حسناء شعير رأى عدد من الباحثين والأساتذة الجامعيين العرب أن المنظر والمفكر التركي فتح الله كولن أسهم بنظرياته في إنقاذ تركيا من الانقسام والتشرذم وحالة التشظي التي كانت تعيشها في فترة الخمسينيات إلى غاية السبعينيات. ووقف الأساتذة المحاضرون الذين جاؤوا من اليمن والسودان ومصر وتركيا وعدد من الدول العربية والإسلامية للمشاركة في الندوة الفكرية التي نظمتها مجلة “حيراء” التركية ليلة أول أمس ب”ديوان رياض الفتح” في العاصمة، عند أهم ما دعا إليه كولن من خلال عرض أربعة كتب تلخص نظريات المفكر التركي وفلسفته الاقتصادية التي يرفعها دائما تحت شعار “الفكرة لا تنبت ولا تثمر إلا إذا تحولت إلى مشروع”. وتناوب المتدخلون من خلال قراءاتهم لكتبهم التي ركزت على مسيرة رجل الفكر فتح الله كولن، حيث استعرض مدير “معهد المناهج” الجزائري محمد بابا عمي كتابه “أرباب المستوى الأكاديمية باعتبارها جماعة علمية”، فيما استعرض الدكتور سليمان عشراتي كتابه “هندسة الحضارة تجليات العمران في فكر فتح الله كولن”، فاسحا بعدها المجال للدكتور فؤاد البنة من اليمن الذي لخص كتابه “عبقرية كولن بين قوارب الحكمة وشواطئ الخدمة”. ووصف فكر كولن بالعبقري والمستنير، وقال إنه جمع بين المحافظة على الأصالة مع الأخذ كل جوانب المعاصرة، فكان له أن نقل تركيا من حالة “الغثائية” إلى حالة “الفاعلية” بعيدا عن الشعارات. ويرى الأستاذ سليمان عشيراتي أن “كولن” عالم مسلم ذو توجه “كوني” أخذ من الإنسانية، وذلك من خلال قناعات روحية ودينية وفلسفية، فهو ابن الأناضول حيث ترعرع وتشبع منها بالتصوف الذي تدعو جذوره إلى الأخوة الإنسانية. من ناحية أخرى، قال عشيراتي إن كولن جمع بين خلاصة التصوف بالإضافة إلى العقلنة القرآنية والعقلنة الغربية المعاصرة، مضيفا، استنادا إلى كتابه “هندسة الحضارة تجليات العمران في فكر أبو الإسلام الاجتماعي كولن” أن هذا المفكر “رجل جعلته تركيبته المعرفية والثقافية إنسانا كونيا يتحدث عن تركيا لكن مشاربه وأهدافه وإصلاحاته كونية؛ فهو إنسان عالم يستهدف الآن من قبل الدارسين والمخابر والأكاديميات.. ذلك لأنه تميز بفكر عملي تطبيقي ويقول إن الفكرة لا تنبت ولا تثمر إلا إذا تحولت إلى مشروع، وهو ما يميزه عن باقي الأساتذة والدعاة المسلمين الذين يرجحون كفة الكلام والتنظير والوعظ على كفة العمل والاستثمار”، على حد تعبيره.