أثار خطاب المعارضة المطالب بحل البرلمان، من جهة، والتوقعات باستجابة رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة لهذا المطلب كخطوة لتكريس الهدنة بين السلطة والمعارضة، من جهة أخرى، حالة من الارتباك في أوساط نواب المجلس الشعبي الوطني، الذين اختلط عليهم الأمر، في وقت يستعدون لاستئناف جلسات مناقشة المشاريع القانونية المطروحة عليهم، بالتنسيق مع التشكيلة الجديدة للحكومة المرتقب الكشف عنها بين الحين والآخر، في وقت، لا يعلمون ما إذا كانوا سيكملون عهدتهم النيابية إلى غاية 2017، أم أن الرئيس سيستجيب لهذه الدعوات ويقوم بحل البرلمان طبقا للصلاحيات التي يخولها له الدستور. وتسبب الجدل حول "حل البرلمان" في انتشار الشائعات بين البرلمانيين، رغم أن أحزاب "المولاة" ممثلة في الأفلان والأرندي وتاج والجبهة الشعبية، استبعدت إمكانية حله لغياب أي مبررات سياسية لذلك، إلا أن العديد من الأطراف في المعارضة توقعت احتمال لجوء الرئيس بوتفليقة إلى خيار حل البرلمان بهدف تكريس الهدنة بين السلطة والمعارضة ممثلة في تنسيقية الانتقال الديمقراطي التي تضم حركة مجتمع السلم والأرسيدي، وحركة النهضة وجبهة العدالة والتنمية وحزب جيل جديد، الذي صرح رئيسه جيلالي سفيان ل«البلاد" أن "بوتفليقة قد يلجأ إلى حل البرلمان كخطة لاحتواء المعارضة وتكسيرها". وتولدت هذه المخاوف لدى البرلمانيين في أعقاب خطاب الرئيس بوتفليقة بمناسبة أدائه اليمين الدستورية الذي تعهد فيه بأنه سيقوم بإصلاحات سياسية، وهو ما اختلفت القراءات السياسية بشأنه، فمنهم من يرى أن أي إصلاحات سياسية سيتم إدخالها ستندرج لا محالة في التعديل الدستوري، وأن هذه الإصلاحات هي التعديل الدستوري، لا أكثر ولا أقل، ومنهم من توقع أن يلجأ بوتفليقة إلى حل البرلمان وتنظيم انتخابات تشريعية مسبقة لاحتواء المعارضة، لا سيما وأن مطلب حل البرلمان يشكل جزءا مهما من جملة المطالب، التي ترفعها تنسيقية الانتقال الديمقراطي التي ترى أن البرلمان الحالي يفتقد إلى الشرعية، وأن التغيير والانتقال الديمقراطي لابد أن يمر عبر انتخابات تشريعية مسبقة. في خضم كل هذا، يستعد البرلمان بغرفتيه ليستأنف جلساته العادية، بعد شهرين من الجمود، خاصة وأن الدورة البرلمانية لم يبق من عمرها سوى زهاء شهرين فقط، في وقت تضم أجندة المشاريع المقررة عشرة مشاريع قوانين، على الأقل. وخلال الشهرين الماضيين من عمر الدورة البرلمانية، لم يعقد البرلمان بغرفتيه منذ تاريخ افتتاح الدورة البرلمانية الربيعية بتاريخ 3 مارس الفارط إلى اليوم أي جلسة، ولم يناقش أو يصادق على أي مشروع قانوني، بسبب انشغال الجميع، نوابا وحكومة وأحزابا، بالرئاسيات، رغم أن جدول أعمال دورة الربيع لسنة 2014 يتضمن قائمة بعشرة مشاريع قوانين، منها ستة مشاريع أودعت في وقت سابق لدى مكتب المجلس الشعبي الوطني، وهو مشروع قانون يعدل ويتمم القانون رقم 05- 06 المؤرخ في 23 أوت سنة 2005 والمتعلق بمكافحة التهريب، مشروع قانون التعاضديات الإجتماعية، مشروع قانون القواعد العامة المتعلقة بالطيران المدني، مشروع قانون الموارد البيولوجية، ومشروع قانون أنشطة وسوق الكتاب، ومشروع قانون التمهين، إضافة إلى أربعة مشاريع قوانين من المتوقع أن تحيلها الحكومة لاحقا على مكتب المجلس الشعبي الوطني لكنها لم تحال إلى غاية الآن، وهي مشروع قانون يتضمن قانون الخدمة الوطنية، ومشروع قانون يعدل ويتمم القانون التوجيهي لترقية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، ومشروع الحالة المدنية، ومشروع قانون الجمارك، طبقا لما أعلن عنه محمد العربي ولد خليفة، رئيس المجلس الشعبي الوطني، في وقت سابق خلال اجتماع مشترك لمكتبي غرفتي البرلمان خصص لضبط جدول أعمال الدورة الربيعية 2014 للبرلمان. واقتصر نشاط المجلس الشعبي الوطني خلال الدورة الحالية على تنظيم يوم برلماني واحد حول موضوع "المقاولة الجزائرية أمام البنك". فيما ينتظر تنظيم يوم برلماني آخر غدا الإثنين حول موضوع "دور ومكانة القابلة في المنظومة الوطنية للصحة". وفيما عدا هذا تركزت كل نشاطات البرلمان في المجال الديبلوماسي من خلال استقبال بعض الوفود الأجنبية، بالإضافة إلى تمثيل الجزائر في بعض المحافل الدولية كمشاركة ولد خليفة في أشغال الجمعية 130 للاتحاد البرلماني الدولي بجنيف بسويسرا، ومشاركة نائبين أو ثلاثة في مؤتمرات وندوات في الخارج كممثلين للجزائر.