شدّد رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان، فاروق قسنطيني، على أن محاربة الفساد والبيروقراطية تبقى من بين أكبر التحدّيات التي تنتظر حكومة عبد المالك سلال في المرحلة المقبلة، حيث رحّب باستحداث وزارة مكلفة بتحسين الخدمة العمومية على أمل أن تكون دفعا إضافية في مواجهة تحدّيات الجبهة الاجتماعية. اعتبر رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان، فاروق قسنطيني، استحداث منصب وزير لدى الوزير الأوّل مكلف بالخدمة العمومية بمثابة "أمر إيجابي لا يمكن لنا سوى تثمينه"، وتمنى لو يساهم هذا القرار في "تخليص الجزائريين من شبح البيروقراطية"، وهو الرهان الكبير الذي يرى قسنطيني بأنه من الواجب على الحكومة العمل على القضاء عليه "يجب الآن اختيار الوسيلة الناجعة لمحاربتها (البيروقراطية) لأن ما نعيشه اليوم على هذا الصعيد في الجزائر شبيه بالبيروقراطية التي عاشتها الصين في عهد ماوتسي تونغ في ستينيات القرن الماضي". وأضاف فاروق قسنطيني الذي كان يتحدّث أمس في حصة "ضيف التحرير" للقناة الثالثة للإذاعة الوطنية، بأن مسألة تحسين الخدمة العمومية أصبحت أولوية "وبإنشاء الوزارة يتأكد أن هناك إرادة سياسية ، وأعتقد أننا بهذا القرار نسير في الطريق الصحيح"، وقد ربط هذه الظاهرة مباشرة ب "الفساد" عندما قال في هذا السياق: "البيروقراطية والفساد وجهان لعملة واحدة"، بل أكثر من ذلك ذهب المتحدّث إلى التأكيد بأن "الفساد في الجزائر تحوّل إلى رياضة وطنية وهذا أمر قلناه وحذّرنا منه منذ سنوات لأن الأمور ذهبت بعيدا وعلينا التحرّك". كما أفرد رئيس الهيئة الحقوقية حيّزا من حديثه لقطاع العدالة، حيث لم تتغيّر مواقفه حيال الكثير من المسائل ذات الصلة بهذا القطاع وعلى رأسها قضية الإصلاح التي أطلق فيها اتهامات بأن "ما شهدته العدالة في بلادنا لا يتطابق تماما مع التقرير النهائي الذي رفعته لجنة يسعد لإصلاح العدالة. ما حدث هو تجاهل تام للتقرير، ما تحقق منه هو فقط تحسّن ظروف الحبس في السجون الجزائرية"، وقد استدلّ ببعض المؤشرات منها ارتفاع عدد المؤسسات العقابية وكذا حصول 532 مسجون على شهادة البكالوريا في دورة هذا العام. وفي السياق ذاته انتقد قسنطيني بقاء الوضع حاله بخصوص "الحبس الاحتياطي" الذي أشار بشأنه إلى أن "الأمور تدهورت أكثر في السنوات الأخيرة وأكثر ما يقلقني هو أنني عندما أتحدّث عن هذا الملف يُفهم بأنني استهدف القضاة أو أهاجمهم"، في تلميح منه إلى الانتقادات شديدة اللهجة التي أطلقتها ضده نقابة القضاة في أكثر من مرة، حيث أوضح على هذا المستوى: "ما يجري أن هناك تعسفا في استعمال الحبس الاحتياطي وهذا فعل سيء يسير ضد القوانين نفسها"، قبل أن يشدّد على أنه "سنواصل الحديث عن هذا الموضوع، لكن ما يؤسفني كذلك هو أن المحامين لا يتحدّثون عن موضوع الحبس الاحتياطي". إلى ذلك علّق فاروق قسنطيني عن مشروع القانون المنظم لمهنة المحاماة المتواجد حاليا بمجلس الأمة، مشيرا إلى أن وزارة العدل استجابت لطلبات أصحاب الجبة السوداء بإقرار بعض التعديلات، نافيا وجود اعتراض كبير على بنوده "الغضب كان في البداية ولكن الآن حتى نقابة المحامين غيّرت موقفها من النصّ بعد أن تمّت تحديثات جديدة"، ومع ذلك أعاب على المشروع بعض العراقيل التي تعترض المحامين في المسائل التأديبية التي تخضع لرئيس المحكمة أو وكيل الجمهورية أو نقيب المحامين "وهذا أمر غامض سيؤثر على المحامي ويجعله يدخل قاعة الجلسات وهو خائف". وبعد أن دافع عن تدابير رفع التجريم عن فعل التسيير "لحماية الإطارات الإدارية من الترهيب"، جدّد رئيس الهيئة الاستشارية الحقوقية المطالبة بضرورة التكفل ب "معتقلي الجنوب" في إطار ميثاق السلم والمصالحة الوطنية، حيث قدّر عددهم بحوالي 15 ألف إلى 18 ألف "هؤلاء لم يطلبون الثراء ولكن تسوية وضعيتهم والاعتراف بهم". أما عن المعتقلين الجزائريين في "غوانتانامو" فقد أورد قسنطيني أنهم مظلومون لأنه لم تثبت في حقهم أية تهمة، مشيرا إلى أنه أمام هؤلاء فرصة لمقاضاة الولاياتالمتحدة للمطالبة بالتعويض "لكن هذا يتطلب عليهم التنقل إلى الأراضي الأمريكية لأن العدالة الجزائرية ليست مؤهلة لذلك".