شهدت المدن المصرية أمس، انتشارا أمنيا ملحوظا تحسبا لأي أعمال عنف قد تشهدها البلاد، وذلك تزامنا مع دعوات من جماعة الإخوان للتظاهر للمطالبة بإعادة الرئيس المعزول محمد مرسي. وأصدرت السفارة الأمريكية في القاهرة رسالة تحذير أمنية، دعت فيها رعاياها لتوخي الحذر والابتعاد عن أماكن التظاهر خوفاً من أعمال عنف قد تتخلل هذه التظاهرات. وانطلقت في القاهرة وعدد من المدن الرئيسية بعد صلاة الجمعة مظاهرات حاشدة من معارضي "الانقلاب العسكري" في إطار ما أطلق عليه "جمعة الحسم" وذلك في ظل إجراءات أمنية مكثفة وتحذيرات من الجيش والشرطة بلغت حد تهديد الأخيرة باستخدام الرصاص الحي. ومع اتساع نطاق وحجم الاحتجاجات، شهدت أحياء بالقاهرة مظاهرات حاشدة، في حين تركزت أبرز المسيرات خارج العاصمة في أسيوط بصعيد مصر. وخرجت المظاهرات تلبية لدعوة من التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب الذي تقوده جماعة الإخوان المسلمين ويضم مختلف القوى الرافضة ل"الانقلاب" الذي أطاح بمرسي في الثالث جويلية الماضي. ودعا التحالف في بيان الشعب للاحتشاد من أجل الدفاع عن "ثورته المسروقة وحريته المسلوبة"، مؤكدا أن المصريين سيواصلون احتجاجاتهم "بكل أشكالها المتصاعدة والسلمية حتى استرداد ثورة 25 يناير المجيدة بكل مكتسباتها".كما دعا عصام العريان، وهو نائب رئيس الحرية والعدالة "المنبثق عن الإخوان" إلى التظاهر، وقال إن الشعب المصري يخوض معركته لاسترداد حريته وكرامته بعد أن انتهى عهد الانقلابات في العالم، مؤكدا أن هذا الشعب "أثبت قدرته على قيادة ثورته بعد رؤيته لمجازر الانقلاب الدموي الفاشل". واستبقت وزارة الداخلية نشر قواتها ببيان شديد اللهجة بثه التلفزيون الرسمي، وحذرت فيه على لسان المتحدث باسمها من أن قوات الأمن ستطلق الرصاص الحي "في حال خرجت مظاهرات تنظيم الإخوان عن السلمية وتم التعدي على منشآت حكومية". من ناحية أخرى، تمكنت قوات الأمن المصرية من إلقاء القبض على القيادي البارز في جماعة الإخوان محمد البلتاجي، في منطقة زراعية في محافظة الجيزة. وكانت النيابة العامة أمرت الشهر الجاري بضبط البلتاجي الذي يشرع في التحقيقي معه اليوم، وجلبه في ضوء اتهامات وبلاغات مقدمة ضده بتعذيب عدد من المواطنين المعارضين لجماعته. ويرى مراقبون أن هذه ضربة جديدة تتلقاها الجماعة التي دعت أنصار الرئيس المعزول للعصيان المدني والتظاهر في المحافظات المختلفة لإسقاط ما تصفه ب"الانقلاب والقتل والاعتقالات المستمرة" بحق أعضائها. ويؤكد البعض ضعف تلك التحركات، خاصة مع التظاهرات الأخيرة التي ظهر فيها عدم قدرة الجماعة على الحشد مقارنة بما سبقها من مظاهرات. وتحدثت مصادر عن استعداد الإخوان للتفاوض والحوار شريطة الإفراج عن القيادات وسط حديث عن صعوبة الحوار بين طرفين لا يملكان أرضية مشتركة. ويرى البعض أن دعوات التظاهر من جانب أنصار الرئيس المعزول لن تتوقف على المدى القريب وإن ظهر ضعفها لتكون إحدى الوسائل التي تستخدمها في أي مفاوضات مع السلطة في المرحلة المقبلة.