سرّية تامة أحاطت عملية دخول المتهم في قضية القرن، "عبد المومن رفيق خليفة" إلى الجزائر، وهو الاسم الذي أسال الكثير من الحبر في الصحافة العالمية والمُدان غيابيا من طرف محكمة الجنايات بالبليدة منذ مارس سنة 2007 بالسجن المؤبد لارتكابه عدة جرائم تتعلق بتسيير المجمع "الخليفة" وكذا تشكيل جماعة أشرار والسرقات التي تمت على مستوي مختلف الوكالات التابعة للبنك بأمر من عبد المومن خليفة نفسه والتسيير الفوضوي والإهمال الذي ميز كل التحويلات بالعملة الصعبة تحت غطاء معاملات مختلفة، إلى جانب ارتكابه جرائم التزوير والاحتيال وخيانة الثقة وتزوير وثائق رسمية وبنكية والرشوة واستغلال النفوذ والإفلاس المفتعل. وفي الأخير "عبد المومن رفيق خليفة"، يقبع بسجن الحراش رفقة جميع السجناء بعد تسليمه مساء أمس من طرف السلطات البريطانية، وسوف يخضع لمحاكمة " عادية" وفق إجراءات القانون الجزائري، ويملك الحق في توكيل ما شاء من المحامين سواء من داخل أو خارج الوطن، ولا شكّ أن هذه المحاكمة سوف تجلب اهتمام الرأي العام والطبقة السياسية في الجزائر وتحت تغطية إعلامية مهمة مثلما جرى في أول محاكمة حول القضية سنة 2007. خبر تسليم "الخليفة" تأكد منذ حوالي أسبوع فقط، عندما أكد وزير العدل حافظ الأختام الطيب لوح يوم الثلاثاء 17 ديسمبر أن تسليم عبد المومن خليفة من طرف السلطات البريطانية إلى الجزائر من المفروض أن يتم قبل 31 ديسمبر إذا لم يكن هناك طعن أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، وهذا ما لم يحدث، لكن إلى غاية صباح يوم الثلاثاء لم تتسرب أي معلومة عن الملف لا سيما وأن وزير العدل حافظ الأختام صرّح للصحافة خلال تنصيبه لرئيسة مجلس قضاء تيبازة والنائب العام لمجلس قضاء تيبازة أن تسليم الخليفة سيتم عند استكمال الإجراءات القانونية، وقد التزمت السلطات البريطانية والجزائرية أعلى درجات التكتم حول طريقة والتوقيت الدقيق لتسليم الخليفة وموعد وصوله إلى الجزائر، إلى غاية حدود الساعة الرابعة مساء حين تغيّرت جميع المعطيات، حيث تلقت جميع مصالح الأمن والمسؤولين على مستوى المطار الدولي هواري بومدين تعليمات بضرورة وضع خطة محكمة تحسبا لدخول المتهم رقم واحد العائد من بريطانيا، وبعدها أصدرت وزارة العدل بيانا تؤكد فيه تسليم رجل الأعمال الجزائري الهارب عبد المومن رفيق خليفة إلى الجزائر من طرف السلطات البريطانية وفقا للإجراءات القانونية وأحكام الاتفاقية القضائية بين الجزائروبريطانيا. وتبعا لاستنفاذ كافة إجراءات الطعن المتعلقة بتسليم عبد المومن رفيق خليفة أمام قضاء المملكة المتحدة والقضاء الأوروبي، فقد استكملت كافة إجراءات الاستلام من قبل الفريق الجزائري الذي تنقل يوم الأحد الماضي إلى لندن لتسليم المعني بالأمر. أما عن كواليس دخول عبد المومن خليفة بعد 10 سنوات من الفرار، فقد رصدت "البلاد" التي تنقلت إلى المطار الدولي حركة غير عادية، فرغم أن المسافرين كانوا يجهلون ما يحدث، إلا أن حضور وسائل الإعلام بكثافة إلى المطار وأمام تواجد أمني مُكثّف، خلق شكوكا وسط المسافرين الذين بدأوا يتساءلون عما يحدث، بقينا نتساءل عن المخرج الذي سينقل منه "الخليفة" لكن بدون جدوى، غير أن مصادر متطابقة ل "البلاد" كشفت لنا بعض تفاصيل دخوله. حيث كانت الساعة تشير بالضبط إلى السادسة و20 دقيقة بتوقيت الجزائر عندما حطّت طائرة تابعة للخطوط الجوية الجزائرية على متن رحلة عادية، بالمطار الدولي قادمة من مطار "لندن هثرو" ببريطانيا بعد حوالي ساعتين من الرحلة، على متنها مسافرين، الذين حسب روايات ل "البلاد لم يفهمُ سبب الإجراءات الاحترازية على متن الرحلة منذ انطلاقها من لندن، وأضافت مصادرنا أن "عبد المومن" كان آخر من نزل من الطائرة، وكان جالسا بالجهة الخلفية للطائرة. "خليفة ينزل من الطائرة رفقة قضاة وسيارة "بي.أر.إي كانت في انتظاره" لحظات بعد نزول المسافرين ونقلهم، نزل الخليفة من الجهة الخلفية من الطائرة، وهو يرتدي معطفا مُكبلا بالأغلال رفقة قضاة أي الفريق الذي تنقل لاستلامه من بريطانيا ومباشرة بعد نزوله أدراج الطائرة وجد سيارة فرقة البحث والتدخل للأمن الوطني "بي.آر.إي" في انتظاره، ليُسلّم إلى الشرطة ويصعد المركبة وهو مكبّل اليدين ثم تنطلق المركبة... الوجهة "النائب العام لمجلس قضاء البليدة للتحقق من الهوية" كانت وجهة مركبة "بي.آر.إي"، مجلس قضاء البليدة، حيث توجه عبد المومن رفيق خليفة إلى النائب العام لمجلس القضاء، من أجل استكمال إجراءات التسليم والتي تتمثل في التحقق من هويته، ثم سجّل خليفة معارضته، ليأمر النائب العام بنقله إلى سجن الحراش أي وضعه الحبس الاحتياطي، إلى حين استكمال جميع إجراءات المحاكمة، التي سيتحدد موعدها لاحقا، إذ أفاد رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان فاروق قسنطيني، في اتصال ب "البلاد" أن خليفة يُمكن أن يُوضع في غرفة لوحده وهذا لا يعني أنه معزول، وإنما هي إجراءات معمول بها، وتتمثل في وضع مسؤولين معيّنين في حالة إدانتهم في زنزانات خاصة، وأوضح قسنطيني أن محاكمته لا شكّ في أنها ستجري في ظروف عادية واحتراما لقوانين خاصة وأنها ستجري تحت وأمام أعين الجميع من الرأي العام الصحافة. وأضاف قسنطيني أن خليفة يُمكنه أن يُوكل من يشاء من محامين أو هيئة دفاع وحتى محامين من خارج الوطن، ومن المعتقد أن تدوم الإجراءات القانونية حوالي 4 أشهر لتنطلق المحاكمة في حدود شهر أفريل أو ماي.