حينما قررت “موبيليس” أن تكون تأشيرة سفرنا إلى جنوب إفريقيا باتجاه ما يسمى ببلاد نيلسون منديلا كان يخالجنا شعور غريب بأننا سنعيش رحلة مع الأفارقة فماذا يوجد في القارة السمراء غير أصحاب البشرة السمراء والألبسة الغريبة التي كنا نتخيلها أنها شبيهة بالهنود الحمر، لكن وبمجرد أن حلقت بنا الطائرة حدود المكان حتى غشانا نوعا من السحر، كانت الساعة تشير إلى العاشرة صباحا حين وصولنا وكان لا بد أن نستريح وسط التعب الذي نال منا بعد عشر ساعات من التحليق من أقصى شمال إفريقيا إلى أقصى جنوبها، ولأن “موبيليس” كانت بساط الريح الممتد بين العاصمة الجزائرية حيث تركنا الجو باردا والسماء ممطرة وبين جوهانسبورغ، حيث الشمس الساطعة واللون المذهب لها، فإن وصولنا بعد قضاء الليل في السماء كانت أضاءته “موبيليس” التي دوت سماء جوهانسبورغ ب “وان تو ثري فيفا لالجيري”، ولنا أن نتخيل مطار يعج بالأفارقة الذين وصلوا لمؤازرة فرقهم الرياضية المشاركة في كأس إفريقيا تتوسطه “موبيليس” عبرها يحدد الجزائريين وغير الجزائريين ممن حطت بهم الطائرة سواء من حيث الألوان التي ارتدوها أو الأغاني التي كانوا يرددونها، فعبر “موبيليس” لا يمكنك أن تتوه ولو كنت ضائعا. فقط اضغط على الرقم واختر “موبيليس”.. تجد الأمان وتجد الطريق.. لا يختلف اثنان أن رحلة موبيليس لوفدها الصحفي رحلة غير عادية، ولم تكن زيارة بسيطة وسياحة تعودنا عليها ولكنها كانت رحلة لمساندة الفريق الوطني أولا والتعرف على الدولة الأكثر تقدما في القارة السمراء، بالإضافة إلى أنها تحمل معلم زمني وتاريخي وعالمي هو الرجل الذي حارب العنصرية نيلسون منديلا رحلة إذن من زمن إلى آخر ومحطة أعدمت معنى الوقت واختزلت التاريخ في نقطة امتزاج بين الماضي والحاضر ومؤسسة موبيليس “التي كانت رحلة التواصل إلى هناك حيث جمال الطبيعة وقداسة المكان وروعة الوجود وكان اختيارها محطة من محطات الجمال وكانت تدري أي سحر هناك لتهدي للصحفيين الذين انبهروا بآيات الله في الجمال.. “موبيليس” هذه المرة تجاوزت حدود الاتصال العادي لتنقلنا من التواصل العادي إلى التواصل الزمني حيث السحر والجمال والروعة والكرم. منح فريق “موبيليس” للصحفيين والمناصرين في آن واحد عالم آخر ورحلة فيها ألف قصة وقصة.. ورحلة استنشقنا عبيرها في كل موطئ مررنا به فلكل مكان في بلاد نيلسون منديلا قصة وواقعة وجذور حكاية قديمة تمزج بين الأسطورة والحقيقة.. فإلى الرحلة.. زيارة عرضنا فيها أجسادنا للشمس الذي رص على المنطقة، مما زادها إشراقا وجمالا كما ألقينا بأقدامنا في أكبر حظائر الحيوانات التي تعرفنا فيها عن أنواع لا نراها إلا في الأفلام أو القصص القديمة. بمجرد أن نزلت بنا الطائرة في جوهانسبورغ في حدود العاشرة صباحا أدركنا أن جنوب إفريقيا لا تمت بصلة مع القارة السمراء إلا من حيث لون البشرة أو تسمية البلد وأدركنا أيضا لماذا يقال عنها إن اقتصادها هو الأكبر والأكثر تطورا بين كل الدول الإفريقية، يتعانق فيه الأبيض مع الأسود فتتمخض عنه بلاد رائعة مدهشة هي جنوب إفريقيا.. انطلقنا في رحلة على أنغام “وان تو ثري فيفا