حكومة سلال متهمة بتبذير المال العام لا تزال حكومة الوزير الأول عبد المالك سلال تحاول تمرير قانون المالية لسنة 2015 الذي يحمل في طياته أكبر ميزانية في تاريخ الجزائر المستقلة والذي بلغ حسب الارقام الرسمية ما يعادل 100 مليار دولار لتمويل مختلف المشاريع والخطط التي رصدتها الدولة للسنة المقبلة، إلا أن هذا القانون لايزال يثير الكثير من الجدل بسبب عدم شموله الكثير من النقاط التي لطالما أصر عليها الخبراء وأهل الاختصاص والاقتصاديين على غرار إغلاق الصناديق الخاصة التي لا تزال تستنزف أموال الدولة في ظل غياب سياسة الرقابة والشفافية وغياب الأرقام الرسمية الصحيحة والتي جعلت من خسائر الجزائر تعادل ميزايتها للسنة المقبلة وميزانيات 3 دول إفريقية ووضعت الحكومة محل اتهامات بالتبذير، في ظل التراجع الكبير والمرتقب استمراره لأسعار المحروقات التي تمثل 98 بالمائة من مداخيل الجزائر العامة، إضافة إلى التهرب الجبائي بالنسبة للشركات الاجنبية العاملة في مجال الطاقة والذي يشكل ضربة جديدة للاقتصاد الوطني . ملف: ايمان. ك/ ايمان.م/ مدينة. ب وتحدثت الكثير من الاحزاب السياسية عن خسائر بالمليارات تتكبدها الخزينة العمومية على غرار الأمينة العامة لحزب العمال لويزة حنون التي أكدت أن خسائر الجزائر السنوية بسبب التخفيضات الجبائية والضريبية لرجال الأعمال والمستثمرين الأجانب والمحليين تجاوزت 60 مليار دولار تتحملها الخزينة العمومية، كما انتقد الكثير من النواب كذلك تخصيص ميزانيات ضخمة للكثير من الوزارات التي تعتبر شبه ميتة ومن دون إنتاجية تدفع سنويا من الخزينة العمومية لتسييرها وتجهيزها على غرار وزارة العلاقات مع البرلمان التي بلغت ميزانيتها للتسيير 276.609.000 دينار جزائري كمثال فقط عن الاستنزاف الكبير الذي تعيشه الخزينة العمومية بسبب نقص الشفافية والتسيب الذي تعيشه الكثير من الإدارات اللعمومية التي تنفق المليارات في صيانة مبان أقدمت على بنائها منذ اقل من سنة في وقت تفرض فيه المزيد من الضرائب التي يتحملها المواطن البسيط خاصة بعدما قامت برفع ضريبة الدمغة على جوازات السفر إلى 10 آلاف دينار جزائري وقامت بفرض ضريبة على السلع والسيارات المستعملة التي يقتنيها الفرد بنسبة 17 بالمائة وقامت برفع ضرائب المؤسسات المنتجة بأكثر من 4 بالمائة في وقت خفضت فيه ضرائب المؤسسات التجارية وشركات الخدمات باكثر من 4 بالمائة كذلك. النائب البرلماني عن جبهة العدالة والتنمية لخضر بن خلاف قال إن حكومة الوزير الأول عبد المالك سلال قامت بالالتفاف على الكثير من المطالب التي كانت منتظرة في قانون المالية لسنة 2015 على غرار إغلاق الصناديق الخاصة التي استنزفت ولاتزال تستنزف ميزانيات الدولة، حيث يؤكد النائب أنها وخلال السنوات الاخيرة أضاعت ما يقارب 175 مليار دولار بسبب غياب الشفافية والفساد الذي عشش فيها، وقال المتحدث ذاته إن 68 صندوقا خاصا في الجزائر على غرارصندوق التنمية الاقتصادية كانت محل انتقاد كبير من قبل أكبر الهيئات الاقتصادية العالمية على غرار صندوق النقد الدولي اضافة إلى الهيئات المحلية مثل مجلس المحاسبة الذي لايزال يطالب حسب النائب بضرورة حل هذه الصناديق قبل أن يضيف النائب خلال اتصال هاتفي ب«البلاد"، أمس، أن الحكومة مارست سياسة التورية والهروب إلى الامام بسبب الإجراءات التي اتخذتها بهذا الصدد عندما أقدمت على دمج 11 صندوقا خاصا في 5 صناديق كعملية محاسبتية مع المحافظة على طريقة التسيير نفسها، حيث يقول بن خلاف إن دار لقمان بهذه الطريقة على حالها من دون أي تغيير. كما