قبل 17 سنة وفي مثل هذا اليوم كتبت عمودا تعليقا على عودة بوضياف من منفاه في المغرب بعد غربة طويلة إن بوضياف الثوري هذا سيكون ضيفا سواء بقي في الشتاء أو في الصيف! وهو كلام لم يعجب بالطبع دوائر القرار آنذاك رغم أن كل شيء يوحي بأن الرجل مجرد ديكور رئيس مغرر به جيئ به كرجل نجدة من صحراء قاحلة أو بادية هالكة لكي يكون رئيسا ونص حين كانت الدولة نفسها تعاني فراغا دستوريا بسبب إقالة الرئيس (الشاذلي) أو استقالته كما يقول هو وهيجانا داخل صفوف الحزب المحظور فلا يكون مصيره بعد شهور إلا رصاصة وهو الانتقال إلى الدار الآخرة بواسطة رصاصة من فعل معزول غير مجهول ! المرحوم بوضياف الذي مازال يقدم على أنه كان عدوا مبينا للإسلاميين وهو ليس كذلك بدليل أنه رمى أحد بارونات التهريب في الحبس (الحاج تبو) رفع طيلة حكمه القصير شعار... ''ها أنا أمد يدي إليكم!'' ولكنه حين بدأ يمد يده دون أن يحسب العواقب عوقب، بما لم يعاقب بمثله أحد لا قبله ولا بعده، والمهم أن كل الذين جاءوا بعد بوضياف أثبتوا بأن ''السيستام'' هو الوحيد غير القابل للتغير أو التغيير. مهما كانت نوعية الشخصيات التي تحكم. زروال الذي كان آخر رئيس محسوب على العسكر رفع طيلة حكمه شعار الوثبة الوطنية، وإن لم يحدد لنا بوضوح نهاية هذه الوثبة مقارنة مع حمروش مثلا، رئيس الحكومة الأسبق الذي قال معلقا عن إصلاحاته أن أغنى واحد فيها سيكون مالكا لبيت! ولكنه اضطر تحت خلفيات قضايا الفساد تورط فيها مقربون منه إلى رمي المنشفة أو إنهم رموها له. وعندما يأتي بوتفليقة إلى سدة الحكم على اعتبار أنه الأحسن ضمن الأسوأ وأكثرهم خبرة ومعرفة بأسرار النظام، فإن دوره كرئيس في تغيير السيستام مازال مثار جدل، خاصة أن كثيرا من المسائل المرتبطة بدولة القانون، واحترام الحريات العامة والتعددية السياسة والنقابية والإعلامية بقيت تراوح مكانها! وعندما يثبت الواقع بأن ''السيستام'' هو الحقيقة الوحيدة غير القابلة للتغيير، ولو تغير الرؤساء، وعاد بعض المسؤولين إلى ديارهم (في الدنيا وفي الآخرة)، فإن انتظار أي تغيير ولو كان بسيطا أمر فيه إن. فجميع القرارات، سيما تصورنا بعدها الوطني وحتى الثوري تصب دائما في شاشية السيستام. فلا يتجدد ولا يتبدد كما يقول صاحبنا أزراج عمر وهو يتحدث عن الأفلان.. بل يتمدد!