الكفاءة أصبح مصطلح الكفاءة كثير التداول في كل الميادين التي من بينها الميدان التربوي، وقد اعتمد هذا المفهوم في الأنظمة التربوية للكثير من الدول، مسايرة لمقتضيات التحولات المختلفة وروح العصر، فماذا نعني بهذا المصطلح؟ جاء في لسان العرب قول «حسان ابن ثابت» "وروح القدس ليس له كفاء"، وهنا يقصد «جبريل» عليه السلام أي؛ ليس له نظير أو مثيل، والكفء هو النظير وكذلك المساوي، والمصدر "كفاءة" ويقال "الكفاة"؛ أي الخدم الذين يقومون بالخدمة، والكفاءة للعمل تعني القدرة عليه وحسن تصرفه، كما ورد أيضا في المعجم الوسيط؛ كفاه الشيء يكفي كفاية، بمعنى استغنى به عن غيره، ومنه الكفاءة في النّكاح وهو أن يكون الزوج مساويا للمرأة في حسبها ودينها ونسبها وبيتها وغير ذلك، وفي اللغة الفرنسية نجد ما يقابل الكفاءة هو مفهوم «compétence» وإذا عدنا إلى قاموس اللغة التربوية ل«فولكييه» نجد أن كلمة «compétence» مشتقة من اللاتينية «compétens» من الفعل اللاتيني «compéter»؛ أي الذهاب aller (peter) ومع Cum) ( بمعنى الملائمة والموافقة. إن الكفاءة هي القدرة «capacité»، سواء القانونية أو المهنية المكتسبة لإنجاز بعض المهام والوظائف، وفي قاموس التربية الذي أشرف على إنجازه «ميالاريه قاستون» عام 1979 فإن كلمة «compétence» مشتقة من اللاتينية القانونية «compétencia» والتي تعني العلاقة الصحيحة. إن الكفاءة هي حصيلة الإمكانية «aptitude» أو الاستعداد، والإمكانية هي العلامة على كل ما هو فردي وذي طابع سيكولوجي، من حيث أن القدرة أو المهارة تحيل على تأثير الوسط بصفة عامة والتأثيرات المدرسية بصفة خاصة من خلال إنجازات الفرد. يشوب مفهوم الكفاءة الكثير من الغموض والاختلاف، وقد ذكر العديد من الباحثين في هذا الإطار أنه يوجد أكثر من مائة تعريف لهذا المفهوم، ويلاحظ أن مفهوم هذا اللفظ يختلف باختلاف المرجعية المؤسسة له والمتبناة في تحليله وبنائه، وحسب السياق والمجال الذي يستعمل فيهما، ومن هنا يمكننا القول بأن: - الكفاءة هي مجموعة المعارف والمهارات والاتجاهات اللاّزمة لتنظيم عملية التعليم. - الكفاءة هي مجموع المعارف وإجادة الممارسة وحسن التصرف، حيث تتيح القيام بشكل مناسب بدور أو وظيفة أو نشاط ما. - الكفاءة نظام من المعارف النظرية والإجرائية المنظمة في شكل صور -خطط- ذهنية عملية، تسمح إزاء عائلة من الوضعيات بالتعرف على مهمة مشكلة وحلّها بعمل ناجح. - الكفاءة خاصية إيجابية لدى الفرد، تثبت قدرته على إنجاز مهام محددة. - الكفاءة تمثل ما يقدر الفرد على إنجازه، والحيازة على الكفاءة يعني امتلاك معرفة أو إجادة ممارسة ذات نوعية معترف بها في مجال محدد، والفرد الكفء هو الذي يثيت معرفته أو أنه خبير في ميدان ما. - الكفاءة مجموعة من التصرفات الاجتماعية الوجدانية ومن المهارات النفس الحركية التي تسمح بممارسة لائقة لدور ما أو وظيفة ما أو نشاط ما. - الكفاءات قدرات مكتسبة تسمح بالسلوك والعمل في سياق دقيق، ويتكون محتواها من معارف ومهارات وقدرات واتجاهات مندمجة بشكل مركب، كما يقوم الفرد الذي اكتسبها بإثارتها وتجنيدها وتوظيفها قصد مواجهة مشكلة ما وحلّها في وضعية محددة. - حسب «ROMAINVILLE» فأن الكفاءة تفيد الإدماج الوظيفي للمعارف «LES SAVOIRS»، نتعلم لنعمل «SAVOIR FAIRE»، حيث أن الفرد عند مواجهته لمجموعة من الوضعيات، فإن الكفاءة تمكّنه من التكيّف ومن حل المشاكل، كما تمكّنه من إنجاز المشاريع التي ينوي تحقيقها في المستقبل. - يرى «لوجندر» بأن الكفاءة مهارة مكتسبة بفضل استيعاب معارف وجيهة وبفضل التجربة، وتتمثل في حصر وحل مشكلة خاصّة. - يعرف «روجرس» الكفاءة بأنها مجموعة مندمجة من القدرات التي تتيح بشكل عفوي إدراك وضع من الأوضاع والاستجابة له بشكل يتميّز بالوجاهة نسبيا. - يرى «دولاندشيو» في الكفاءة القدرة على إنجاز مهمة معينة بشكل مرض. - أما «بيكر» و«شوبين» فيعرفان الكفاءة بأن يكون المتعلم قادرا على تطبيق ما اكتسبه عمليا، أي أن يتمكن