ضاعفت قوات الجيش المشتركة من نشاطها على محور الحدود الجنوبية والشرقية التي صارت تشكل مصدر قلق أمني متزايد، ليس فقط بسبب تدهور الوضع الأمني في دول الجوار، وإنما جراء تطور لافت في نشاط شبكات الجريمة المنظمة وانتشار تجارة السلاح بشكل غير مسبوق وهوما يكشفه عدد الموقوفين من الارهابيين والمهربين من مختلف الجنسيات وحصيلة المحجوزات المصادرة للأسلحة الثقيلة التي باتت في أيدي تلك الشبكات التي تحاول تحويل الجزائر إلى بؤرة للنشاط الارهابي من جهة ومنطقة عبور بالنسبة لعصابات الهجرة السرية باتجاه أوربا من جهة ثانية. تقود قوات الجيش الوطني الشعبي، في المدّة الأخيرة ،مواجهات "شبه يومية" مع شبكات الإجرام والتهريب والجماعات الإرهابية التي تحاول في كل مرّة استغلال الظرف الموسوم بتردي الوضع الأمني في دول الجوار خاصة ليبيا ومالي والنيجر وتونس لتنفيد محاولات توغّل إلى عمق التراب الجزائري للقيام باعتداءات إرهابية. واللافت من خلال قراءة سريعة في البيانات المقتضبة لوزارة الدفاع الوطني أن كل العمليات النوعية جاءت في سياق نصب كمائن محكمة للوحدات العسكرية وانتهت بإجهاض عدّه مخططات تجري التحقيقات حول تفاصيلها مع الموقوفين من الارهابين وعصابات تهريب الأسلحة وشبكات الهجرة غير الشرعية في عدّة مناطق حدودية في الجنوب ،وهوترجمة فعلية لفعّالية العمل الاستخباراتي في مواقع شاسعة جغرافيا، لا تكفي الامكانيات والتجهيزات المادية وحدها للسيطرة عليها وتكشف الحصائل عن توجه جديد لوحدات الجيش الوطني الشعبي نحوالفعل الاستباقي في مواجهة ظاهرة الارهاب والتهريب بشكل عام من خلال "الحملات الوقائية" الجارية. وتظهر "كثافة" العمليات المركّزة في ظرف وجيز والمتزامنة مع أيام عيد الأضحى المبارك أن قوات الجيش تكون قد أعدّت العدّة والعتاد ودرست مسبقا التوقيت الذي تتحينه شبكات الجريمة المنظمة من خلال تكثيف التواجد الأمني عبر الشريط الحدودي، بتعزيزات من وحدات الأمن المشتركة والخاضعة لقيادة الجيش الوطني الشعبي، مما سهّل من إحباط تسلل جماعات إرهابية وعصابات تهريب. وقد شكلت النواحي العسكرية الرابعة والسادسة بالخصوص وهي مناطق واسعة متاخمة للحدود مع ليبيا ومالي والنيجر، في الأيام الأخيرة، مركزا للمواجهات مع جحافل المجرمين والمهربين الإرهابيين بشكل يعطي مصداقية كبيرة لما ظل مسؤولون عسكريون يرددونه بكون "الجزائر في مواجهة أكبر التحديات الأمنية في الجنوب وعلى الحدود" مما يفرض أن تتعاطى معه مؤسسة الجيش باليقظة المطلوبة حسب الرسالة الأخيرة لنائب وزير الدفاع ورئيس أركان الجيش الوطني الشعبي أحمد ڤايد صالح، حيث أجهضت قوات الجيش وفقا للبيانات المتواترة من مقر الوزارة الوصية عمليات تسلّل أوتهريب للسلع عبر الحدود "كل أنواع السلع من المواد الغذائية مرورا بالوقود إلى الحبوب المهلوسة" بدليل أن الأسبوع الأخير من شهر سبتمبر والاسبوع الأول فقط من شهر أكتوبر مكنّها من القضاء على 3 إرهابيين بمنطقة بسكرة وتوقيف 54 رعية أجنبية في عمليات مختلفة "توقيف 12 سودانيا و8 تشاديين" عملية تيريرين قرب الحدود الجزائرية- النيجرية و5 من جنسية نيجرية عملية جانت و9 مجرمين من جنسيات أجنبية منهم ليبي "عملية عين ڤزام بالناحية العسكرية السادسة" و03 أفراد من جنسية نيجرية "عملية عين قزام ولاية تمنراست" وتوقيف 07 أشخاص من جنسية مالية وتوقيف عشرة مهاجرين غير شرعيين من جنسية سورية، كانوا متوجهين إلى الحدود الليبية. وقرأ مراقبون في هذا التوجه الإعلامي المنفتح لمؤسسة الجيش التي باتت تتعاطى مع أي عملية تقوم بها قواتها خاصة على محور الجنوب وعلى طول الشريط الحدودي هو بمثابة الرد على انتقادات تم تداولها في عدة عواصم على خلفية اختطاف وإعدام الرعية الفرنسي، بيار إيفي غوردال لأن تلك الاتهامات لا أساس لها من الصحة بدليل الحضور الفعلي والميداني على كافة الجبهات، خاصة أن تحالف المهربين مع تجار المخدرات والإرهابيين مع شبكات الهجرة السرية وكذا مع الجريمة المنظمة، يفرض تحديات ورهانات جديدة لتأمين الحدود ويعقّد من عملية المراقبة بسبب قدرة هذه العصابات على تجنيد خلايا دعم في صفوف البدو الرحّل أو لدى قاطني المناطق الحدودية بواسطة إغراءات مالية، وهو ما يفرض تكييف المنظومة الأمنية بشكل عام وجعلها تتماشى مع الوضع القائم الجديد.