علمت “البلاد” من مصدر عليم أنه تمت إحالة ملف الأشخاص المشتبه في تورطهم في ملف قطاع البناء والتعمير لولاية الشلف على محكمة جنح سيدي امحمد بالجزائر العاصمة، وقد تم الاستماع إلى ما يقرب 30 شخصا بينهم مهندسون وتقنيون ومقاولون ومكاتب دراسات ومديرون سابقون للقطاع نفسه. وتبرز المعطيات المتوفرة أن قاضي القطب الجزائي الذي حقق في الملف طيلة خمسة أشهر، استدعى ما يناهز 56 شخصا بينهم متهمون وشهود في قضية الحال التي تتباين المعطيات حول هوية مفجرها بين رسالة مجهولة وردت للمصالح الأمنية شهر أفريل سنة 2012 وبين شكوى رسمية من إدارة القطاع، وقد توزعت التهم التي وجهها قاضي القطب الجزائي بين مخالفة قانون الصفقات العمومية وإنجاز مشاريع دون استشارات قانونية والتزوير في محاضر الفتح والتقييم وسجلات رسمية أخرى، بدءا بسبعة مقاولين بينهم مقاول معروف في الولاية اعتاد على احتكار مشاريع القطاع في السنوات الأخيرة لنفوذه القوي في القطاع، ونسب تهم منح امتيازات غير مبررة لموظفين بلجنتي العروض والصفقات العمومية في مديرية البناء والتعمير، وتفيد المعلومات الواردة إلينا، أن القاضي المتخصص في الشؤون الجزائية استند تحقيقه مع مجموعة الأشخاص المشتبه بتورطهم في الملف إلى جملة من التقارير التي أعدتها لجان تفتيش وتحقيق عن المفتشية العامة للمالية، والتي تكون قد أزاحت النقاب بعض الشيء عن سلسلة من التجاوزات أهمها حصول مقاولين على مشاريع تنموية بالتراضي دون احتكام المصالح الرسمية إلى قانون الصفقات العمومية وبالخصوص الشق المتعلق بمنح الملاحق المكملة للمشاريع ذاتها. في السياق ذاته، لفت المصدر إلى أن معظم المشاريع محل شبهات أنجزت بطرق مخالفة للقانون وأن المقاولين المحظوظين في احتكار هكذا مشاريع لم تكن تتوفر لديهم دفاتر شروط لتبرير أشغال التهيئة التي حصل عليها بعضهم. كما تبينه بعض التحقيقات المنجزة في مشاريع المدن الجديدة على مستوى الثلاث أهمها مدينة الشطية على بعد 10 كيلومترات شمال عاصمة الولاية وكذا مشاريع مماثلة بحي المدينةالجديدة ببن سونة غرب مدينة عاصمة الولاية. وأبرز المصدر نفسه، أن قاضي القطب الجزائي طالب بتبريرات مقنعة للأشغال المنجزة في المدينةالجديدة وذكر على وجه الخصوص أشغال الصرف الصحي والتهيئة الخارجية في شطرها الأول، وهي المشاريع التي تسيل لعاب العشرات من المقاولين في القطاع لقوة أرباحها وعدم تكليفها متاعب كبيرة للمقاولات المختصة في أشغال التهيئة. وتفيد مصادر تشتغل على الملف الشائك، أن الاتهامات وجهت لمديرين اثنين أشرفا على القطاع في الفترة الممتدة بين 2008 و2010، أي قبل مجيء المدير الحالي الذي يخوض أشرس الحروب الإدارية مع المجموعة المستدعاة للعادلة وإسهامه بدوره في تعفن القطاع الذي يعيش أسوأ أيامه. كما نسبت اتهامات لرؤساء مصالح ومكاتب ومنسقين بالمدينةالجديدة ببلدية الشطية ونحو 5 مكاتب دراسات و7 مقاولين يشتبه بضلوعهم في تكبيد الخزينة العمومية خسائر بالجملة. وتشير مصادر محلية كذلك، إلى أن معظم الإطارات المستدعين أمام محكمة سيدي أمحمد بالجزائر العاصمة، وجهوا أصابع الاتهام للمدير الحالي وحملوه مسؤولية هذه المتاعب القضائية وما ينتج عنها. واعتبر أحدهم هذا المسلسل تحصيل حاصل للإضراب الأخير الذي شنه إطارات القطاع المطالبين برحيله من المديرية لعدم تصرفه بطرق لبقة معهم في الاجتماعات وعدم توقفه على رشق بعضهم بتهم خطيرة كقبض عمولات والقيام بتقديم تسهيلات مشبوهة لمقاولين مقابل امتيازات على حساب سمعة القطاع.