لالجيري” من مطار جوهانسبورغ إلى فندق سنتريون لايك وسط منطقة مسحورة لم تفك طلاسمها بعد… سكنات متناسقة موشاة بنحت فريد.. وبناءات لا يضاهى يتباين في عبقها كل من المستوطنين الهولنديين (المعروفون باسم البوير أو الأفريكانز) والذين أنزلتهم شركة الهند الشرقية الهولندية وأقاموا جمهورية مستقلة في منطقة الكاب. وبريطانيا بعد جلاء الهولنديين. لاحظنا طيلة طريقنا إلى الفندق أن البنية التحتية الحديثة موجودة في كل أنحاء البلاد تقريباً، فعلق أحد الصحفيين أن بريطانيا لم تبخل على جنوب إفريقيا ببناءاتها، متسائلا لماذا لم تفعل بالجزائرفرنسا نفس الشيء بل تركتها مدمرة. جنوب إفريقيا تتمتع بتراث ثقافي عريق ازدهرت به على مدى القرون الماضية. كما تفخر بثروة هائلة من التراث الحضاري التي ازدهرت بها على مدى القرون الماضية كما تمثل الجسر الثقافي الحضاري الذي يربط سكان جنوب إفريقيا الذين ينقسمون حسب نظم التفرقة العنصرية إلى مجموعتين: البيض وغير البيض. بالإضافة إلى الأقلية البيضاء من سكان جنوب إفريقيا من عناصر أوروبية هاجرت إلى جنوب إفريقيا أثناء احتلال هذه المنطقة، ومن العناصر البيضاء هولنديون، وألمان، وبريطانيون، وفرنسيون، هذا الخليط من العناصر أطلق على نفسه الأفريكان فخلق قومية جديدة من هذا الشتات، يتحدثون لغة مشتقة من الهولندية ممزوجة بكلمات ألمانية وإنجليزية أطلقوا عليها اللغة الأفريكانية. كما يتكون الأفريقيون، وهم الأغلبية من البانتو، من مجموعات عديدة منها مجموعة نجوني، ومجموعة تسونجا، ومن المجموعة الأولى السوازي، وشعب الزولو، وكان الزولو أمة مرهوبة الجانب قبل الاستعمار الأوروبي، ومن المجموعة الثانية قبائل تسونجا، ورنجا وتسوا، وإلى جانب المجموعتين السابقتين جماعات فندا، والسوتو، وهكذا تتعدد قبائل البانتو. أما العناصر الملونة فتشكلت من خليط عن تزاوج بين الهونتنوت وهم عنصر إفريقي بالأوروبيين الأوائل، وخليط نتج عن تزاوج بين الآسيويين والأوروبيين، وتتكون العناصر الآسيوية من المهاجرين إلى جنوب إفريقيا تحت “سخرة” العمل من الماليزيين والهنود والباكستانيين. فجنوب إفريقيا إذن هي البوتقة التي انصهرت بها الثقافات والأفكار والفلسفات العديدة لتخلق بلداً يتجدد جماله الخلاب على مر السنين. في اليوم الموالي استيقظنا بفضول كبير للانطلاق في رحلات نظمتها “موبيليس” للوفد المرافق لها إلى بلاد منديلا وعرف وفد الشركة كيف يشعرنا بالرغبة في التفطن أكثر لتذوق أسرار تحاكيها ببلد ما يلقب بأورانج الحرة لا يفك ألغازها إلا عليم بأن جنوب إفريقيا تداول عليها الاستعمار. وكانت “موبيليس” وحدها من تصنع يوميات مناصرين تنقلوا بقوة من الجزائر إلى جوهانسبورغ لمساندة فريقهم الوطني لا لغة لهم إلا “موبيليس” التي تحدد وجهات قوافلهم وتمنع عنهم الضياع ولأن “موبيليس” فوق تحاكي السماء فإن “المتعامل التاريخي ” نافس في السطوع “ام تي ان” جنوب افريقيا بخدمات التجوال الدولي لتحجز لها مكانا في سماء النهار والليل معا ومع المتعامل “موبيليس” فهمنا معنى أن تتكلم بكل حرية في أقصى جنوب إفريقيا ويكون لها لغة تحمي