلى 150 ألف وحدة في المرحلة الثانية، وسيقوم المصنع بإنتاج سيارات بنسبة إدماج الإنتاج الوطني تتراوح ما بين 20 إلى 25 بالمائة كمرحلة أولى والتي من المرتقب أن ترتفع إلى 60 بالمائة بإدماج الأطر المطاطية والزجاج، غير أن عدد المناولين الجزائريين القادرين على المشاركة في هذا المشروع يبقى غير كاف حيث لم يتم تحديد سوي خمس أو ستة منهم فقط. وقد أثار مشروع إنجاز مصنع «رونو» بالجزائر نقاشا حادا حول إمكانية تجسيده على أرض الواقع حيث يرى بعض الملاحظين أن موجة الانتقادات التي شهدتها فرنسا بشأن عمليات تحويل المصانع إلي وجهات أخرى وخاصة بعد تدشين مصنع «رونو» بمدينة طنجة المغربية قد تؤدي إلى فشل إنجاز هذا المصنع في الجزائر. كما ويرى هؤلاء أن الصانع الفرنسي ليس بحاجة إلى إقامة مصنع ثان في منطقة شمال إفريقيا بعد تدشين المصنع المذكور. لكن الرئيس المدير العام لشركة «رونو»، «كارلوس غصن»، كان قد نفى صحة هذه الأخبار حيث صرح في شهر فيفري الماضي خلال تدشين مصنع طنجة أن مجمعه مهتم بمشروع انجاز مصنع بالجزائر وأن المفاوضات لا زالت جارية مع الطرف الجزائري.