درغوم سيف الدين وسفيان عزيب راح ضحيتا عشقهما لسوسطارة في ظل الاحتراف استيقظ صباح اليوم الشعب الجزائري قاطبة على فاجعة وفاة مناصرين من اتحاد العاصمة راحا ضحية استهتار المسؤولين والمشرفين على الرياضة والكرة الجزائرية، بعد سقوط مدرج رقم "13" على مستوى ملعب خمسة جويلية الذي خلف ثقبا بواحد متر على 70 سنتمتر والذي أودى بحياة كل من درغوم سيف الدين الذي يبلغ من العمر 20 سنة وجاره في نفس الحي "العافية" سفيان عزيب والذي يبلغ من العمر 26 سنة، وكان الخطأ الوحيد الذي اقترفه الثنائي أنهما يعشقان فريقهما اتحاد العاصمة حتى النخاع في ملاعب لا تتوفر فيها أدنى شروط الأمان والسلامة. والغريب في الأمر أن مدير المركب قارة يخرج بتفاهة يؤكد فيها أن المشكلة كانت في تدافع الأنصار في المدرج الثالث عشر على مستوى ملعب 5 جويلية. والأكيد أن هذه الواقعة تضاف إلى المشاكل الأخرى التي تعيشها مختلف الملاعب الجمهورية والتي تتميز بحالة "اللاأمن" والمخاطر الكبيرة التي تواجه مختلف المناصرين وحتى اللاعبين والجميع يتذكر سيناريو الموسم ما قبل الماضي، حيث تم الاعتداء على لاعبي اتحاد العاصمة وما خلف ذلك من وقع سلبي على الكرة الجزائرية بعد ذلك. "حي العافية على صفيح ساخن والأمور كادت تختلط صباح أمس" بالمقابل من ذلك، فإن سكان حي العافية الذي ينتمي له الفقيدان الصديقان، هددوا صباح أمس بقطع الطرقات والقيام باعتصام احتجاجا على مهزلة ملعب 5 جويلية وصمت المسؤولين المطبق على ما يحدث في الرياضة الجزائرية، حيث حمّل سكان هذا الحي وأصدقاء الضحيتين المقربين مسؤولية ما حصل للمشرف على ملعب 5 جويلية الذي كان مطالبا بأن يقوم بعملية مسح شاملة للملعب ويقف على جاهزيته لاحتضان مثل هذه المباريات، خاصة وأن الأمر يتعلق بلقاء داربي عاصمي. "الأبوان لم يصدقا ما حصل لفلذتي كبديهما ومعظم أبناء أحياء العاصمة تنقلوا إلى العافية" كان والدا الفقيدين سيف الدين وسفيان تحت وقع الفاجعة ولم يصدقا ما حصل لأبنائهما، بدليل أن الأبوين كانا يتحدثان معنا وهما يستذكران صور أبنائهما قبل وفاتهما وكأنهما لازالا حيين يرزقان، وهو الأمر الذي أثر في الجميع رغم وقوفهم إلى جانب الأبوين في هذه المعضلة التي كان وقعها كبيرا. كما كان لحضور شباب معظم أبناء الأحياء المجاورة في العاصمة وقعا نفسيا جيدا على الأبوين رغم هول الفاجعة. "بروتوكول سلال حضر ومنح رسالة لهما.. وربوح حداد حضر لمواساة العائلتين" وللتأكيد على وقوف الدولة مع الأسرتين، أرسل عبد المالك سلال، رئيس الحكومة، برقية تعازي إلى الأسرتين في خرجة استحسنها كثيرا أسرتي الفقيدين. كما تلقتا كما هائلا من الاتصالات سواء من الوالي المنتدب لحسين داي، رئيس بلدية القبة، إلى جانب ممثل من وزارة الشبيبة والرياضة. كما كان لربوح حداد نائب رئيس اتحاد العاصمة حضورا مميزا ووعد بالتكفل بانشغالات العائلتين حتى يتسنى لهما الخروج من وضعيتهما النفسية الحالية. "جثمانا الفقيدين وصلا إلى بيتيهما على الساعة 15:35وتدافع كبير في مسجد الحي" تأخر وصول جثماني الفقيدين إلى بيتي عائلتيهما بحي العافية لغاية الساعة الثالثة و35 دقيقة مساء تحت حراسة أمنية مشددة، خاصة مع تواجد عدد كبير من أنصار اتحاد العاصمة وأبناء الحي إلى جانب العائلة وبعض أنصار الفرق العاصمية الأخرى التي تضامنت بشكل كبير مع ضحايا هذه الواقعة التي ألمت بالكرة الجزائرية، وكان سبب تأخر وصول جثمان الفقيدين راجع بالدرجة الأولى إلى عملية التشريح التي أجريت على الثنائي لتحديد الأسباب الحقيقية لوفاتهما وقد عرف تواجد جثمان الفقيدين بمسجد العافية تدافعا كبيرا لرؤية الفقيدين. كما شهد المسجد الذي شهد أداء صلاة الجنازة على الفقيدين فيه تزاحما كبيرا من قبل الحضور. درغوم سيف الدين.. لاعب كرة قدم كان يبيت في السيارة وحلمه الوحيد حصول العائلة على مسكن وبالعودة إلى الفقيدين، فإن سيف الدين درغوم البالغ من العمر 20 سنة كان لاعب كرة قدم في أحد الأندية الصغيرة في غاريدي، ويوم المباراة كان على وشك التنقل إلى مقر النادي لكي يشارك في إحدى المباريات الودية، لكن عشقه الكبير لألوان الاتحاد دفعه لتغيير الوجهة في آخر لحظة والتنقل إلى ملعب الخامس من جويلية، حيث