انتقد النائب غياب الأرقام الرسمية الصحيحة عن مداخيل الجزائر من المحروقات والجباية البترولية، حيث يؤكد النائب عن الحكومة لم تقدم أي تقارير من المفترض أن يشملها قانون المالية حول وضعية صندوق ضبط الايرادات الذي يفترض أن بحفظ الفارق بين السعر المرجعي الذي حددته ب 37 دولار للبرميل والسعر الحقيقي الذي تراوح خلال السنوات الأخيرة في حدود 100 دولار للبرميل، حيث أكد أن على الحكومة تحديد مداخيل هذا الصندوق تحديدا حفاظا على شفافية تسيير الأموال العمومية وتحديدا للوضعية الاقتصادية للبلاد، مضيفا في سياق حديثه أنه سبق ووجه سؤال لوزير المالية الأسبق كريم جودي حول الموضوع قبل أن يضيف أن الحكومة تبني أرقامها على التقارير التي تقدمها الشركات الأجنبية العاملة في قطاع الطاقة عوض الاعتماد على تحديد الكميات الحقيقية للنفط المصدر لحساب المداخيل الحقيقية للبلاد. كما اتهم بن خلاف الحكومة باعتماد سياسة "التبراح" على حد تعبيره حيث قامت باستحداث العديد من الصناديق الجديدة، حيث يقول نائب جبهة العدالة والتنمية في هذا السياق إن الحكومة قامت باستحداث ما يعرف باسم صندوق الدعم الاقتصادي لتسيير ميزانية الخماسي المقبل الذي سيتم توزيع المبلغ المرصود له مع حلول سنة 2019 مع حلول الاستحقاق الرئاسي المقبل، وهو ما اعتمدته أيضا خلال سنة 2014 حين أقدم الوزير الأول على توزيع ما يقارب 135 الف مليار دينار من صندوق التنمية الاقتصادية لسنة 2010 خلال السنة الجارية لم يعرف مصيرها، حسب النائب. وتضاف هذه الانتقادات إلى قائمة الانتقادات الاساسية التي توضع أمامها الحكومة بسبب سياسة الانفاق العام التي يؤكد بعض الخبراء أنها تجاوزت الحدود المسموح بها في ظل الإصرار الحكومي على سياسة السلم الاجتماعي التي يحافظ عليها منذ قيام ما يعرف باحتجاجات الزيت والسكر سنة 2011 والتي رفعت حسب الخبراء الميزانية العامة إلى ضعفي مداخيل الجزائر العامة خلال السنة الحالية، مما يهدد الاستقرار المالي ونمو البلاد الاقتصادي في وقت يدافع فيه الكثيرون عن الخيارات الحكومية بسبب الاعتبارات الأمنية والسياسية للمنطقة التي لم تترك لها الكثير من الخيارات للحفاظ على الاستقرار العام. أرباب العمل يرفضون التعليق على الملف قانون المالية 2015 لا يثير اهتمام رجال الأعمال في الجزائر رفض أرباب العمل التعليق على قانون المالية لسنة 2015 وأكدوا أنهم "لا يعرفون حتى فحواه" في الوقت الذي دعا هؤلاء الحكومة إلى الاستجابة لمطالبهم التي لا تزال معلقة منذ سنوات على غرار تعديل المادة 51 49 للسماح لهم بالحصول على شراكات مع مستثمرين أجانب ومنحهم تخفيضات جبائية جديدة. ويجمع أرباب العمل في الجزائر على أن قانون المالية 2015 لا يثير اهتمام رجال المال والأعمال، فمطالب منتدى رؤساء المؤسسات وهو أكبر تكتل لجماعة المال في الجزائر يختلف عما جاءت به الإجراءات التي سيوقعها رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة قبل 31 ديسمبر المقبل. وطبقا لما علمته "البلاد" من مصادر مؤكدة، يتواجد معظم ممثلي الأفسيوعلى غرار عبد الصمد صلاح الدين نائب رئيس المنتدى وحسان خليفاتي بالخارج في الوقت الذي يتم مناقشة هذا القانون في الفترة الراهنة على مستوى المجلس الشعبي الوطني كما رفض سليم عثماني المنسحب من المنتدى قبل أشهر التعليق على الموضوع في وقت تقدم "الأفسيو" بمطالب أخرى للحكومة والمتمثلة في الحصول على تخفيضات جبائية وإلغاء المادة 5149 في القطاعات غير الإستراتيجية كما طالب هؤلاء بتعويضهم عن أية خسائر ناجمة عن فرض رسوم إضافية