الزمن المتبقي من عمر الدورة البرلمانية الربيعية لا يتجاوز الأيام المعدودة قبل إسدال الستار عنها الخميس المقبل، وبداية العد التنازلي للفترة التشريعية السادسة التي دخلت سنتها الأخيرة، ولعل أهم ما ميز الدورة البرلمانية الحالية تجسيد أولى خطوات مبادرة الإصلاحات الشاملة التي أطلقها الرئيس بوتفليقة بالمصادقة على قانون البلدية ورفع التجريم عن جنحة الصحافة في انتظار مراجعة ما تبقى من القوانين الأساسية في مسار الإصلاحات، متجاهلا في المقابل الأصوات المنادية بحل المجلس الشعبي الوطني. يختتم البرلمان بغرفتيه الخميس المقبل دورته الربيعية التي تميزت بمناقشة العديد من مشاريع القوانين التي أحالتها الحكومة على المجلس الشعبي الوطني مقارنة بالدورات السابقة والتي كانت تميزت ببعض الركود السياسي، وفضلا عن غزارة مشاريع القوانين التي ناقشها البرلمان في الدورة الحالية فإن الشروع عمليا في تجسيد مسار الإصلاحات الشاملة التي أعلن عنها الرئيس بوتفليقة منتصف أفريل الفارط يعتبر الحدث الأهم حيث ناقش البرلمان وصادق على مشروع قانون البلدية الذي جاء لإعادة ترتيب العلاقة بين المنتخبين المحليين وبين المنتخبين والوصاية لوضع حد لحالات الانسداد التي كانت ميزة ملازمة للمجالس المحلية مما يحول دون التكفل بانشغالات المواطنين، كما تميزت الدورة الربيعية أيضا بمراجعة قانون العقوبات من أجل رفع التجريم عن جنحة الصحافة تجسيدا لتعليمات الرئيس بوتفليقة، وكذا إنشاء لجنة تحقيق برلمانية لتقصي الحقائق في ما يعرف بانتفاضة الزيت والسكر التي عرفتها الجزائر مع بداية السنة الجارية. ورغم اختلاف التقييم للدورة البرلمانية الربيعية بين أصوات الإتلاف الحكومي والمعارضة التي فضل بعض أقطابها وهما التجمع الوطني الديمقراطي والجبهة الوطنية الجزائرية مقاطعة أشغال البرلمان منذ مارس الفارط، إلا أن آراء المتتبعين للشأن السياسي الوطني ترى أن البرلمان الحالي أمام مهمة حاسمة للمرور بالبلاد إلى مرحلة جديدة في بناء الديمقراطية ودولة القانون وإنجاح الإصلاحات السياسية التي بارد بها الرئيس بوتفليقة لإبعاد الجزائر عن مخاطر التوتر التي تحيط بالمنطقة العربية منذ بداية السنة أو ما أخذ تسمية الربيع العربي، ولعل أهم هذه القوانين قانون الانتخابات والأحزاب السياسية والجمعيات والإعلام، قبل أن يكمل المهمة البرلمان المقبل لمراجعة القانون الأم وهو الدستور. ومثلما كانت الدورة الربيعية حافلة بالأنشطة السياسية والتشريعية فإن المجلس الشعبي الوطني لم يسلم أيضا من انتقادات المعارضة التي رأت في الأحداث التي عرفتها المنطقة العربية وامتدت تداعياتها إلى الجزائر فرصة لتجديد مطلب حل الغرفة البرلمانية السفلى وانتخاب مجلس تأسيسي تمثيلي مثلما حملته مطالب بعض التشكيلات السياسية على غرار حزبي الأفافاس والعمال، وهو المطلب الذي عارضته بقية القوى السياسية كما لم ير الرئيس بوتفليقة جدوى من الذهاب إليه باعتباره يقفز على مكتسبات وانجازات الجزائر طيلة ما يقارب نصف قرن من الزمن والعودة إلى نقطة الصفر.