ذكرت تقارير صحفية أن القيادي في ''التيار الوطني الحر'' العميد المتقاعد فايز كرم والذي تم اعتقاله مؤخرا للاشتباه بتجسسه لصالح إسرائيل، أوصل جهاز ''الموساد'' الإسرائيلي مرة واحدة على الأقل إلى الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، الذي تجري الدائرة الأمنية المحيطة به مراجعة لجميع اللقاءات التي عقدها مع النائب ميشال عون. أضافت التقارير أن حزب الله مهتم جداً بمتابعة التحقيقات الجارية مع كرم نظراً لأهمية ما سيدلي به في شأن الدور الذي قام به في التجسس على الحزب من موقعه المقرب جداً من رئيس ''التيار الوطني الحر'' العماد ميشال عون، الذي اطمأن حزب الله إليه لدرجة كشف بعض الأسرار له. وحسبما ذكرت صحيفة ''السياسة'' الكويتية، أن الذي يقلق الحزب بشكل كبير هو أن كرم كان بصحبة العماد عون في لقاء واحد على الأقل عقد مع نصر الله، وهذا يفترض أن يعني أمرين: الأول أن عملاء ''الموساد'' الإسرائيلي تمكنوا من الوصول إلى نصر الله مرة على الأقل، مع ما يعني ذلك من اختراق لكل حسابات الحزب، والثاني أن كرم نقل إلى ''الموساد'' ما أمكن من التفاصيل المتعلقة بالطريقة المعتمدة لمقابلة أمين عام ''حزب الله''، والتي قد تشكل مفتاحاً لكشف مكان وجوده في مرحلة تالية. ووفقاً لمعلومات الصحيفة، فإن حزب الله كان أول من تلقى إشارة بتوقيف كرم، الأسبوع الماضي، فسارع إلى الاتصال بالعماد عون بعد أن تسرب له أن الأخير كان يستعد لعقد مؤتمر صحافي صاخب يتهم فيه الأجهزة بأنها تريد النيل من ''التيار الوطني الحر'' ومنه، إلا أن الحزب أكد له أن كرم متورط فعلاً وأن لا علاقة لتوقيفه بأي توجه سياسي. ويتابع الحزب حالياً عن كثب من خلال فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي كل تفصيل يتعلق بالتحقيق، حيث تبين من خلال الجولة الأولى من التحقيقات أن كرم رفع أخيراً تقريراً عن الحزب من دون أن يكشف عن طبيعته ومضمونه وأهمية وخطورة ما يحتويه. وكانت صحيفة ''الأخبار'' اللبنانية، ذكرت أول أمس السبت أن كرم أقر في التحقيقات بأنه كان يلتقي مشغّليه الإسرائيليين مرة كل ثلاثة أشهر في فرنسا، حيث كان يسلمهم معلومات ''سياسية'' عن لقاءات شخصيات بارزة في التيار الوطني الحر ومن يلتقي بهم العماد ميشال عون، فضلاً عن معلومات يطلبها ''المشغلون'' عن شخصيات محددة من حزب الله. وتابعت أن كرم أشار خلال التحقيق معه، بحسب مصادر مطلعة، إلى أن الإسرائيليين طلبوا منه استغلال علاقات جيدة تربطه ببعض قياديي حزب الله، من أجل الحصول علي معلومات تفصيلية عن مسؤولين أمنيين من الحزب. وأضافت الصحيفة أنه ''تبقى نقطة شديدة الحساسية يجري التدقيق بها، مفادها البحث فيما إذا كان الموقوف يعلم بمواعيد اللقاءات التي كانت تعقد بين رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون والأمين العام لحزب الله، إضافة إلى اطلاعه على تفاصيل خاصة عن تلك اللقاءات''. مخاوف الأسد ونصر الله في سياق متصل، أعربت مصادر ديبلوماسية بريطانية وفرنسية في كل من لندن وباريس عن اعتقادها أن ''مجموعتي الطوارئ في الاستخبارات المحيطة بالرئيس السوري بشار الاسد وامين عام حزب الله، حسن نصرالله، عاكفتان منذ مطلع هذا الاسبوع لدى اكتشاف اجهزة الأمن الداخلي اللبنانية للجاسوس فايز كرم، على مراجعة الأشرطة الصوتية والتلفزيونية المسجلة للقاءات ميشال عون مع الأسد ونصر الله، وهي لقاءات تجاوزت عدد أصابع اليدين خلال الأشهر الستة الماضية منذ ارتفاع حمى التهديدات الإسرائيلية المتبادلة مع حزب الله والقيادة السورية، لمعرفة ما إذا كانت بعض المعلومات الدقيقة الواردة في تلك الأشرطة سواء من جانب الأسد ونصر الله أو من جانب عون، انتقلت إلى إسرائيل عبر فايز كرم أو إلى جهات دولية اخرى حليفة للدولة العبرية''. وقالت المصادر ل ''السياسة'': إنه ''في مثل هذه الحالات التي تحدث عادة رغم ندرتها، تسارع الاستخبارات إلى نبش كل الأشرطة المسجلة للقاءات قياداتها العليا بشخصيات محلية أو خارجية لها علاقة حميمة بالجواسيس والعملاء المكتشفين حتى ولو كانت تلك العلاقة بريئة وتلك الشخصيات فوق