احتفل الجزائريون على غرار جميع المسلمين عبر المعمورة بعيد الأضحى المبارك، في أجواء روحانية ميّزتها السكينة والتآخي والتآزر وتعزيز أواصر المحبة وصلة الرحم وتقوية العلاقة العائلية والأسرية، لكن من الجهة المقابلة استغرب الجزائريون حالة الملل التي تُصيبهم من سنة إلى أخرى، نتيجة الأجواء التي تُميّز أيام العيد بسبب نقص أماكن الترفيه والراحة والاستجمام رفقة أبنائهم، وحتى الظروف المعيشية اليومية خلال هذا اليوم تتأزم وتُصبح تُشكل هاجسا للمواطني ومع بزوغ شمس أول يوم من عيد الأضحى المبارك، تدخل المدن الجزائرية في شبه سبات، حيث يسارع التجار إلى إغلاق محلاتهم لأسباب مختلفة، ويبقى المواطن في دوامة حقيقية ليجد نفسه عاجزا عن قضاء حاجياته الضرورية. وبقيت معظم المخابز و محلات بيع المواد الغذائية في اليوم الأول من عيد الأضحى موصدة الأبواب أمام المواطنين الذين أضحت بالنسبة لهم عادة بدليل أنهم فضلوا شراء احتياجاتهم من المواد الاستهلاكية عشية يوم العيد لتفادي عناء البحث عنها يوم العيد. فبالرغم من التعليمات الصارمة التي وجهتها السلطات سيما لاصحاب محلات بيع المواد ذات الاستهلاك الواسع وكذا المخابز لضمان الدوام يومي عيد الأضحى و توفير احتياجات المواطن لم يتردد التجار في غلق محلاتهم وجعل عيد الأضحى يوم عطلة على الأقل في يومه الأول. وتتضمن التعليمات جملة من الإجراءات لضمان توفير المواد الاستهلاكية للمواطين بالإضافة إلى تحديد قائمة التجار المعنيين بالمداومة خلال يومي العيد على أن يتعرض المخالفون لها إلى عقوبات صارمة تشمل غرامات مالية وغلق المحل لمدة معينة في بعض الحالات كما دعت الفدرالية الجزائرية للمستهلكين التجار و أصحاب الخدمات إلى ضمان أدنى حد من الخدمة خلال العيد. وفي جولة قصيرة بعدة أحياء من العاصمة سيما بالشوارع الكبرى على غرار شارع ديدوش مراد والعربي بن مهيدي فباستثناء المخبزة الواقعة بشارع باستور بقلب العاصمة التي كانت ممتلئة عن آخرها بالمواطنين لشراء الخبز بدت الشوارع شبه خالية. و يستغل باعة الزهور فرصة العيد التي يقوى فيها الطلب على الورود لفتح محلاتهم باكرا خاصة وان عادة إهداء الزهور بين العائلات أو حتى حملها إلى المقابر بدأت تترسخ في المجتمع وهو ما لوحظ أمام مقبرة ابن عكنون و مقبرة سيدي محمد في قلب العاصمة حيث تباع الزهور امام المدخل. نفس المشهد والديكور تكررا بالمدنية وبوزريعة فباستثناء بعض المحلات الصغيرة لبيع الفواكه كل المخابز (عدا التي تبيع عادة الحلويات) والبقالات كانت مغلقة مما فتح الأبواب أمام بعض المضاربين إلى انتهاز الفرصة لبيع الخبز بضعف سعره العادي أو اكثر خارج المخابز وهو ما أكده أحد المواطنين الذي كان في قمة الغضب بسبب نقص وسائل النقل. وأوضح نفس المواطن أن لا شيء يمكن أن يضع حدا لهؤلاء الذين ينتهزون كل الفرص "حتى في الأعياد الدينية" للربح السريع مضيفا أن العديد من أصحاب المخابز فضلوا بيع الخبز عشية العيد للتجار الموازين والمضاربين ليعيدوا بيعها اليوم ب20 دينارا للخبزة. وبالابيار بأعالى العاصمة التي تعرف عادة حركية واسعة بدت كل المحلات مغلقة بعد صلاة العيد حيث ارجع العدد القليل من المواطنين الذين التقتهم واج أن أصحاب المخابز الذين احترموا التعليمة لجأوا إلى غلقها بسبب نفاذ الخبز في الساعات الأولى من الصبيحة وحتى قبل صلاة العيد. و فسر بعض المواطنين غياب التجار إلى كون العديد منهم يقطنون خارج العاصمة ويفضلون قضاء العيد مع أفراد عائلتهم بمدنهم الأصلية. هذا الشلل الذي أصاب كبرى شوارع العاصمة في أول أيام العيد حتى في حركية المرور لم يؤثر على ما يبدو كثيرا على المواطنين الذين صرحوا لواج أنهم "يدركون جيدا أن التعليمات التي أصدرتها السلطات المعنية لاجبار التجار على الدوام في الأعياد لن تجدي نفعا" ما دفعهم كما قالوا إلى اقتناء مستلزماتهم عشية أمس. و تجدر الاشارة الى انه رغم قلة وسائل النقل فان المترو الرابط بين حي البدر و وسط العاصمة بقي يعمل بشكل طبيعي و كان متنفسا للكثير من المواطنين.