هدّد رئيس مجلس منظمة محامي العاصمة، عبد المجيد سيليني، بتجنيد 30 ألف محامي والخروج في ما أسماه «مسيرة حاشدة» في حال «لم تُراجع السلطات العمومية طريقة تعاملها معنا»، داعيا إلى «وقف الإهانات اليومية» التي يتعرّض لها أصحاب الجبة السوداء. يأتي هذا التصعيد رغم التطمينات التي أطلقها وزير العدل حافظ الأختام الذي أكد أن المحامين «شركاء بصفة كاملة في العمل القضائي». تأجّلت الجمعية العامة الاستثنائية لمجلس منظمة محامي العاصمة إلى غاية العاشر من شهر ماي المقبل بعد أن تعذّر عقدها الأربعاء الماضي بسبب عدم حصول النقابة على ترخيص مسبق من مصالح ولاية الجزائر، وهو الأمر الذي استغربه عبد المجيد سيليني الذي قال في تصريح ل «الأيام» بعين المكان إنه «من غير المفهوم أن نحتاج إلى ترخيص على أساس أن اجتماعنا مهني وليس سياسيا»، وذكر محامون أنه لم تجر العادة بطلب ترخيص في مثل هذه اللقاءات. وكان حضور المحامين كبيرا إلى «دار الشعب» مقر الاتحاد العام للعمال الجزائريين تضامنا مع نقيب محامي العاصمة إثر حادثة الأسبوع الماضي مع رئيس محكمة جنايات العاصمة القضاء الطيب هلالي، نتيجة ملاسنة الطرفين. وقد تباينت المواقف في البداية حول طريقة التعامل مع ما اعتبره حوالي 2000 محامي «إهانات ومساسا بحق الدفاع»، لكن سيليني أقنع الجميع بضرورة تأجيل موعد الجمعية العامة إلى الشهر المقبل «حتى يكون لدينا الوقت الكافي لتحضير عريضة مطالبنا وتحديد انشغالاتنا بشكل دقيق». وتحدّث نقيب بأسلوب شديد اللهجة خلال التجمع بساحة المركزية النقابية، وقد وصل به الأمر إلى حدّ التهديد ب «الخروج في مسيرة حاشدة»، ليتابع: «هم لا يعرفون ما يُمكن أن يفعله المحامي »، معتبرا الحضور الكبير للمنتسبين إلى هذا السلك إلى «دار الشعب» بمثابة «رسالة قوية على أنه ليس هناك أية جهة قادرة على تركيع المحامي والمساس بحرية وحق الدفاع»، ونفى في الوقت نفسه أن يكون هذا التصعيد من منطلق «حسابات شخصية» نتيجة صراعه مع رئيس محكمة جنايات العاصمة الذي يشغل كذلك منصب نقيب قضاة العاصمة. وسألت «الأيام» عبد المجيد سيليني عن أسباب تراجع مجلس منظمة محامي العاصمة عن موقفه حيال مشروع القانون المنظم لمهنة المحاماة المتواجد حاليا على مستوى لجنة الشؤون القانونية بالمجلس الشعبي الوطني، فردّ بالنفي: «نحن لم نتراجع وقد حصل اتفاق مسبق بيننا وبين وزير العدل على أن تجري مراجعة المواد التي تقيّد نشاط المحامي. وأقولها اليوم بأنه لا أحد يمكنه أن يمسّ حق الدفاع وفي حال لمسنا ذلك فإن 30 ألف محامي في العاصمة على استعداد للخروج إلى الشارع للدفاع عن حقوقهم»، مضيفا أن «قانون المحامي لا يتضمن سوى والواجبات في حين يغفل الحديث عن الحقوق..». ورغم هذا الموقف اعترف سيليني بأن وزير العدل حافظ الأختام له الكثير من الانشغالات ويتفهم ثقل المسؤوليات التي تقع على عاتقه، مشيرا إلى أنه ينتظر أن يتدخل من أجل النظر في انشغالات المحامين. وبحسب ما تسرّب من معلومات فإن النائب العام لمجلس قضاء العاصمة قد نجح في تنظيم جلسة صلح بين النقيب عبد المجيد سيليني والقاضي الطيب هلالي الثلاثاء الماضي، لكن ما حصل مساء الأربعاء ب «دار الشعب» يؤكد أن القضية تتجاوز مجرّد حصول ملاسنة بين الرجلين. وتعليقا على الحراك الحاصل في القطاع وتهديد أصحاب الجبة السوداء بالخروج إلى الشارع وإعادة سيناريو جوان 2011، سارع وزير العدل حافظ الأختام، محمد شرفي، إلى إطلاق تصريحات لتهدئة الوضع عندما اعتبر من ولاية تلمسان أمس الأول أن المحامين «شركاء بصفة كاملة في العمل القضائي»، وقد تحدث الوزير بمقر نقابة المحامين لهذه الولاية مع محامين شباب لشرح طبيعة العلاقات بين كل الأطراف المتدخلة في العمل القضائي. وبعد أن لفت الوزير شرفي إلى «للمحامين مهمة ثقيلة ويجب عليهم مساعدة وتقديم الاستشارة للقضاة خدمة للمتقاضين»، شدّد على أن «العلاقات المسؤولة التي ينبغي أن تجمع القضاة بالمحامين والتكامل بين كل هذه الكفاءات ستسمح للعدالة الجزائرية بأن تكون أكثر مصداقية».