ناقش دكاترة من الجزائر والسودان وفلسطين في ثالث أيام ''عكاظية الجزائر للشعر العربي'' ب''قاعة الأطلس''، موضوع شعر المقاومة من خلال بعض النماذج الجزائرية، حيث وقف المحاضرون عند المكونات الجمالية للنصوص الشعرية ودرجة مواكبتها للحركات التحررية. وقدم الأستاذ بجامعة باتنة الدكتور عبد الله العشي محاضرة بعنوان ''اشتغال التاريخ في الشعر الجزائري المعاصر'' وحاول خلالها عرض رؤية تنظيرية تحدث فيها عن أشكال التاريخ كما تظهر في الشعر الجزائري. كما تحدث المحاضر عن كيفية إنتاج تاريخ يبدو في الوهلة الأولى أنه مرتبط بالتاريخ القديم، وأنه ليس كذلك لأن الشاعر يتعالى عن التاريخ القديم وينفصل عنه ويتحول إلى قيمة بالفعل، على حد تعبيره. كما ذكر العشي أنواع البلاغات التي تشكل هذا الخطاب، فالنمط الأول، حسبه، ''تحكمه بلاغة المشابهة كون الشعر يشبه كثيرا أحداث التاريخ التي نجد فيها الخيال والتصوير الفني''. أما النمط الثاني فهو''بلاغة المشابهة''، حيث يأخذ الشاعر موضوعا من التاريخ لكن يضفي عليه نظرة أخرى من مخياله. أما النمط الثالث فهو ''بلاغة المخالفة ''، حيث ينفصل الشاعر عن لغة الحدث التاريخي والواقعي وينتج بلاغة مختلفة كل الاختلاف. ومن جهته قدم الدكتور الصديق عمر الصديق محمد من السودان مداخلة بعنوان ''جماليات شعر المقاومة في التراث العربي.. أبو الطيب المتنبي نموذجا''، خلص من خلالها إلى أن الشعر الذي قاله أبو الطيب يدخل في باب المقاومة. واستعمل الشاعر المتنبي، يضيف المحاضر، كل الجماليات الفنية داخل القصيدة المقاومة ويتخذ من سيف الدولة بطلا لهذه المقاومة لأن ''كل مقاومة لابد لها من زعيم''. كما قدم الشاعر الفلسطيني صالح يوسف عبد القادر مداخلة حول ''الهوية والأرض''، مؤكدا بأن ''الشعر باعتباره سجلا للعرب وعاداتهم وتقاليدهم؛ يتقاطع مع التاريخ''. واعتبر الشاعر الفلسطيني بأن الأرض هي الهوية ولا شيء آخر''، مشيرا إلى أن الأرض دون سيادة والسلطة بلا حرية تكون منقوصة. وأشار المحاضر هنا إلى محاولة الكيان الصهيوني زرع سياسة النسيان لدى الأجيال، إضافة إلى سياسة الإقصاء. من ناحية أخرى، ألقت الدكتورة الصينية ''جانغ هونغ يي'' المعروفة ب''زهية زينب''، محاضرة تناولت موضوع تطور الشعر الحديث والمعاصر في الصين ومحاولة ربطه بالمقاومة، حيث قالت إن الشعر في الصين بدأ ينهض شيئا فشيئا في أواسط القرن التاسع عشر مع ''حرب الأفيون'' سنة 1840 وبدأ يعمل على تجنيد الشعب بعد الحرب العالمية الثانية خاصة مع بروز الأفكار الثورة الاشتراكية وحركات التحرر في العالم. وبدوره قدم الدكتور عبد الوهاب ميراوي من جامعة وهران، مداخلة بعنوان ''المقاومة وتنوع الذاكرة'' أكد فيها بأن الشعراء لهم ''قرون استشعارية'' كثيرة يلتقطون بها ''مواقع حارة'' في التاريخ الإنساني، ومن خلال هذه المواقع، حسبه، يبنون فكرة معينة أوينتقدون أخرى. وأشار المحاضر إلى أن الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش اختار البداية مع نزول القرآن الكريم وهي سورة ''إقرأ'' التي تجيب عن عدة تساؤلات فلسفية، بينما كان يتأمل الرسول صلى الله عليه وسلم في الحياة والكون، بمعنى أنها وقعت بين زمنيين؛ زمن قديم وآخر جديد هو تأسيس هوية جديدة للذات العربية، على حد تعبيره.