ورد في الحديث الصحيح عن «ابن عباس» رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم مرّ على قبرين فقال عن الميتين فيهما "إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير، أما أحدهما فكان لا يستتر من البول، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة"، ثم أخذ جريدة رطبة فشقها نصفين ثم غرز في كل قبر واحدة، قالوا "يا رسول الله، لم صنعت هذا؟"، قال "لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا"، وقال العلماء بأن وضع الجريد الرطب على القبور عند الدفن أو في العيدين أمر غير مشروع، وأضافوا أن أصحاب هذا الفعل هم أحد طائفتين: إما طائفة أهلها جهلة أو فئة ضعفت همّتها في إحياء السنن وإماتة البدع، ويعتبر أهل العلم وضع الجريد على القبر من خصائصه صلى الله عليه وسلم، فالنبي الكريم لم يكن يضع الجريد على كل قبر، وإنما وضع الجريد على هذين القبرين، حيث علم أنهما يعذبان، فمن وضع الجريد على قبر أخيه المسلم الميت فقد أساء الظن فيه، وجنى عليه حيث افترض عذابه. قال «أبو سليمان الخطابي» رحمه الله "وأما قوله: لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا، فإنه من ناحية التبرك بأثر النبي صلى الله عليه وسلم ودعائه بالتخفيف عنهما، وكأنه صلى الله عليه وسلم جعل مدة بقاء النداوة فيهما حداً لما وقعت به المسألة من تخفيف العذاب عنهما، وليس ذلك من أجل أن في الجريد الرطب معنى ليس في اليابس، والعامة في كثير من البلدان تفرش الخوص في قبور موتاهم، وأراهم ذهبوا إلى هذا، وليس لما تعاطوه من ذلك وجه"، وفي "أحكام الجنائز" للشيخ «الألباني» رحمه الله، بيَّن أن وضع الجريد على القبر كان خاصا به صلى الله عليه وسلم وأن التخفيف لم يكن من أجل نداوة شقها، وقال "وأنه لو كانت النداوة مقصودة بالذات لفهم ذلك السلف الصالح ولعملوا بمقتضاه ولوضعوا الجريد والآس ونحو ذلك على القبور عند زيارتها، ولو فعلوا لاشتهر ذلك عنهم، ثم نقله الثقات إلينا، لأنه من التي تلفت نظر وتستدعي الدواعي نقله، فإذا لم ينقل دل على أنه لم يقع وأن التقرب به إلى الله بدعة".