من تطبيقه على بعض الأوضاع في الحياة الفعلية أو في دراسة لاحقة. - يرى «بيير جيلي» بأن الكفاءة نظام من المعارف المفاهيمية الذهنية والمهارية العملية التي تنظم في خطاطات إجرائية وتمكن في إطار فئة من الوضعيات من التعرف على المهمّة الإشكالية وحلّها بنشاط وفعالية. - الكفاءة هي جملة من المعارف المفاهيمية، المنهجية، المعارف الخاصة بالمواقف والاتصال والتي تسمح في وضعيات خاصة بحل مشاكل وتنفيذ مشاريع، والكفاءة تنهي فترة تكوينية. - الكفاءة هي القدرة على التفاعل بفعالية في وضعية بالارتكاز على المعارف. - الكفاءة هي التحكم في سيرورة أداء نشاط أو مشروع ما، لأن التحكم في الأداء هو القابل للقياس، فالأداء هو المظهر العملي للكفاءة. - الكفاءة نشاط معرفي أو مهاري يمارس على وضعيات. - يستدعي مصطلح الكفاءة مجموعة الموارد التي يقوم الفرد بتعبئتها في وضعية بهدف النّجاح في إنجاز فعل ما، والموارد المجندة لا تكون معرفية صرفة، بل هي متعددة المصادر. - تتموقع الكفاءة في إطار فعل قصدي مرتبط بسياق ما، وهذا البعد المزدوج بقدر ما يجابه الكفاءة بجملة من الضغوط يمكّنها من موارد جمة. - الكفاءة هي أن يوظف الفرد معارف كينونة ومعارف فعل ومعارف استشراف في وضعية معينة داخل سياق معيّن وأنّها دائما تابعة للتصور الذي يحمله الشخص عن وضعية، ويستدعي التوظيف من الشخص تعبئة ناجعة لجملة من الموارد الوجيهة في علاقتها بالوضعية، ويمكن أن تكون هذه الموارد معرفية -معارف-، وجدانية -ميول واتجاهات، كانتماء الوضعية لمشروع شخصي- أو اجتماعية -لمساعدة المدرس والأقران- أو مادية -استخدام الكمبيوتر-، وعلى الفرد أن ينتقي أنجع الموارد وأن يحسن الربط بينها، ونشاط الانتقاء والربط لا يعني تكديس الموارد، بل نسج شبكة عملياتية لموارد منتقاة. - اعتمادا على تلك الموارد يمكن للفرد أن يعالج بنجاح مختلف المهام التي تتطلبها الوضعية، كما عليه أن يجد التمفصل بين مختلف نتائج المعالجة. تفترض الكفاءة أخيرا أن مجموعة النتائج لم تسمح فقط بمعالجة الوضعية بنجاح، بل إنها أيضا مقبولة اجتماعيا، هذه الخاصة المزدوجة تستوجب إدماج البعد الأنقى عند تقييم النتائج. - الكفاءة تعني تعبئة الفرد وانتقائه وربطه لسلسلة من الموارد حتى يعالج وضعية بنجاعة، ثم يلقي نظرته النقدية على نتائج المعالجة التي يجب أن تكون مقبولة اجتماعيا، أمّا التّعاريف التي وردت في مناهج الإصلاح لمفهوم الكفاءة مع الوثائق المرافقة في الجزائر فهي: - إن الكفاءة تعني القدرة على إدماج مجموعة من الإمكانات بتسخيرها وتحويلها في وضعية معينة، وذلك لمواجهة مختلف المشاكل المصادفة أو لتحقيق مهمّة ذات طابع معقد في غالب الأحيان. - الكفاءة مجموعة من معارف فعلية ومعارف وجدانية ومعارف السيرورة -الانتقال من تطور متكامل إلى أكثر كمالا-. - التحكم في سيرورة أداء نشاط أو مشروع ما، لأن التحكم في الأداء هو القابل للقياس، فالأداء هو المظهر العملي للكفاءة. - الكفاءة مكسب كامن عند المتعلم، يبرهن عليها بالممارسة الفعلية عند الحاجة إليها. خلاصة بعد تحليل مجموع التعاريف المقدمة لمفهوم الكفاءة، يمكن استنتاج بعض الملاحظات في هذه النقاط: - هذه التعاريف تتأرجح بين التصور السلوكي الذي يعرف الكفاءة بواسطة الأعمال والمهام «Taches» التي يقدر الفرد على إنجازها والقابلة للملاحظة والتصور المعرفي الذي ينظر للكفاءة كاستراتيجيه ونظام من المعارف يمكن من احتواء وتأطير النشاط. - ما ينبغي أخذه بعين الاعتبار في موضوع الكفاءة، ليس السلوك كانعكاس عضلي، غدي، حس حركي، بل السلوك كنشاط ومهام ذات مغزى. - الكفاءات تشكل مجموعات مهيكلة تتفاعل عناصرها وتتداخل مكوناتها وتنتظم حسب تسلسل معيّن للاستجابة لمقتضيات الأنشطة التي ينبغي إنجازها. - تتجسد الكفاءة في الذهن في شكل خطط -عمليات عقلية تنظم وترتب عناصر الوضعية لحلّها- - تتكون الكفاءة من قدرات مندمجة متعددة. - وظيفية الكفاءة بمعنى أنها تجند لمواجهة وضعية مشكلة وحلها بنجاح.