وهي المطالب التي أودعوها على طاولة الحكومة خلال لقاء الثلاثية المنصرم. ولم تقتصر انتقادات قانون المالية لسنة 2015 على رجال الأعمال لتتعداها لممثلي الاتحاد العام للعمال الجزائريين،حيث استغرب رئيس فيدرالية النسيج على مستوى الإتحاد العام للعمال الجزائريين عمر تاقجوت من غياب إجراءات جديدة في قانون المالية 2015 تسمح بحماية المنتوج المحلي ومساعدة المؤسسات الوطنية كما دعا هذا الأخير وزارة المالية إلى إقرار تسهيلات بنكية وتخفيضات جبائية للشركات المحلية مشيرا إلى أن معظم الامتيازات يستفيد من المستثمرون الأجانب على حساب المحليين. ولم تستبعد مصادر البلاد لجوء الحكومة إلى قانون مالية تكميلي لسنة 2015 لسد ثغرات قد يتضمنها قانون المالية المناقش حاليا لاسيما وأن النفقات المعلن عنها في الفترة الراهنة لا تكفي لتغطية المشاريع الكبرى التي يتحدث عنها الوزراء مع العلم أن الحكومة كانت قد أوقفت التعامل بقانون المالية التكميلي منذ سنة 2013 بعد أن اعتمدته لأزيد من 4 سنوات. إقرار قانون مالية تكميلي لسنة 2015 وارد مصاريف الحكومة لسنة 2015 تفوق مداخيلها مرتين! أجمع خبراء الاقتصاد أن تخصيص الحكومة لأزيد من 100 مليار دولار كميزانية لسنة 2015 من شأنه أن يثقل كاهلها، خاصة وأن مصاريفها تفوق مداخيلها مرتين، غير مستبعدين إمكانية إقرار قانون مالية تكميلي لسنة 2015 في حال انهيار سعر برميل البترول إلى حدود 70 دولار. واعتبر الخبير الاقتصادي الدولي عبد المالك مبارك سراي ضخ الحكومة لأزيد من 100 مليار دولار لمصاريف 2015 بالغلاف الضخم في ظل محدودية مداخيل الجزائر التي بلغت 4684 مليار دج مقارنة بمصاريفها التي حددتها في 8856 مليار دينار، ما سجل عجزا ب22 بالمائة الأمر الذي أكد انه خطير للغاية والذي يستدعي من الحكومة اتخاذ كل التدابير والإجراءات التي من شانها أن تحقق توازنا في مصاريفها. وحذر سراي في تصريح ل«البلاد" من العجز الكبير في ميزانية الدولة المعتمدة أساسا على عائدات المحروقات، مشيرا إلى أن الدولة لجأت إلى فائضها المالي من الخزينة العمومية، خاصة في ظل العجز الكبير المسجل في مداخيلها، غير مستبعد إقرار الحكومة لقانون المالية التكميلي لسنة 2015 في حال استمرار انخفاض سعر برميل البترول إلى 70 دولار. وأعاب سراي على تخصيص الدولة لقرابة 5 مليار دينار للتسيير في ظل البيروقراطية التي اكتست مختلف الادرات العمومية على حساب ميزانية الانجاز التي بلغت 3.8 مليار دج على الرغم من أن الحكومة أكدت إعطاء الأولوية للإنتاج المحلي. في السياق ذاته أفاد ذات الخبير التزام الحكومة بتطبيق الغاء المادة 87 مكرر من قانون العمل وزيادة أجور العمال مع بداية السنة المقبلة سيستنزف قرابة 5 مليار دولار من الخزينة العمومية مع الفاتح من جانفي 2015، ما يزيد الطين بلة حسب سراي. من جهته وصف الخبير المالي والاقتصادي كمال رزيق الغلاف المالي لسنة 2015 ب«الجد ضخ"م ما سينجم عنه أثار مالية وخيمة تستمر تبعاتها إلى السنوات المقبلة، في ظل الاستحقاقات الكبيرة التي تحملتها الحكومة لا سيما ما تعلق بالجبهة الاجتماعية وتلبية مطالب هذه الأخيرة على حساب إمكانياتها المالية، مشيرا إلى العجز المالي المسجل على مستوى الخزينة العمومية. وشدد رزيق على ضرورة عقلة مصاريف الدولة في المرحلة المقبلة لا سيما في ظل انخفاض سعر البترول الذي يعد من أهم عائدات الجزائر، مطالبا بانتهاج سياسة إنتاجية تقلل من مصاريف الدولة خاصة وان فاتورة الاستيراد تستنزف الملايير في وقت يمكن فيه إنتاج متطلبات السوق المحلية داخليا.