رغم مرور ساعات على إعلان النائب العام لمجلس قضاء الجزائر بلقاسم زغماتي، أن العدالة الجزائرية أصدرت أمر توقيف دولي في حق وزير الطاقة والمناجم الأسبق شكيب خليل وزوجته نجاة عرفات وابنيهما، والوسيط فريد بجاوي الذي اعتمد عليه في ربط الاتصال مع الشركات الأجنبية التي تورطت في الرشوة معهم من أجل الحصول على مشاريع ضخمة في الجزائر، إلا أن موقع الشرطة الدولية على شبكة الانترنت لم يجر أي تغييرات على قائمة الأشخاص المطلوبين لديه من طرف السلطات الجزائرية. فقد بقي عدد الذين أصدرت الجزائر مذكرات توقيف دولية ضدهم وهو تسعة وهم عبد المؤمن خليفة وقريرة علي، إضافة الى أحمد ابراهيم وأحقارين بابا من النيجر، ومواطن صيني يدعى ووزيونغ شوو وكل من زوالي فؤاد وفريدة، وأنور هدام، القيادي السابق في حزب "الفيس" المحظور والملاحق بقضايا لها علاقة بتمويل الإرهاب، إضافة إلى الإرهابي مختار بلمختار الملاحق بقضايا لها صلة بالإرهاب واختطاف سياح أوروبيين. وتزداد التساؤلات حول سر عدم إصدار الشرطة الدولية لأي بيان حول طلب التوقيف الذي أعلن عنه نائب عام مجلس قضاء الجزائر، لأن المذكرة صدرت قبل أسبوعين، وهي المدة الكافية لأن تدرج الهيئة الدولية أسماء الشخصيات المعنية طوال هذه الفترة، خصوصا وأنها تبدو كافية لأن تطالع المذكرة وتقوم بمقتضياتها. ففي القانون الداخلي لهيئة الشرطة الدولية من أبرز المهام التي تقوم بها، مساعدة أجهزة الشرطة في الدول الأعضاء على تبادل المعلومات الهامة المتعلقة بالإجرام، ووسيلتها في تحقيق هذا الأمر إصدار المعروفة باسم نشرات الانتربول الدولية، والمعلومات المتبادلة، تخص الأشخاص المطلوبين لارتكابهم جرائم خطرة كما هو الشأن بالنسبة لقضية الفساد التي تورط فيها شكيب خليل وشركاؤه. كما تخص المفقودين والجثث المراد معرفتها والتهديدات المحتملة والأساليب والنشرات التي تصدرها الانتربول تصدر بألوان مختلفة لكل نوع منها دلالة معينة وتصدر وفقا لآلية معينة. أما عن الآلية التي تعتمد في إصدار المذكرات لدى الانتربول، فتتم عبر جمع البيانات والمعلومات المتعلقة بالجرائم والمجرمين، وذلك عن طريق المعلومات التي تتسلمها المنظمة في مكتبها الرئيسي في ليون من المكاتب المركزية الوطنية للشرطة الجنائية في الدول الأعضاء، ويتم ذلك عبر وسائل الاتصال المختلفة، كالهاتف والفاكس والتلكس والانترنيت والبريد الالكتروني، وشبكة اتصالات تتم بواسطة منظومة اتصالات حديثة جدا تدعى منظومة اتصالات الانتربول العالمية. وبناء على هذه المعلومات النظرية، فإنه من المفروض أن السلطات الجزائرية سلمت أسماء المطلوبين التسعة والبيانات المتعلقة بهم في مكتب الشرطة الدولية المتواجد في الجزائر، ومنه يتم تحويلها إلى مدينة ليون، حيث يقوم المكتب الرئيسي بمعالجتها وبدء اجراءات البحث والتعقب ضدهم، لكن عدم قيام الانتربول بنشر أسماء المطلوبين الفارين والبيانات المتعلقة بهم، يدفع للتساؤل أين يكمن الخلل الذي منع اسم شكيب خليل من أن ينضم التى قائمة المطلوبين لدى الانتربول. الانتربول وقضايا الفساد في الجزائر... الخليفة نموذجا بغض النظر عن الأسباب التي دفعت بالشرطة الدولية إلى عدم إدراج شكيب خليل وشركائه في الفساد على قائمة المطلوبين لديه، والتأخر الحاصل في هذا الشأن، فإن القضية الأساسية هي في مدى نجاعة الانتربول في تنفيذ مذكرة التوقيف الدولية، حيث تمثل قضية عبد المؤمن خليفة المتواجد حاليا في بريطانيا نموذجا على ذلك، حيث صدرت في حقه بعد مغادرته إلى المملكة المتحدة مذكرة توقيف عام 2003، وتم وضعه على قائمة المطلوبين لدى الانتربول إلى غاية اليوم، ولم تستطع الجزائر استرجاعه وتقديمه للمحاكمة التي تمت بغيابه، رغم كونها عضوا في هذه الهيئة الدولية، وهو السيناريو الذي يخشى منه أغلب الجزائريين حاليا في قضية فضيحة سوناطراك 2، حيث يتواجد من صدرت في حقهم مذكرة توقيف دولية في بلدان يمكن أن تعترض على تطبيق المذكرة كما فعلت بريطانيا، وتفقد المحاكمات المرتقبة في قضية الفساد معناها لدى الشارع الجزائري في ظل غياب الرؤوس الكبيرة.