جاءت خطوة النائب العام لدى مجلس قضاء الجزائر بلقاسم زغماتي باعلامه عن اصدار مذكرة توقيف 9 من المتهمين الرئيسيين في قضية الفساد التي هزت قطاع الطاقة الجزائري، والمعروفة ب "سونطراك 2" لتحقق ما كان يطمح إليه الشارع الجزائري، برؤية عدالة بلادهم تتحرك كما فعلت نظيرتها الإيطالية في بدء التحقيقات والمتابعات في الفضيحة المدوية، ضد من خانوا مسؤولياتهم واستغلوا مناصبهم في تحقيق ثروات عبر تلقي رشاوى مقابل منح عقود كبيرة لشركات أجنبية دون مراعاة المعايير القانونية المبنية على المنافسة الشفافة للحصول على العقود. لكن مرور وقت معتبر منذ صدور مذكرة التوقيف الدولية، والجهة التي صدرت نحوها من أجل تنفيذه وهي الشرطة الدولية (الإنتربول) لم تحرك ساكنا في إصدار بيان حول المذكرة الجزائرية، يبعث على التساؤل عن مصير المساعي لتقديم المتهمين في الفضيحة أمام القضاء. فالموقف الوحيد الصادر عن هذه الهيئة الدولية كان عبر ممثلها في الجزائر عبد القادر قارة بوهدبة يوم الثلاثاء الماضي، حيث صرح قائلا "نشتغل كمؤسسات دولية وفي إطار القانون، وننفذ الإجراءات القانونية، ليس في هذه القضية فقط بل في جميع القضايا التي تمس بأمن واقتصاد البلاد"، مؤكدا أن جميع الدول التي لها اتفاقيات قضائية مع الجزائر ستعمل على توقيف كل الأسماء التي صدرت في حقهم أوامر بالقبض الدولي، سواء شكيب خليل أو فريد بجاوي أو غيره من المبحوث عنهم من طرف العدالة الجزائرية". لكن هذا الموقف من دون تحرك عملي للشرطة الدولية، واتباع الإجراءات التي تعتمدها عادة في ذلك عبر نشر بيان حول صدور المذكرة، ويحدد من خلاله الأشخاص المطلوبون والدولة التي طلبت توقيفهم، والقضية التي تم طلب التوقيف بسببها، وضمه الى القوائم التي تنشر بشكل دائم عبر موقعها الإلكتروني الذي يعتبر مرجعا رسميا لمعرفة المتهمين المطلوبين دوليا. ولم يضف أي شخص إلى قائمة الأشخاص الذين تطلب الجزائر من الإنتربول القبض عليهم، حيث بقي ثابتا في الرقم تسعة، كما لم تعلن الولاياتالمتحدةالأمريكية وهي عضو فيه مثل الجزائر عن تلقيها طلبا من الشرطة الدولية للقبض على شكيب خليل الذي يقيم فيها منذ صدور المذكرة قبل ما يقارب 3 أسابيع حسب توقيت إصدارها الذي أعلنه النائب العام بمجلس قضاء الجزائر. وحتى شكيب خليل نفسه، نفى في حواره مع "البلاد" عقب الإعلان في الجزائر عن إصدار مذكرة توقيف دولية تشمله نفيا قاطعا أن يكون قد تسلم أي استدعاء أو إخطار من العدالة الجزائرية لأخذ أقواله بخصوص التحقيق القضائي في ملف سوناطراك 2. وأضاف في المكالمة الهاتفية التي أجرتها معه "البلاد" من أمريكا حيث يقيم حاليا "لم أستلم، إلى حد هذه الساعة التي أحدثكم فيها، أي بلاغ أو إخطار من قاضي التحقيق المكلف بالقضية"، قبل أن يبدي تفاجؤه وهو يتحدث عن خبر صدور مذكرة دولية لتوقيفه "لا أعلم خلفية هذا الإجراء القانوني وقد اطلعت عليه عبر الوسائل الإعلامية فقط"، كاشفا أنه دخل الجزائر في المدة الأخيرة التي تزامنت مع مراحل التحقيق في ملف سوناطراك 2، عدة مرات "لكن لم يعترض طريقي أي أحد". والغموض الذي يلف موضوع مذكرة التوقيف الدولية هو إعلان بلقاسم زغماتي عن أسماء خمسة متهمين فقط وهم وزير الطاقة والمناجم الأسبق شكيب خليل وزوجته وابناه، والوسيط فريد بجاوي، فيما تبقى الأسماء الأخرى مجهولة لسبب لم يحدده النائب العام لدى مجلس قضاء الجزائر، خصوصا أن شكيب خليل وعائلته وفريد بجاوي تم تداول أسمائهم منذ شهور إعلاميا، ولا يشكل الإعلان عن تورطهم حدثا جديدا، لكن الأسماء المتبقية هي ما يمكن أن تشكل مفاجأة وإضافة في المعلومات المتعلقة بالفضيحة والأشخاص المتورطين فيها. المحامي عمر خبابة: إخفاء بعض أسماء قضية سوناطراك قد يكون لاستكمال التحقيق لا يرى المحامي عمر خبابة أي غموض يلف قضية مذكرة التوقيف الدولية، معتبرا أن عدم نشرها في الموقع الإلكتروني للأنتربول لا يشير إلى أن هناك مشكلا حولها. فمثل هذه المذكرات يصدرها قاضي التحقيق من خلال الملف الذي يحوزه، إذا ما رأى أنه يتوفر على الدلائل الكافية في أن الشخص المطلوب متورط في قضية ما، كما يمكن أن تصدر المذكرة من وكيل الجمهورية من تلقاء نفسه، في حالة توفره هو الآخر على الأدلة الكافية لهذا الإجراء، حيث لا تختلف عن أوامر القبض التي تتم على المستوى المحلي. وعن إجراءات توجيه مذكرة التوقيف إلى الشرطة الدولية، أضاف محدثنا أن قاضي التحقيق في الجزائر يصدر أمرا بالقبض، يوجهه إلى ممثل الأنتربول، الذي يوجهه هو بدوره إلى المقر المركزي للهيئة، وكل هذه الخطوات تنظمها اتفاقية دولية. ولم يعط الأستاذ خبابة أهمية لعدم نشر الأشخاص المطلوبين في الموقع الإلكتروني للأنتربول، حيث اعتبر أنه شأن تقني لا يمكن أن نؤوله إلى أكثر من ذلك، وفيما يتعلق بعدم نشر أسماء بعض المتهمين، فقد أرجعها إلى أنه يمكن أن تكون في إطار استكمال التحقيق وضبط مكان تواجد هؤلاء.