من موقعه كلاعب محترف يعرف جيدا متى يسكن الكرة في عين فرعون وفي الشيطان ومتى يقذفها خارج الملعب كصدقة جارية يستفيد منها الخصم المحتاج إلى إحسان ذوي البر، اختار الوزير الأول أحمد أويحيى أن يقطع صمته وصمت الدولة على مهاترات ''دولة'' الرئيس بمصر، ليخبرهم ببساطة بأن ''الدولة'' عندنا لا تسقطها ''مباراة'' كرة، ولا ترفع قيمتها مهاتفة ليلية من فخامة الرئيس لمطرب غوانٍ دخل التاريخ حينما خرج الرئيس منه، بعدما أرّقت مضجعه صرخة ''واكرتاه'' فحول سيادته الرئاسة المصرية إلى ميكرفون ما يطلبه المستمعون.. رسالة أويحيى كانت واضحة، فالجزائر دولة تحكمها أعراف وقيم الدول التي لا يمكنها أن تجرها إلى ''سفاسف'' الأمور، والفرق كان واضحا جدا بين ''دولة الرئيس'' عندهم و''رئيس الدولة'' عندنا، فبوتفليقة تفرج على المباراة كأي مواطن جزائري وبعدما انتشى بالنصر نام ملء جفونه ليواصل عمله العادي في اليوم الموالي. أما دولة الرئيس عندهم، فإنها أقامت الدنيا وأم الدنيا وبنات عمها من أجل مباراة كرة، شلت مدارك ''دولة الرئيس'' وآل ''دولة الرئيس'' ومن ساروا وسكروا في فلكهم.. أويحيى صفّر لنهاية المباراة وقال لمصر في كلمتين مشفّرتين ما يحتاج شرحه إلى حملات وخبراء ومحللين من كل الأجناس ليفككوا الرسالة الواضحة والمختصرة في أن الجزائر ظلت ولاتزال ''دولة'' في تعاملها مع جنون البقر المصري. أما جماعة الضفة الأخرى، فإن أقصى ما فعلوه من خلال منابرهم ومعابرهم أنهم أثبتوا أن ''أم الدنيا'' تحتاج لأن تكون ''دولة''، بدلا من أن تظل ملعبا في دولة أبناء فخامة الرئيس.