الشبهات، وذلك لمواجهة ما يمكن ان يكون العميل - في حالة فايز كرم الراهنة - حصل عليه من رئيسه ميشال عون من معلومات فور عودته من اجتماعه مع الأسد في دمشق أو من لقائه نصر الله في الضاحية الجنوبية من بيروت. فيما تعكف قيادات عربية ولبنانية وأجنبية على مراجعة كل اتصالاتها بعون وبعض قيادييه من الصفين الأول والثاني للوقوف على ما تمكن العميل الإسرائيلي ''الأكثر التصاقا بعون وقادته'' من نقله إلى إسرائيل أو جهات أخرى حليفة لها''. وأكدت المصادر أن ''عون نفسه سيواجه ورطة كبيرة في لقاءاته واجتماعاته مع مسؤولين محليين وعرب ودوليين من مختلف الرتب والمقامات بعد الآن على اعتباره زعيما وقياديا مخترقا من العدو الإسرائيلي بهذا الشكل المضحك المبكي ولفترة طويلة استمرت إكثر من عقدين من الزمن من دون أن يتنبه أو يشكك في ساعده الأيمن فايز كرم، وهو أمر يقلل من صدقية زعيم التيار الوطني الحر ومقامه في عيون أولئك المسؤولين ويجعلهم ضنينين في أحاديثهم معه أو في ذكر معلومات أمامه وأمام معاونيه''. استمرار التحقيقات يأتي هذا في الوقت الذي واصلت فيه أجهزة الأمن اللبنانية التحقيق مع فايز كرم المعتقل بتهمة التجسس لصالح إسرائيل، والتي أظهرت اعترافه بالتعامل مع دولة الاحتلال منذ أوائل التسعينيات، وأنه واظب على تقديم المعلومات إلى العدو حتى هذه الأيام. وقالت مصادر أمنية لصحيفة ''السفير'' اللبنانية، إن التحقيق مع كرم يتم حاليا بوتيرة هادئة، إذ إن المحققين يراعون وضعه الصحي، على اعتبار أنه سبق وأجرى جراحة قلب مفتوح منذ فترة غير بعيدة. ولفت المصادر الانتباه إلى أن كرم حاول في بادئ الأمر أن ينفي تهمة التعامل عنه، لكنه خلال أقل من خمسين دقيقة أقرّ بتعامله بعدما واجهه المحققون ب''الأدلة الثبوتية المهمة والقاطعة'' التي لم يستطع نفيها. وأشارت المصادر إلى أن بداية التواصل بين العميد الموقوف وبين الإسرائيليين تمت في نهاية الثمانينيات، وخلال تبوئه موقعا عسكريا مهما في الجيش اللبناني الذي كان متمركزا في ما كان يعرف بالمناطق الشرقية في ذلك الحين، والذي كان، أي الجيش، يكن العداء لسوريا. وقالت إن كرم كان يفترض أنه بعيد كل البعد عن الشبهات، موضحة أنه لم يكن ممكناً كشف تعامله لولا ''خطأ بشري'' أدى إلى كشف معطيات كانت تحت الرقابة والمتابعة من قبل فرع المعلومات منذ العام ,2007 من دون أن يتم ربط تلك المعطيات بالعميد كرم شخصياً. وكشفت تلك المصادر عن أن كرم كان يستخدم ثلاثة خطوط هاتفية أوروبية من دول مختلفة، وهي تتمتع بحماية ضد التجسّس والمراقبة، بحيث لا يمكن معرفة أمكنة استخدامها، وقد كان فرع المعلومات يشكّ فيها نظراً لندرة استعمالها والخصوصية التي تتمتع بها من حيث الحماية. وأشارت إلى أن ''خطأ'' حصل أدى إلى كشف المكان والشخص الذي يمتلك أحد هذه الخطوط، فأخضع لرقابة مشددة على مدى أسبوع وتم جمع كل المعطيات المتراكمة، ليتبين أن العميد كرم هو صاحب الخطوط الثلاثة، وأنه يستخدمها للاتصال بالعدو الإسرائيلي عبر أوروبا التي كان العميد كرم يتجوّل فيها بعد مغادرته لبنان إلى العاصمة الفرنسية التي يمتلك فيها بعض الأعمال الخاصة. أضافت المصادر: التواصل بين كرم والإسرائيليين كان متواصلا حتى فترة ليست بعيدة وثمة اتصالات عدة تمت بينه وبين الإسرائيليين في العام ,2009 تلك السنة التي حصلت فيها الانتخابات النيابية وقد كان مرشحا للانتخابات آنذاك''. ولم يستطع المحققون الجزم بعد إن كانت العلاقة بين فايز والاستخبارات الإسرائيلية قد بدأت عام 1992 حين دخل الأراضي الإسرائيلية عبر جزين هرباً من الأجهزة الأمنية اللبنانية، أو عام 1982 حين كان يلتقي ضباطاً إسرائيليين في لبنان، أو عندما كان يشارك في دورة تدريبية في الولاياتالمتحدةالأمريكية. وفي كل الحالات، تبين أن علاقته مع الإسرائيليين استمرت خلال وجوده في باريس، ثم تفعلت أكثر بعد عودته إلى لبنان. وكرم هو من مواليد العام ,1948 تخرّج من المدرسة الحربية برتبة ملازم وأتمّ دورات تدريبية في الخارج، قبل أن يتدرّج في الجيش حيث تسلّم مراكز قيادية كان آخرها رئيس فرع مكافحة الإرهاب والتجسس.