التقرير الذي أعدّته بعثة البرلمان الأوروبي إلى الأراضي الصحراوية يحمل اتهامات مباشرة للسلطات المغربية بارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان في الأراضي الصحراوية المحتلة، وأحكام قاسية يُصدرها القضاء ضد الناشطين الصحراويين الذين يناضلون من أجل تقرير مصير شعبهم. التقرير ليس الأول من نوعه، لكنه يُقدّم دليلا إضافيا على الهوة التي تفصل مواقف الدول الأوروبية من قضية الصحراء الغربية عن الواقع، كما أن التقرير الذي يُدين السلطات المغربية يفضح الازدواجية التي يتعامل بها الغرب مع قضايا حقوق الإنسان، ولعل تزامن هذا التقرير مع إصدار محكمة الجنايات الدولية مذكرة اعتقال بحق الرئيس السوداني "عمر البشير" يعطي دلالة خاصة لهذه الاتهامات ويضع الحكومات الأوروبية أمام مسؤولياتها مجددا. استخفاف السلطات المغربية بالقانون الدولي، وانتهاكها المتواصل لحقوق الإنسان الصحراوي هي نتيجة منطقية للتشجيع الذي تحظى به السياسة المغربية من قبل دول محورية في الاتحاد الأوروبي وعلى رأسها فرنسا، وهذا الاستخفاف هو جزء من خرق المغرب للشرعية الدولية بالاستمرار في احتلال الصحراء الغربية وحرمان شعبها من حق تقرير المصير الذي أقرّته له الأممالمتحدة بشكل صريح. لقد خلص التقرير الأوروبي إلى نتيجة مهمة للغاية، فقد أشار إلى الوضعية المزرية التي يعيشها الصحراويون في مخيمات اللجوء وقال إن البوليساريو لا تريد أن تضع بنى تحتية جيدة حتى لا تتحول مخيمات اللجوء إلى بديل عن العودة إلى الديار، وهذا الاستنتاج ينسف من الأساس الادعاء المغربي القديم الذي يتحدث عن مواطنين محتجزين في المخيمات، ففي كل الدول التي شهدت نزوحا كانت حياة المخيمات قاسية لكنها شحذت همم الشعوب من أجل الدفاع عن حقوقها المشروعة ومواجهة كل أشكال الظلم والطغيان. إن المغرب يقدّم لمنظمات حقوق الإنسان، المزيد من الأدلة على أنه قوة احتلال، والانتهاكات التي يرتكبها في حق الصحراويين تثبت بشكل قاطع أنَّ لا أحد في النظام المغربي يؤمن بأن الصحراويين جزء من الشعب المغربي.