التائهين وتقرب البعيدين. استيقظنا صباح الجمعة مبكرين بنسمة جمال الطبيعة المتألقة تحت سماء ربيعي لنتوجه في رحلة استكشافية نحو “بريتوريا ” التي تبعد عن مكان إقامتنا.. تعتبر بريتوريا الواقعة في الجزء الشمالي من منطقة غاوتنغ العاصمة الإدارية لجنوب إفريقيا. وتتمتع بمناخ دافيء مشمس ويربو عدد سكانها عن المليون وتوفر بريتوريا أماكن جذب سياحي تلبي احتياجات مختلف أنواع الزوار، ومن السهل الدخول إليها من جوهانسبورغ. وسواء كنت من عشاق الطبيعة أو التاريخ فإنك حتماً ستجد مبرراً قوياً لإضافة بريتوريا إلى برنامج زيارتك لجنوب إفريقيا. ويستمتع محبو الطبيعة باستكشاف تشكيلة من أماكن الجذب الطبيعية في بريتوريا وعلى سبيل المثال تحتضن المدينة حدائق الحيوانات الوطنية الجنوب إفريقية العالمية. وعرفت “موبيليس” كيف تلون أضخم حديقة حيوانات في البلاد بالألوان الوطنية وتدوي سمائها بأغاني جزائرية على عربات إفريقية تجول المناصرين في أحواضها المائية والحظيرة الكبيرة واكتشفوا الشباك لتربية الطيور وحديقة للزواحف وقسم خاص بالقردة. كما تحتضن بريتوريا محمية أوستن روبرتز للطيور ومن أماكن الجذب الأخرى التي تستهوي محبي الطبيعة متحف ترانسفال للتاريخ الطبيعي الذي يضم مجموعات من الأحافير والثدييات والزواحف والبرمائيات والطيور، ويعتبر السفر إلى بريتوريا تجربة عظيمة لعشاق الزهور، حيث تحتضن هذه المدينة حدائق بريتوريا النباتية الوطنية وعدد من الحدائق الأصغر حجماً، وإذا كنت تخطط لزيارة بريتوريا في الربيع ستعرف على الفور لماذا أطلق على بريتوريا مدينة الجكاراندا (شجرة ذات زهور بنفسجية كثيفة). فأثناء الربيع تتفتح زهور أكثر من 000 .70 شجرة جاكاراندا تلف المدينة بملاءة بنفسجية فاقعة . ووقف مناصرو الفريق الوطني عند المواقع التاريخية مثل قلاع بريتوريا وتمثال فورتريكر وحديقة الحرية وبيت ميلروس الذي وقعت فيه اتفاقية فيرينغن في 1901 والتي انتهت بموجبها حرب البوار (الهولنديين) والإنجليز. ويمكنك أيضاً زيارة ساحة الكنيسة التي تشكل الآن المركز الإداري للحكومة والمسكن الذي ضم الرئيس الهولندي بول كروغر الذي عاش من 1884 إلى 1901 وتحول الآن إلى متحف وصرح ثقافي وطني. ومن بين عناصر الجذب التاريخية الأخرى في بريتوريا متحف التاريخ الطبيعي القومي الذي يطلق عليه نافذة إفريقيا. وبعد زيارة أماكن الجذب الطبيعية والتاريخية يمكن للزائر الاستمتاع بالتسوق وتناول المأكولات الشهية والحياة الليلية. ويمكن الوصول إلى بريتوريا بسهولة من المدن الجنوب إفريقية الأخرى، حيث تبعد 30 ميلاً عن جوهانسبيرغ، ما يجعل الجولة إلى بريتوريا ملائمة لأي إجازة تقضيها في جنوب إفريقيا. ويمكنك أن تختار بين الوصول بالقطار إلى بريتوريا أو بطريق السيارات البري. ويعد مطار تامبو إنترناشونال هو المطار الرئيسي في جوهانسبورغ الأقرب إلى بريتوريا . كان أنيسنا الوحيد هذا الكرم الذي جادت به الطبيعة من غير شح أضاف إليه سكان البفانا بفانا كرم الضيافة وحسن الاستقبال من غير تكلف ولا مراء وفتحوا لنا خزائن و كنوزا من الإبداع الثقافي والرقصات الشعبية في