أمر قاضي التحقيق لدى محكمة الحجار الابتدائية أول أمس الخميس بإيداع كل من رئيس بلدية البوني، ورئيس فرع مديرية السكن والتجهيزات العمومية رهن الحبس المؤقت، وذلك بعد توقيفهما من قبل فرقة مكافحة الفساد التابعة للمركز الإقليمي للبحث والتحري في حالة تلبس بتعاطي رشوة من أحد المقاولين. وذكرت مصادر موثوقة ل''البلاد'' أن وحدات الأمن العسكري ألقت القبض على ''مير'' البوني الذي ينتمي لحزب جبهة التحرير الوطني، بعدما ضبطته متلبسا بتلقي رشوة على بعد أمتار من مقر البلدية، حيث تسلم كيسا بلاستيكيا يحتوي على مبلغ 10 ملايين سنتيم، كان قد طلبها من المقاول (ل.ح) المتخصص في أشغال البناء كشرط لتسوية وضعيتة المالية وتمكينه من مستحقاته التي تجاوزت 700 مليون سنتيم بعد قيامه بإنجاز مشروع ببلدية البوني. ولم تمض سوى لحظات قصيرة حتى سقط المدير الفرعي للسكن والتجهيزات العمومية الذي يقطن ببلدية البوني في كمين مماثل نفذه بإحكام المقاول نفسه بتنسيق مباشر مع الفرقة الأمنية ذاتها، إذ لم يتردد المدير الفرعي في تعاطي رشوة لا تتجاوز قيمتها 3 ملايين سنتيم نظير تأشيره لتسهيل صرف مستحقات أشغال مشروع أقامه المقاول منذ أشهر بإقليم الدائرة. وقضى الموقوفان ليلة الأربعاء إلى الخميس بالناحية العسكرية الخامسة في ولاية قسنطينة للرد على أسئلة واستجوابات فريق التحقيق الأمني حول الحادثتين بعد تطابق الأرقام التسلسلية للأوراق النقدية التي تم تصويرها مسبقا مع المبالغ المالية الحقيقية التي استلماها من المقاول المذكور قبل إحالتهما على نيابة محكمة الحجار صبيحة يوم الخميس المنصرم. ويشهد المجلس البلدي بالبوني منذ أشهر حالة غليان نتيجة الصراعات التي تميز علاقة ''المير'' مع النواب والمنتخبين وصلت إلى حد اتهامه صراحة، وفي دورة مفتوحة، من قبل بعضهم بالفساد والرشوة وحتى التزوير لصالح المقاولين والقفز على قانون الصفقات العمومية لإسناد المشاريع والصفقات لمقاولين محسوبين على حاشيته كقضية مؤسسة ''كوزار'' للأشغال العمومية التي كلفت بتجديد الإنارة العمومية لمنطقة ''لعلاليق'' وسلمت المشروع دون احترام المعايير التقنية المعمول بها في هذا المجال وخرقها مضمون دفتر الشروط، لكنها تقاضت مستحقاتها بطريقة مستعجلة أثارت تساؤل وحتى تنديد أغلب المنتخبين دون أن تتحرك الوصاية لتصحيح الوضع. ولايزال قطاع واسع من المنتخبين يطالب بتسليط الضوء على كل الصفقات التي أبرمها المجلس في كل القطاعات، خاصة في مجال النقل والبناء والأشغال العمومية لما يشوبها من غموض، ناهيك عن ملف استفادة عشرات البطالين من عقود عمل في إطار ''الدوام الجزئي'' وزعت بطريقة غير شفافة. وكانت كل محاولات سحب الثقة من رئيس المجلس الشعبي البلدي تنتهي إلى طريق مسدود بعد تدخلات وضغوط يمارسها محافظ جبهة التحرير الوطني الذي لم يتوان في كل مرة عن توجيه تهم ''التشويش'' و''عدم الانضباط'' للمنتخبين المعارضين للقرارات الفردية التي يتخذها ''المير''، ووصل به الأمر إلى حد اعتبار هذا الأخير نموذجا في الشفافية والتسيير الفعال للمجلس البلدي. غير أن مواقف أمين المحافظة التي يجهر بها في الجمعيات العامة للمناضلين فجرت مؤخرا ''زلزالا'' في الهيئة التنفيذية لبلدية البوني بتسجيل حملة استقالات في صفوف النواب منهم النائب المكلف بالأشغال، والنائب الأول لرئيس المجلس المكلف بالإدارة والمالية الذي وصف أداء المجلس على مدار العامين الماضيين بالضعيف، مشددا في مراسلة وجهها إلى الوالي وجهاز القضاء على استحالة العمل مع رئيس البلدية الذي يواجه عدة قضايا أخرى متعلقة بالتحرش الجنسي واختلاس قفة رمضان. ومن المنتظر أن يحاكم رئيس البلدية في الملفات المتابع بها أمام محكمة برحال بدل محكمة الحجار مثلما تنص علية التشريعات المنطمة لمقاضاة المنتخبين. كما حمّلت أوساط حزبية من جبهة التحرير الوطني مسؤولية الأداء الضعيف والانحدار الذي يطبع عمل المجالس المحلية في ظل فضائح الفساد التي تهز حاليا بلدية البوني ثاني أكبر بلديات الولاية، لمحافظ الحزب الذي اجتهد في اختيار وتفضيل منتخبين دون تأهيل وإقصائه إطارات جامعية وكفاءات رفضت منطق الابتزاز خلال الانتخابات المحلية الماضية. ولعل تجنيده أرمادة من المحامين بعد تكليفه أميار الحزب بالتكتل لمقاضاة مواطنا وابن شهيد انتقد أداءهم السلبي في اجتماع مع والي عنابة لأفضل دليل يختصر صور الانحدار بالمجالس المنتخبة.