الإنسان الفعّال هو الإنسان المبادر الذي يعيش فاعلا، لا مفعولاً به، ويصرف وقته وجهده وماله وإمكانياته للقيام بأعمال هامة، ويتخلى بإرادته القوية عن رغباته وأهوائه وضعف نفسه وكل ما يقف حائلا دون تحقيق أهدافه، وهو يخطط ويبادر لتنفيذ خطته، فلا يترك نفسه وسيلة يستخدمها الآخرون لتحقيق مبتغاهم، ويتصف الإنسان الفعّال بجملة من المزايا تلخّص شخصيته، حيث يمكن إيرادها على هذا النحو. الذكاء العاطفي الذكاء العاطفي هو القدرة على استخدام وتطويع المشاعر والعواطف والتحكم فيها، حيث تملك زمام المبادرة في توجيه أفكارك وسلوكك وتصل لما ترجوه من أهداف، وهذا ما يعبّر عنه بالنضج أو الرشد، وهو عملية متواصلة لا تتوقف عند مستوى معيّن من النموّ، بل تتطوّر مع تنوع مطالب الحياة ومواقفها، وبها نتمكّن من إدارة حالات الغضب والانفعال، فلا نرتكب أخطاء نندم عليها وتكلفنا غاليا, وبالرشد تسود ثقافة الثقة ويتعزز مبدأ التعاون الإيجابي مع الآخرين، بدل الصراع معهم، وهذه الصفة تعدّ الأهم بين مزايا الإنسان الفعّال، وتشكل مفتاحه لاكتساب المزايا الأخرى, فالذكي عاطفياً إنسان سوي بريء من عقد النقص والغرور ومن أمراض الزهو والحسد, وهو يقدّر الوقت ويحسن استثماره, وتتسم علاقته مع غيره بالتكافل والمساواة، وهو أيضا يقدّر قيمة التعاون ويتمتع بالقدرة على توجيه نفسه وتحمل مسؤولية تصرّفاته, كما يمتاز بتفتح العقل والفكر والرغبة المستمرة في التعلم, فيحاول دوما اكتساب المزيد من المهارات لحلّ مشاكله وتنمية ذاته. العقل العلمي والتفكير السليم تتضمن هذه الميزة انتزاع كل الخرافات والأساطير من عقولنا ونبذ انحرافات التفكير والمفاهيم الخاطئة التي قد تكون رسخت في الأذهان، فسلوكنا هو نتيجة لما نحمله من أفكار عن أنفسنا وعمن حولنا، ولا جدوى من محاولة إقناع إنسان بضرورة تغيير مواقفه وتصرّفاته واكتساب مهارات جديدة لتحسين فعاليته إن كان لا يزال محتفظاً بكل الأفكار السلبية التي رسخت في ذهنه. إن العقل أو التفكير ليس مجرد المعرفة ولكنه الآلية التي نعالج بها تلك المعلومات، والإنسان قد حباه الله بقدرة فائقة على التعلم المستمر، لكن أكثر الناس يصرفون حياتهم في تعلم وحفظ معلومات لا تفيدهم في معاشهم، ويكرسون في المقابل وقتاً ضئيلاً لتعلم ما يفيدهم. إن الدماغ لا بد سيعمل، فإن لم نزوّده بالمعلومات المفيدة فسوف يمتلئ بالتوافه ويعمل عليها وتتحوّل حياتنا إلى دائرة من السلبيات، فلا يمكننا تحقيق أي تقدم. روح المبادرة والتفاؤل والتفكير الإيجابي عندما تتصف أفكارنا بالإيجابية ونملك روح المبادرة عوضاً عن السلبية، والتفاؤل بدل العجز والكسل، تثمر جهودنا وتتحقق أهدافنا، ذلك أن كثيراً من فشلنا ينتج من يأسنا وتشاؤمنا ونظرتنا السلبية إلى حياتنا وظروفنا، والإنسان الفعّال هو الذي يعطي الحياة والظروف من حوله معاني الفرح والبهجة والحيوية، وهذه العادة من الإيجابية، ويمكن اكتسابها بتكرار الممارسة، حتى تغدو سلوكا لا غنى لنا عنه. تعلم كيف تخاطب نفسك بطريقة إيجابية ولا تقارنها بالآخرين أو تدعها نهباً لمن يحاولون تثبيط همتك، بل اتخذ لك صديقاً متفائلاً ناجحا، يكون عوناً ودعماً لك, وإذا داهمتك الضغوط فتذكر النقاط المضيئة في حياتك وفكّر في كيفية توظيفها بالشكل الأمثل وتذكّر حالات مشابهة مرّت بك وتمكنت من اجتيازها بنجاح، تذكر أن الفعالية التي تواجه بها أي مشكلة وأنت واثق من نفسك لا تقارن بالضعف الذي تواجهها به وبداخلك شعور غامر أنها مستحيلة الحل، وانتبه إلى أن الثقة بالنفس لا تأتي من فراغ أو من مجرد تمني ذلك، بل لا بد من توافر رصيد في كيانك الفكري والجسدي يؤهبك لها، وروح المبادرة لا تعني التدخل في شؤون الآخرين أو إجبار أنفسنا على القيام بما لا تستطيعه، بل تعني وضع أهداف وخطط متناسبة مع قدراتنا، والعمل على تنمية كفاءاتنا باستمرار، ثم إن الإنسان الفعّال لا وقت لديه للتفكير في الفشل، لأن ما يشغله من تخطيط وعمل لا يدع له مجالاً لذلك.