كشفت النتائج الرسمية التي أعلن عنها وزير الداخلية والجماعات المحلية الطيب بلعيز، عن فوز ساحق للمرشح عبد العزيز بوتفليقة بغالبية الأصوات المعبر عنها، متبوعا بمنافسه علي بن فليس الذي وجد نفسه في رواق "الأرانب" وهو الذي كان يتحدث بلغة الواثق عن مصطلح "إمّا وإمّا". منحت الانتخابات الرئاسية ليوم 17 أفريل 2014 فوزا عريضا للمترشح عبد العزيز بوتفليقة الذي تحصل على 8 ملايين و332 ألف و598 صوتا أي ما يعادل 81.53 بالمائة من الأصوات المعبر عنها، متبوعا بالمترشح علي بن فليس الحائز على مليون و244 ألف صوت من مجموع الأصوات المعبر عنها أي بنسبة مئوية فاقت 12 بالمائة، يليه المترشح عبد العزيز بلعيد بأزيد من 343 ألف صوت ثم المترشحة لويزة حنون بنحو 140 ألف صوت، والمترشح علي فوزي رباعين بنحو101 ألف صوت، وأخيرا المترشح موسى تواتي بنحو 57 ألف صوت. هذه النتائج الرسمية التي تبقى تنتظر فتوى المجلس الدستوري لترسيمها والتي أسفرت عن تجديد الثقة في شخص الرئيس بوتفليقة لعهدة رابعة تعزز الأطروحة التي برزت قبيل الموعد الانتخابي وما شاب الوضع العام من تشنج وتخوف وعودة هواجس فترة التسعينيات التي مازالت تشكل كابوسا للجزائريين. فتجديد الثقة لبوتفليقة الذي ظهر يوم الاقتراع على كرسي متحرك، هو رسالة على تمسك المواطنين بالأمن والأمان الذي لا يريدون استبداله بأي مسعى آخر قد يكون مفتاحا لأزمة أمنية دموية تجر البلد إلى انقسامات على النحو الذي ظهر عليه المشهد السياسي. كما شكل الإجماع الوطني على مساندة بوتفليقة لعهدة رئاسية رابعة، حافزا للناخبين، حيث أظهر اصطفاف حزب جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي وعشرات التشكيلات السياسية والمنظمات الوطنية والأسرة الثورية والطلابية إلى جانب المترشح بوتفليقة مؤشرا على استقرار الوضع السلطة التي أوجدت تطابقا في وجهات النظر بين كافة مساندي مرشحها للعهدة الرئاسية الرابعة. وبطبيعة الحال، فإن الناخب يكون قد اختار مؤشر الاستقرار الأمني والرهانات الاقتصادية والسياسية التي تنتظر المرحلة القادمة. أما بالنسبة لباقي المترشحين فإن نصيب المترشح علي بن فليس من هذا الاستحقاق يبدو هزيلا بالنظر إلى ما كان مرتقبا من خلال التجمعات التي نشطها في مختلف ولايات الوطن، إلا أن حالة البسيكوز التي تملكت الشارع الجزائري عشية الاقتراع قلبت كافة الموازين لصالح المرشح الحر عبد العزيز بوتفليقة وجعلت علي بن فليس في موقع المدافع عن خطاباته عوضا عن المترشح الذي لا يتردد في انتقاد ومهاجمة خصومه. ومن الواضح جدا أن بن فليس سقط في فخ الإسقاطات عوضا عن الخطاب السياسي المباشر الذي افتقده في الحملة الانتخابية، وفي الوقت الذي كان منافسوه أوممثلو منافسه الرئيسي لا يتجاوزون الربع ساعة في طرح أفكارهم، كان بن فليس لا يتردد في قضاء ساعة كاملة في الشرح والتوضيح، رغم ذلك فإنه لم ينجح في مواجهة الحملة الشرسة التي أسقطته بالضربة القاضية، خصوصا أن تصريحات بعض مساعديه ضاعفت من متاعبه من التدخل الأجنبي إلى مغازلته للفيس وتياراته المختلفة. فيما تمكن عبد العزيز بلعيد من افتكاك المرتبة الثالثة رغم حداثته بالعمل السياسي والترشح للانتخابات الرئاسية واعتبار هذه المرتبة حافزا لبلعيد عبد العزيز من أجل أن يعزز تواجده السياسي في المرحلة القادمة، بينما لم يخرج فوزي رباعين عن الرواق الذي اعتاد السير فيه. أما لويزة حنون فهي الخاسر الأكبر رفقة موسى تواتي فالأولى كانت تطمح إلى مرتبة متقدمة في هذا السباق، أما الثاني فإن النتيجة التي تحصل عليها فلم تبلغ مستوى التوقيعات التي نالها لخوض الاستحقاق الرئاسي.