هل أصبح تجريم الاستعمار قضية ''غير وطنية''؟ يمكن تعديل السؤال على النحو التالي أيضا: هل تجريم الاستعمار قضية وطنية؟ ماهو حدود الضرر الذي يلحق بمصالحنا عندما نجرم الاستعمار الفرنسي ونؤسس لقاعدة جريمة الأمس وعقاب اليوم. قبل سنة لم تكن هذه الأسئلة مطروحة لدى الجزائريين. أما اليوم فقد أعاد ''التراجع'' إن صح هذا التعبير شبه الرسمي عن إصدار قانون لتجريم الاستعمار مثل هذه الأسئلة إلى واجهة الشأن السياسي في الجزائر. عندما قال وزير خارجية فرنسا إن البرلمان لن يصدر قانونا يجرم الحقبة الاستعمارية لبلاده في الجزائر، اعتقدنا أن كوشنير يهذي لأن الأحداث السياسية والأزمة التي عصفت ''ولازالت'' بالعلاقات الثنائية بين الجزائر وباريس كانت تصب في مجرى الإدانة العاجلة والعلنية والرسمية والشعبية لكل رموز الاستعمار الفرنسي من 1830 إلى .1962 وبمرور سنة على حملة التعبئة ''الوطنية'' فإن أسئلة كثيرة تطرح نفسها بحدة: هل يمكن تجريم الاستعمار في الخطابات والمهرجانات والتجمعات الشعبية؟ لماذا نعدد جرائم فرنسا في المناسبات الوطنية ولا نقدر على تجريم فعلها بشكل عملي عبر المؤسسات التشريعية والقنوات الرسمية؟ لماذا تدين فرنسا ما يسمى بجرائم الأتراك بحق الأرمن و تعلن عدائها لكل صوت يسعى لتجريم فترة تواجدها في الجزائر، وما ارتكبته من جرائم بشعة في حق الجزائريين طيلة أكثر من قرن؟ وماهو مقدار جرم الآخرين مقارنة بجرائم فرنسا الاستعمارية في الجزائر؟ اليوم وبعد هذا التحول حري بنا النضال من أجل قانون يجرم كل من لا يجرم الإحتلال..