تحاشى وزير الدفاع المصري السابق عبد الفتاح السيسي الذي أدى اليمين الدستورية رئيسا للجمهورية أمس، أن يكون مقر إقامته قصر الاتحادية في القاهرة، مما دفع بمراقبين إلى القول إن "المشير" ينظر إن هذا المكان بمنظار السوء و"التطير"، فهو القصر الذي شهد مظاهرات شعبية أمامه أطاحت بنظام الرئيس الأسبق حسني مبارك. ثم اتخذه الرئيس المعزول محمد مرسي مقرا له. ومن هنا وقع الاختيار على قصر "القبة" الذي وصفت صحيفة "نيويورك تايمز" بالقصر "المسحور" ومتحف الأعاجيب. ويقول المؤرخون إن هذا القصر التاريخي شيده إبراهيم باشا عام 1842 وخصصه الخديوي إسماعيل لزوجته شوق نور هانم، وفيه أنجبت أكبر أبناءه الخديوي توفيق، والذي صار القصر في فترة حكمه مسرحا لأفخم الاحتفالات الخاصة وحفلات الزفاف الملكية. وقصر القبة يصنفه المؤرخون في المرتبة الثانية من حيث الأهمية بعد قصر عابدين، وإن كان حكام أسرة محمد علي كان يفضلون القبة عن عابدين، لأن الأول كان بعيداً عن زحام وسط القاهرة، ولم يكن عرضه لنظرات الفضوليين والصحافيين نظراً لسوره الهائل الارتفاع والذي أمر ببنائه الملك فاروق عام 1942، حتى لا يكون داخل القصر مكشوفاً للمنازل المجاورة، ثم ألقى فيه خطاب الأول للشعب. وأقيمت في قصر الاتحادية الرئاسي أمس، مراسم تسليم السلطة إلى الرئيس المصري الجديد عبد الفتاح السيسي بعدما أدى اليمين أمام المحكمة الدستورية. ووقع السيسي والرئيس المؤقت عدلي منصور خلال المراسم وثيقة تسليم واستلام السلطة. وهو تقليد يتبع لأول مرة في البلاد. وتضمنت المراسيم كلمة للسيسي قال فيها إن رئاسة مصر مسؤولية كبيرة وشرف عظيم، وأكد أنه سيعمل على سيادة قيم الحق والسلام وتأمين مستقبل أفضل لشعب مصر. وقال إنه سيركز جهوده مع بقية أجهزة الدولة على بناء الداخل وإعادة بناء دور مصر الإقليمي. واستقبل السيسي خلال المراسم رؤساء الوفود التي قدمت لتهنئته بتولي السلطة ومن بينهم قادة دول عربية وأفريقية فضلا عن ممثلين عن دول غربية. ومن أبرز الحاضرين قادة الكويت والبحرين والأردن وفلسطين ووليا عهد السعودية وأبو ظبي. وسبق مراسم التنصيب أداء السيسي اليمين الدستورية رئيسا لمصر أمام الجمعية العامة للمحكمة الدستورية العليا برئاسة المستشار أنور العاصي، وبحضور الرئيس المؤقت منصور، وذلك وسط استعدادات أمنية مشددة. وحضر مراسم اليمين الدستورية للسيسي حشد من المسؤولين المصريين الحاليين والسابقين. وقبل أداء السيسي اليمين ألقى المتحدث باسم المحكمة الدستورية كلمة أشاد فيها بما أسماه "ثورتي 25 يناير و30 يونيو" كما أشاد بالسيسي الذي اعتبره منقذا لمصر ولثورة 25 يناير من "جماعة متطرفة" وحمى البلاد من التمزق والفتن. واعتبر المتحدث في كلمته أن ثورة يناير وقعت في قبضة جماعة "مزقت جسد الوطن" في إشارة إلى جماعة الإخوان المسلمين. وأضاف أن الجيش والشعب المصريين اتحدا في 30 يونيو "لإزاحة القهر والاستبداد". من ناحية أخرى، يتولى السيسي رئاسة مصر وفي انتظاره العديد من التحديات، بعضها كان سببا من وجهة نظر السيسي نفسه للانقلاب على الرئيس محمد مرسي. ويأتي في مقدمة التحديات تردي الأوضاع المعيشية لكثير من المصريين وتبدد كثير من الآمال التي علقت على ثورة 25 يناير يضاف إلى ذلك فقدان الأمن. وكانت اللجنة العليا لانتخابات الرئاسة في مصر أعلنت رسميا الثلاثاء الماضي فوز السيسي بانتخابات الرئاسية بحصوله على 96.9 % من الأصوات مقابل 3.9 % لمنافسه حمدين صباحي، في الاقتراع الذي قاطعته جماعة الإخوان المسلمين وأحزاب سياسية أخرى.