- موسكو وواشنطن تحاولان اصطناع القطبية خدمة لمصالحهما - تفكيك "الكيماوي" لن يتم لأن العملية مكلفة جدا ولا توجد دولة تتحملها استهزأ العضو في "الائتلاف الوطني السوري" مصطفى العلي من القرارات المترددة التي تقف عليها، كل من روسيا وأمريكا، متسائلا بتذمر، عما ينتظره أوباما وبوتين، لاتخاذ قرار يردع أفعال بشار الأسد في الشعب السوري، مشيرا إلى أن "روسيا وأمريكا يبحثان عن لون القميص الذي كان يرتديه الأسد حينما قرر استخدام الكيماوي". كما استبعد المتحدّث في الحوار الذي جمعه ب"البلاد"، مشروع تفكيك الكيماوي ببلاده، نظرا لأن العملية مكلفة جدا، وأنه لا يوجد دولة في العالم مستعدة لتحمل أعباءها. - ماهي قراءتكم للقرارات الأمريكية، تجاه النّظام السّوري في الفترة الأخيرة، والمد والجزر اللّذان سادا هذا الموقف؟ توقعنا تراجع الموقف الأمريكي، ولم نثق يوما به، حيث نعلم أن الولاياتالمتحدةالأمريكية لا تتدخّل إلا إذا مسّت مصالحها، وهي تبحث دائما عن حلول لأزماتها، وما قامت به من تهديدات لنظام الأسد ما هو إلا تجسيد لاتفاقها مع روسيا، هذه الأخيرة التي لعبت دورها في "مسرحية النفاق"، كما يجب. هي لم تتردّد وإنما خطة لتقتيل الشعب السوري، والتّضليل، وفي النهاية الذي يدفع الثمن دائما، هو الشعب السوري، وأنا لم أقل أمورا من محض خيالي، أو من العدم، بل كل شيء موثق في الإعلام العالمي، ولو تابعتم تسلسل الأحداث لاكتشفتم لعبة قذرة مورست، والضّحية الوحيد فيها هم الأبرياء ممن طالبوا بالحرّية، كما أن المرحلة التي حاولت أمريكا الظهور فيها على واجهة الأحداث لم تكن اعتباطية، بل مدروسة، بدليل أنهم طلبوا فيما بعد بتدمير وإبطال مفعول الأسلحة الكيماوية، ولم ينفذوا تهديداتهم، في حين أطلقوا "سراح الأسد"، بمعنى أجازوا له أن يعيث في سوريا فسادا بطريقة خبيثة، غير مباشرة، لاستعمال الأسلحة المختلفة للتقتيل والتنكيل بالشعب السوري الأعزل. إن التدخل الأمريكي "اللّفظي"، في الشأن السوري، لم يأت ل"سواد عيون" الشعب، وإنما من أجل حماية ولايتها، فحينما شعر أوباما بتذبذب مكانة الأسد، وقرب ساعة نهاية حكمه، في سوريا، حاول شكليا الوقوف إلى جانب الضحايا في بلادنا، ولكن لا يمكن أن ننسى "القرابة" في المصالح التي تربط أمريكا بالأسد، خاصة أن هذا الأخير ظل يحمي ووالده في المصالح الإسرائيلية والحدود طيلة 40 سنة، أما ما أظهرته أمريكا من إنسانية تجاه الرّاهن السوري، فجاءت، بعد تقدّم الثوار وقطعهم لأشواط ملفتة في سياق حل الأزمة لصالحها"المعارضة".فقررت "أمريكا"، فبركة الأحداث وبدل حماية الشعب حمت هي وحلفائها الإجرام. - هل يمكن الحديث عن عودة قطبية "الحرب الباردة"، مع تجليات الأزمة السورية وانعكاساتها على العلاقات الروسية- الأمريكية؟ طالما كانت السّياسة، خدعة، ولكن اليوم أصبحت خبثا، بين دول السّيادة التي تحاول دائما قلب المجريات لصالحها، على حساب شعوب العالم، وكرونولوجيا الأحداث في المنطقة تؤكد ذلك، أما عن فرضية القطبية وعودتها في العالم، من خلال الاختلاف الذي يوصف ب"الحاد"، بين الولاياتالمتحدةالأمريكية، وروسيا، ماهو إلا فيلم بائس، ففي الحقيقة، لا يوجد أي خلاف بين روسيا وأمريكا، وإنما ما رأيناه خلال الفترة الأخيرة ما هو إلا تمثيليات تفنّن في أدائها الطرفان المذكوران، وأنا أتوقع، ولا أستبعد، أنهما سيحاولان سويا، الوصول بشعوب العالم، والشعب السوري على وجه الخصوص، للعبث بالحقائق، ومحاولة إقناعنا أن نظام الأسد يستحق ولاية جديدة، فهم يدعمون رئيس عصابة"الأسد"، لخدمة مصالحهم ومصالح بلدانهم، ولا يمكن حاليا الحديث عن القطبية في العالم. - ماهي قراءتكم للموقف الروسي المتذبذب، تجاه الأزمة السورية، خاصة ما تعلق ب"تأديب نظام الأسد"؟ عندما حصل الضغط الدولي على روسيا، بعد الاعتداء اللاّ إنساني على الشعب السّوري، بالأسلحة المحرمة دوليا، انصاعت روسيا، رغم محاولاتها الدائمة في حماية مصالح الأسد ونظامه، الاّ أنها حاولت من خلال رئيسها بوتين، أن تظهر بمظهر المناهض للعنف في بلادنا، ولكن الحقيقة غير ذلك، فقد خرج بوتين باسم مصطلحات فارغة المحتوى يسمح بتقتيل الشعب السوري، بصيغة الدفاع عن حقوق الإنسان، وهذه هي الأعذار التي فاقت الذّنب قبحا، وهذا ما يفسره التجاهل التام لما يحصل في سوريا، وتدخله في افتتاح جلسة قمة العشرين، حيث لم يكتف بذلك بل تجاوزه إلى الاستهتار بالدّم السوري، الذي لم يعد يهم أحدا في العالم، رغم الأرقام القياسية في القتلى والجرحى التي يسجلها الإعلام العالمي يوميا في سوريا. - في رأيك ما الذي تنتظره هيئة الأممالمتحدة وحقوق الإنسان للتحرك رسميا في الشأن السوري، بعد صدور التقارير الرسمية، الجازمة باستخدام الكيماوي في سوريا؟ هذه التقارير بالنّسبة للغرب مجرد حبر على ورق، ولو أنها رسمية، وحقيقية، إلا أنها لن تستطيع تغيير شيء في الواقع، خاصة وأن الإرادة الدّولية سائرة في اتجاه تحقيق مصالح أمريكا وروسيا، وإن كانت الولاياتالمتحدة، تريد مصلحة الشعب السوري فعلا، فهل هنالك وقت للتحرك في هذا السياق أحسن من هذا التوقيت؟، ما الذي تريده روسيا وحليفتها أمريكا، بعد تلك التقارير؟، وهل هناك حقائق أكثر دقة من التي صدرت، روسيا وأمريكا تبحثان في تفاصيل لا معنى لها، لا ينقصها سوى التساؤل عن لون القميص الذي كان يرتديه بشار الأسد حينما قرّر ضرب الشعب بالكيماوي، فبقدر ما الصورة كاريكاتورية هي مؤلمة. - إلى ما ستصل في رأيك القرارات الدولية الرّامية إلى تفكيك الكيماوي السوري، خاصة وأن الأخير مكلّف ماديا، وفي ظل الأزمة الاقتصادية العالمية، من سيجرأ على تحمل أعباء العملية؟ ما يتم الحديث عنه من قصص لتفكيك الكيماوي، ما هو إلا مقدّمات لهروب جديد، وسيناريو جديد لتضليل الرأي العام عن المشكل الحقيقي وحله الفعلي، ولا أظن أنه هنالك دولة في العالم، ستتحمل مسؤولية تفكيك الكيماوي.