لفظ أنفاسه الأخيرة وكان الفقيد دون عمل وكان حلمه الوحيد أن يلعب في أحد الفرق الكبيرة في الجزائر ويساعد الأب على تكاليف الحياة وكان مدخول الغفور له الوحيد هو القيام ببعض الأعمال الحرة المتعلقة بالبيع والشراء في الألبسة وما شابه ذلك. والغريب في الأمر أن سيف الدين كان يعود إلى المنزل في حدود الساعة السادسة صباحا بسبب ضيق المسكن الذي يعيش فيه رفقة العائلة وكان يبيت في سيارة العائلة قبل أن يجد مكان في المنزل المتواضع المتكون من غرفة واحدة لينام فيه. يذكر فقط أن الفقيد خسر شقيقه البالغ من العمر 12 سنة الموسم الماضي كما أن له شقيق آخر اسمه رضا. سفيان عزيب كان عاملا في السكك الحديدية وذهب لمتابعة سوسطارة رغم معارضة والده من جهة ثانية، فإن الفقيد الثاني سفيان عزيب البالغ من العمر 26 سنة وله شقيق واحد هو مروان يبلغ من العمر 20 سنة، كان يعمل في السكك الحديدية، يوم المباراة عارض والده إبراهيم بشدة كبيرة تنقله إلى ملعب 5 جويلية، خاصة وأن الملاعب الجزائرية كثيرا ما حصدت أرواح الشباب الجزائرية المولوع بكرة القدم وبعشق ألوان فرقهما، غير أن القدر أراد غير ذلك، حيث لفظ أنفاسه الأخيرة وهو يناصر اتحاد العاصمة ناديه الذي يعشقه حتى النخاع. إبراهيم والد سفيان عزيب :"أطالب بوقف البطولة الوطنية ومحاسبة المسؤولين" قال إبراهيم عزيب، والد سفيان، إنه لم يصدق ما حصل مع ابنه، خاصة وأنه التقاه في بداية اليوم قبل الذهاب إلى ملعب 5 جويلية وعارض بشدة تنقله لمشاهدة الداربي، لكن ابنه أصر على الذهاب إلى الملعب. ولم يخف إبراهيم أن ما حصل يؤكد الاستهتار الكبير الذي يميز تسيير الكرة الجزائرية، حيث طالب بوقف البطولة الوطنية التي حسبه لم تعد تعني له شيئا. محمد والد درغوم سيف الدين :"فقدت ابني العام الماضي والآن سيف الدين الذي كان يحلم بمنزل كريم نعيش فيه" وكان محمد درغوم، والد الفقيد سيف الدين الأكثر تأثرا بما حصل لأبنه في ملعب 5 جويلية، حيث أشار إلى أن أحد الجيران اتصل به وطالبه بالتنقل إلى مستشفى بني مسوس للوقوف على حالة ابنه المصاب، مشيرا إلى أنه لم يصدق أنه تعرض لحادث وكان تأثر الوالد باديا، خاصة أنه فقد أحد أبنائه العام الماضي يبلغ من العمر 12 سنة قبل أن يفقد سيف الدين، ولم يتبق له سوى الابن رضا، مشيرا إلى أن ابنه كان يحلم بمنزل كريم يبيت فيه رفقة العائلة. حي العافية والمقربون من الفقيدين ينفيان إشاعة موتهما وهما في حالة سكر ويؤكدون: "نطالب بمحاسبة المسؤولين عن الملعب.. ونريد توقيف البطولة وكفانا أمواتا" انتشرت بسرعة البرق إشاعة أن الفقيدين لقي حتفهما أول أمس، بسبب حالتهما وتواجدهما في حالة سكر، وهو الأمر الذي فنده المقربون من الفقيدان على غرار عبد النور صديق سيف الدين المقرب، الذي أشار إلى أن صديقه كان لاعب كرة قدم ولا علاقة له بالأمور التي تحدث عنها البعض ممن أرادوا أن يفسدوا سمعة الثنائي. بالمقابل من ذلك، طالب سكان العافية قاطبة أن تتم محاسبة المسؤولين عن ما حصل ليلة أول أمس، لأن الملاعب في الجزائر باتت تحصد الكثير من الأرواح في ظل صمت رهيب من طرف المسؤولين عن الملاعب في الجمهورية. كما طالب سكان الحي بأن يتم تعليق البطولة الوطنية ووقف حصد المزيد من الأرواح. رضا شقيق سيف الدين :"شقيقي لاعب كرة قدم ولا علاقة له بالخمر أو الحبوب المهلوسة" فند رضا الشقيق الأكبر لسيف الدين أن تكون لشقيقه علاقة بما يروجه البعض عن أن شقيقه يتعاطى الخمر أو الحبوب المهلوسة، مشيرا إلى أن ابنه لاعب كرة قدم وكان يجتهد كثيرا حتى يصبح لاعبا ويقدر على تخفيف معاناة الأسرة مع السكن. مناصر ثالث من مولودية الجزائر يلقى حتفه بعد المباراة بطعنة خنجر لم يتوقف الأمر في مباراة الداربي أول أمس على وفاة فقط الثنائي سيف الدين وسيفيان، بل لقي أيضا مناصر ثالث حتفه ويتعلق الأمر بالمناصر سيد علي من مولودية الجزائر والذي لقي مصرعه بمستشفى بني مسوس بعد أن طعن بالخنجر إثر نهاية المباراة وليست المرة الأولى التي يعرف فيها هذا السرح الوطني مثل هذه الأحداث التي كثيرا ما راح ضحيتها شباب الجزائر، في ظل سكوت وعدم جدية المشرفين على الرياضة الجزائرية بأن يجدوا حلا كاملا لما يحصل في كرة القدم الجزائرية بشكل خاص.