السداسي الأول للسنة الجامعية الحالية انقضى والطلبة شرعوا في ضبط عقارب ساعاتهم على تقويم العطلة الشتوية، ولكن دون أن يجلسوا يوما واحدا على مقاعد الدراسة جراء الإضرابات التي شلت المؤسسات الجامعية عبر الوطن وكذا الاضطرابات التي عبرت الجامعات في مختلف ربوع الوطن بسبب فتنة نظام "ال ام دي" المعتمد في عهد حراوبية الوزير السابق الذي سوق له ومنى به الطلبة قبل أن يكتشفوا أن شهاداتهم ذات السنوات الثلاث لا تكفيهم لافتكاك منصب شغل قار في المؤسسات العمومية فضلا عن الخاصة، فقرروا بذلك الاحتجاج والانقطاع عن الدراسة دون أن يجدوا من الوزير الجديد آذانا صاغية تشبه على الأقل الذان التي كان يصغى بها إليهم حراوبية حتى وإن كانت مجرد أوهام على حد تعبير هؤلاء الطلبة. "أل أم دي" يهدد بتفجير الجامعة وتكرار سيناريو خروج طلبة إلى الشارع وارد مباركي في مواجهة تركة حراوبية المسمومة بالرغم من مغادرته لقطاع التعليم العالي والبحث العلمي، لاتزال بصمات الوزير السابق رشيد حراوبية تطفو على سطح الجامعة الجزائرية مجسدة في تركة مسمومة تركها لخليفته محمد مباركي، هذا الأخير الذي وجد نفسه أمام قنبلة موقوتة تهدد بالانفجار في أي وقت وسط تفاقم مشكل الطلبة مع نظام "أل أم دي" والإهمال الذي تشهده عددا من المؤسسات الجامعية وسوء الخدمات الاجتماعية، ليبقى سيناريو مسيرة آلاف الطلبة في شوارع العاصمة التي صنعت استثناء في الحراك الاجتماعي والمهني مطلع 2011، واردا بعد خريف أبيض عرفته مختلف الجامعات عبر الوطن. ويرى المتتبعون لمسار الجامعة الجزائرية منذ أن تولى تسييرها الوزير السابق رشيد حراوبية، الذي لم تحركه لا الانتقادات الموجهة لنظام "أل .أم. دي"، ولا الإهمال الذي أصاب عددا من المؤسسات الجامعية والخدمات الاجتماعية الجامعية مقابل صفقات ضخمة، بعضها مشبوه، أسال الكثير من الحبر عبر وسائل الإعلام، ولا طريقة إعداد قوائم الفائزين في مختلف المسابقات، منها مسابقات الماجستير خلال السنوات الفارطة، أن فترة تولي الوزير السابق لحقيبة التعليم العالي والبحث العلمي أوقعت الجامعة الجزائرية في دوامة مغلقة لم يستطع خريجو النظام البيداغوجي الجديد "أل أم دي" الخروج منها، بسبب عدم اعتراف الوظيف العمومي بشهادات هذا النظام "ليسانس، ماستر، دكتوراه"، بالرغم من أن الوزير السابق كان قد أكد خلال انتقاده لمن يصفون النظام البيداغوجي بالفاشل أن الوظيف العمومي يقر كل شهادات النظام البيداغوجي الجديد المتمثل في »ليسانس، ماستير، دكتوراه«، مشيرا إلى الحتمية العلمية والاقتصادية التي تقف وراء اعتماد مثل هذا النظام البيداغوجي الذي أثبت فعاليته ونجاعته منذ تطبيقه لأول مرة بالجزائر سنة 2003. ولم يتردد الوزير عن التأكيد أن الشهادات الممنوحة في إطار هذا النظام البيداغوجي الجديد هي شهادات لا تقل شأنا عن مثيلاتها في النظام القديم وأن الوظيف العمومي يعترف بها ويقرها كغيرها من الشهادات، وأوضح في هذا الصدد أن رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة وقع مرسوما رئاسيا يصنف مختلف الشهادات وذلك قبل تخرج أول دفعة من نظام »ليسانس، ماستير، دكتوراه«، بالإضافة إلى تعليمة وزارة تحدد كيفية الانتقال والتقييم في هذا النظام الجديد على المستوى الوطني والتي لا يجوز لأحد أن يخرج عنها، الا أن الواقع يعكس ذلك تماما، حيث لاقى النظام البيداغوجي انتقادات كبيرة من طرف التنظيمات الطلابية والمختصين في البيداغوجيا، نتيجة الغموض الذي اكتنفه في البداية. دليلهم في ذلك الاحتجاجات اللامنتهية منذ اعتماد النظام التنظيمات الطلابية تجتمع على فشل نظام "أل أم دي" في الجزائر اجتمع رأي التنظيمات الطلابية بخصوص فشل نظام "أل.أم.دي" في الجزائر ووقفوا على لسان واحد ودليلهم في ذلك تذمر الطلبة من النظام واحتجاجاتهم اللامنتهية منذ اعتماد النظام على المستوى الوطني. وأكدت التنظيمات الطلابية الممثلة في الاتحاد العام للطلبة الجزائريين رفقة الاتحاد الوطني للشبيبة الجزائرية والاتحاد العام الطلابي الحر، أن الطالب الجزائري يعاني التهميش من نظام اعتمدته الوزارة دون إرساء قواعده. وأضاف ممثلو الطلبة أن نظام أل.أم.دي تخلت عنه الدول التي وضعته لأول مرة، فيما تبنته الجزائر، وهو القرار الذي نجم عنه تأزم الوضع ودخول الطلبة في حركات احتجاجية عبر التراب الوطني. وفي المقابل أكد ممثل الاتحاد العام للطلبة الجزائريين أن خريجي النظام الجديد لاقوا صعوبات كبيرة من الناحية التطبيقية، كون البعض منهم وجد نفسه بلا دراسات عليا لاشتراط معدل قبول مرتفع. فيما وجد البعض الآخر صعوبات في الالتحاق بمنصب بالوظيفة العمومية، لأن هذه الأخيرة تشترط 8 سداسيات للالتحاق بمنصب متصرف إداري، وهو الحال بالنسبة للالتحاق بالتعليم وبمهن حرة كالمحاماة والتوثيق والمحضر القضائي. يذكر أن خريجي نظام "أل.أم.دي" أغلقوا أمس كلية الحقوق ببن عكنون في إضراب مفتوح بعد إشعار الوزارة الوصية بذلك، وهددوا بإرفاق الإضراب بوقفات احتجاجية أمام الجامعة المركزية لجامعة الجزائر "1". وقد ندد خريجو النظام الجديد بسياسة الإقصاء وعدم اعتراف المسؤولين بشهاداتهم انطلاقا من وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، وصولا إلى الإدارات العمومية. وهدد المحتجون أمس بكلية الحقوق بالتصعيد في حال استمر الوزير الجديد محمد مباركي في رفضه فتح باب الحوار للتوجه إلى لغة الاعتصام التي بقيت الخيار الوحيد بالنسبة إليهم، كون الوزير الجديد لا يزال ينتهج سياسة سلفه رشيد حراوبية المتعلقة باللامبالاة تجاه مطالبهم، بالرغم من تنظيمهم سلسلة من الاعتصامات منذ سنة 2011 أمام مقر الوزارة والوظيفة العمومية، وحتى أمام مقر الوزارة الأولى، والتي قوبلت بتدخل مصالح الأمن من أجل تفريق المحتجين بالرغم من حضورهم في اليوم المخصص لاستقبال المواطنين.