تثير مشاركة الشاعرين الجزائريين عمر أزراج وسميرة نقروش في الطبعة الثالثة عشر لمهرجان ''لوديف'' لشعراء البحر المتوسط التي اختتمت مؤخرا بفرنسا، العديد من التساؤلات خصوصا أن التظاهرة شهدت حضور شعراء وفنانين إسرائيليين، ففي الوقت الذي ظل العديد من المثقفين والشعراء العرب يعتذرون عن المشاركة بدعوى مايحمله المهرجان من مظاهر تطبيعية مع الكيان الصهيوني. لم يجد العديد من الشعراء العرب ''حرجا'' في مشاركة إسرائيليين النقاشات التي تمت في التظاهرة التي ترعاها منظمة ''اليونسكو'' ومعهد العالم العربي بباريس وتحمل دوما شعار ''أصوات شعرية من المتوسط''. وعلى الرغم من أن القائمين على المهرجان ظلوا يؤكدون منذ تأسيسه على أنهم يعملون لتشجيع الروابط الثقافية لدول البحر الأبيض المتوسط ومحاربة الصهيونية بكافة أشكالها، إلا أن هذا الموقف تغير بعدما صار رئيس بلدية ''لوديف'' المعروف ب''ميولاته الصهيونية'' وانتمائه لعائلة من ''الأقدام السوداء'' ضمن لجنة التنظيم، إضافة إلى أن مدينة ''لوديف'' التي تقع على بعد 200 كلم من مرسيليا تتميز بأن نصف سكانها ينتمون إلى فئة ''الأقدام السوداء'' وآخرين من اليهود المغاربة. من ناحية أخرى، شهد المهرجان في طبعته الثالثة عشر مشاركة أكثر من مائة شاعر وموسيقي وفنان من مختلف الأقطار العربية بما فيها الجزائر، إلى جانب شعراء من إسرائيل. ونسقت المشاركة العربية الشاعرة السورية سلوى النعيمي التي تشغل منصب المسؤولة عن الإعلام العربي بقسم الاتصال في المعهد العربي بباريس. وتتقدم تظاهرة ''لوديف'' الشعرية سنة بعد أخرى على صعيد قبولها والمشاركة فيها من قبل الشعراء العرب، خصوصا لدى الجيل الجديد، وذلك رغم مشاركة الشعراء الإسرائيليين، حيث يصر هؤلاء على الحضور مبررين الأمر من باب أنه ''لايعقل تغييب الصوت الشعري العربي عن كافة المهرجانات الدولية لمجرد مشاركة شعراء إسرائيليين هم في الأغلب من أنصار السلام''. ورغم هذا التوجه، تحدث في العديد من الطبعات مفارقات كثيرة، حيث يعتذر بعض الشعراء العرب عن المشاركة قبل أيام من موعد المهرجان رغم قبولهم السابق، أو عدم المجيء دون اعتذار أو الحضور ومقاطعة الفعاليات الشعرية والقيام بنشاطات سياسية، كما حصل في دورة 2002 أين طلب أحد الشعراء السوريين من المشاركين التوقيع على عريضة من أجل التضامن مع فلسطين. وفي السياق ذاته، يصر شعراء آخرون على المقاطعة أمثال الإماراتية ظبية الخميس التي وجهت لها دعوة سنة 2006 لكنها اعتذرت حين عرفت أن إسرائيليين سيشاركون، حيث قالت آنذلك ''لا أتصور نفسي مشاركة في مهرجان شعري يضم عناصر إسرائيلية ولم يكن أمامي سوى الاعتذار؛ فالمشاركة نوع من التطبيع مع العدو والمنظمون لمثل هذه الفعاليات الشعرية يضعون لافتات مثل البحر الأبيض المتوسط أو الشرق الأوسط وهدفهم واحد، وهو وضع العرب وإسرائيل وجها لوجه''. أما الشاعرة الإماراتية ميسون صقر فشاركت في إحدى دورة 2005 وفوجئت خلال اليوم الأول ببرمجة ندوة لها مع شاعر إسرائيلي، فقالت وقتها ''أعترف بأنني ارتبكت كثيرا فلم أعتقد أنني سأكون في وضع كهذا؛ تحدثت مع أصدقائي من الشعراء العرب الحاضرين ونصحني أكثرهم بألا أحضر الندوة فرفضت المشاركة''. ويأتي كلام ميسون في الوقت الذي لايزال الاتحاد العام للكتاب والأدباء العرب يهاجم مهرجان ''لوديف'' ويدعو إلى مقاطعته.