في خطوة هزت العلاقات الخليجية بقوة ، أعطت مؤشرا قويا بأن أزمة كبيرة تعيشها هذه الدول فيما بينها على خلفية التباين الكبير في وجهات التباين في وجهات النظر حول العديد من القضايا ، سحبت كل من المملكة العربية السعودية و البحرين و الامارات العربية المتحدة سفرائها من العاصمة القطريةالدوحة. و لا يحتاج المتابع للتطورات السياسية الحاصلة في العالم العربي الى جهد كبير من أجل معرفة هذا الشرخ في البيت الخليجي ، فالموقف من تنظيم الاخوان المسلمين الذين تدعمهم قطر بشدة حين تولوا السلطة في القاهرة و حتى بعد الاطاحة بالرئيس محمد مرسي من طرف وزير دفاعهم عبد الفتاح السيسي. و بدأت تبعات هذا الموقف الذي اتخذته الدول الثلاث تصنع ردود فعل رسمية مثل تلك التي صدرت من نظام عبد الفتاح السيسي الذي أيد الخطوة ، أو تلك القلقة عن الوحدة الخليجية و العمل العربي المشترك كما قل بيان صادر عن ديوان أمير الكويت. غير أن وسائل التواصل الاجتماعي كانت منبرا للجدل "الشعبي" حول هذا التطور الخطير ، بين من أيد موقف الدول الثلاث ضد قطر، معتبرا اياه صمن سياسي على "تجاوزات سياسية" أقدمت عليها الدوحة ، و بين متضامن مع قطر التي "دافعت عن شرعية رئيس منتخب في وجه انقلاب عسكري غاشم". و كعادتهم انخرط الجزائريون عبر الفايسبوك في هذا الجدل ، حيث بدا جليا تضامنهم مع قطر ضد القرار الذي اتخذته الدول الثلاث ضدها ، معتبرين اياه يدخل في سياسة تكميم الآراء المناهضة للموقف الذي تتبناه المملكة العربية السعودية و حلفائها في الخليج ، ضد كل من يتعاطف مع الاخوان المسلمين. و هو ليس بالموقف الغريب عن الرأي العام الجزائري الذي تعاطف مع الرئيس المصري المنتمي الى جماعة الاخوان المسلمين ، حيث اعتبر أغلبيتهم أن ما حصل هو استيلاء غير شرعي على السلطة ، بمساندة أنظمة خليجية و على رأسها المملكة العربية السعودية التي لا تلقى مواقفها في الأصل شعبية لدى الجزائريين . و لكن موقف الجزائريين المؤيد لقطر في قضية سحب سفراء الدول الثلاث منها ليس موقفا ثابتا في سياستها الخارجية ، فدورها في الأزمتين السورية و قبلها الليبية خلف ردود فعل رافضة كبيرة في الجزائر ، بعد المآل الدموي في الأولى ، و الفوضى الكبيرة التي انتشرت في الثانية. و هو ما يؤكد أن الرأي العام الجزائري لا يتعامل بمنطق التأييد أو المعارضة المطلقين ، بل تحكمه التفاصيل و اسباب و انعكاسات كل موقف على العالم العربي و مصالح شعوبه .