عكست إحصائيات النصف الأول من شهر جويلية الجاري بشأن حوادث المرور حجم الفاتورة التي تدفعها الجزائر جراء إرهاب الطرقات ومجازره الدموية. في الأسبوع الماضي عرفت قرية حمام بوغرارة، على مقربة من مدينة مغنية الحدودية غرب تلمسان، تراجيديا مرورية. في ليلة الأحد إلى الاثنين أحست عجوز في الستين من عمرها بألم في مفاصلها ورأسها، المناسبة زفاف ابنتها. نادت على ابنها البالغ من العمر 26 سنة الذي أصر على نقلها إلى مستشفى مغنية، نحو15 كلم عن قرية حمام بوغرارة. امتطى هوووالدته سيارة صديقه رفقة أحد أقاربه الذي يعمل في القطاع الصحي. كانت الساعة تشير إلى الثالثة صباحا.. بعد قطع بضعة كيلومترات تعرضت سيارة ''أكسنت'' لانزلاق خطير'' توفيت العجوز وابنها والسائق، بينما يرقد مرافقهم الرابع في مستشفى مغنية في حالة خطيرة. النتيجة: تحول الزفاف إلى مأتم وتحولت أفراح العائلة إلى بكاء ورثاء وعزاء وذكريات قاسية وأليمة على الجميع وتلاشت عائلة بأكملها. أردت أن أورد هذه الواقعة التي تغني عن عشرات الأرقام وعن مئات التصريحات وآلاف التوجيهات. خطر حوادث المرور أصبح مشكلا يهدد الأمن العام كما يهدد الاستقرار، لذلك فإن البحث عن الحلول الناجعة وتشخيص الظاهرة وفق معطيات حقيقية هو الأولى في هذه المرحلة التي تسجل فيها الدول العربية على سبيل المثال خسائر حسب تقرير الأمانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب ب60 مليار دولار سنويا. جزائريا أشارت الإحصائيات الصادرة عن مصالح الحماية المدنية إلى وفاة 62 شخصا وجرح 988 آخرين في 794 حادث مرور خلال الفترة الممتدة ما بين 11 و17 جويلية. الرقم مخيف وخيالي لكنه حقيقي والضحايا رحلوا عن أهلهم دون وداع وبلا سابق إنذار، والأكيد أن وراء كل حادث مخلفات تراجيديا تنفطر لها القلوب. وإذا كان إرهاب الطرقات يحصد كل هذه الأرواح فإن الغرق بحرا والحرائق والحوادث الأخرى خلال هذه الصائفة لا تقل ''شراسة'' في تعداد ضحاياها عما هو مسجل في حوادث المرور. وفي هذا السياق أشارت الأرقام المعلنة من قبل مصالح الحماية المدنية إلى تسجيل 221 حريق غابة و342 حريق محاصيل زراعية تسببت في إتلاف 663 نخلة و257,25 شجرة مثمرة. من جانب آخر توفي 87 شخصا غرقا منذ بداية موسم الصيف مطلع شهر جوان الماضي. ولحسن الحظ كانت مصالح الحماية المدنية قد نجحت في إنقاذ 11696 شخصا من الغرق في الشواطئ المسموح السباحة فيها. مع الإشارة إلى توافد ما يقارب 33 مليون شخص على هذه الشواطئ في الفترة نفسها. وتؤكد هذه الأرقام أن كل الطرق تؤدي إلى الموت في بلادنا بعدما تعددت مصادرها وأساليبها في ظل غياب روح المسؤولية على مستويات عدة.