الملاعب وفي مطبخ فندق سنتريوم، وفي الجملة لم يكن منظم الرحلة بحاجة إلى تذكير الزوار وقافلة الصحفيين بما استحقت لأجله جنوب إفريقيا من ألقاب الجمال عن جدارة وبدون منازع وكانت الرحلة وكنا المبهورين بالسحر وعالم السحرة.. وفي اليوم الثاني من الزيارة تهيأنا بعد الفطور للذهاب إلى ملعب روستومبورغ في ساعة من الهاجرة كانت أشد على بشرتنا القمحية، فأشفقنا منها على البشرة البيضاء للسياح الأجانب، لكن التشوق لرؤية الفريق الوطني أنسانا حرارة اليوم في أول عناق لنا مع الطبيعة الساخنة وارتمينا في حضنها الدافيء انطلقنا بعد الإفطار بالمنطقة يحفزنا الفضول وتغرينا الرغبة في اكتشاف أجواء الملاعب فأنسانا ما صادفنا من الرقصات الافريقية ممزوجة بالأغاني الوطنية خسارة الفريق الوطني، جعلت للجمال لسانا ناطقا بحالها أنسانا ما يوافق عادة الحل والترحال من تعب وإعياء، بل شغلنا عن بعضنا البعض وكانت الطبيعة قد ألقت بحبال سحرها تغري كل واحد منا على انفراد وتغازله في نجوى عاشقين لا ثالث لهما بلغة صامتة كلماتها تشكيلات من الصخور التي تحكي أزمنة الأرض بعد أن دحاها مبدعها وتشكيلات متقلبة تروي على مكث فعل الزمان في أوتاد الأرض ونجودها وبين هذه عدنا للعشاء بفندق سنتريوم بعد حفل ساهر أحياه المناصرون في الحافلات التي تنقلنا على بعد 140 كيلومتر من الملعب إلى الفندق. الذهب والألماس لمن يريد و”البورطابل” لمن استطاع إليه سبيلا المهم أن هذا البلد أكبر من أن تختزله رحلة ليحكم على بهائه وثرواته وانجازاته.. فبالإضافة إلى الرحلات الأخرى تجول المناصرين في مركز سنتريوم مال واقتنى كل واحد ما لذ له وطاب، علاوة عن اكتشاف محلات الذهب والألماس واغتنام فرصة “الصولد”، حيث كانت الفرصة التي لا تعوض للمناصرين لاقتناء الذهب والحلي ودخول أكبر المراكز التجارية لبيع الماس والذهب * ألو “موبيليس ” نحن مغتربون؟ في الفندق وطيلة تواجدنا هناك كان الهاتف رقم واحد في التغطية بجنوب إفريقيا.. ومن غير أن نسأل عرفنا أنها “موبيليس” من كانت تؤنس غربتنا طيلة 11 يوما من التنقلات بين المواقع السياحية والملعب. وقبل الرحيل لم يجد الوفد الزائر ما يعبر به من مشاعر السعادة والابتهاج لما لقوه من “موبيليس” سوى التباري بدورهم على التقاط الصور في معالم جنوب إفريقيا التي يكون جملها قد ارتسم بمخيلتهم قبل أن تخلده الصور * المدير العام ل”موبيليس” وخادم الرجال “سيدهم” لدى مغادرتنا في حدود منتصف الليل مطار هواري بومدين، تحمل المدير العام ل”موبيليس” ساعد داما مشقة السهر معنا وتوديعنا واحدا واحدا وعرف كيف ينزع التعب عن الوفد الصحفي، حيث أصر على تبادل أطراف الحديث مع الصحفيين بالمطار.. وفي النهاية ماذا أوصلت “موبيليس” لوفدها الصحفي من رسائل، غير أن المتعامل الوطني أكبر من أن تحده صورة أو شكل معين فأينما تذهب تجده “متعاملا” سواء في البحر أو الرمل.. والمهم أن فريق “موبيليس” أفلح في أن يصنع حدث وحديث الليل حينما فك العزلة عن سكان بريتوريا وجوهانسبورغ بعدما أنزل لهم وفدا صحفيا من كافة العناوين ليعطي صورة عن الجزائر المغيبة وعن ألوانه.