أكد وزير المالية محمد جلاب يوم الخميس بالجزائر العاصمة أن السلطات العمومية تسعى الى عقلنة النفقات العمومية من خلال تنويع مصادر تمويل اقامة الاستثمارات بدل الاعتماد على الميزانية فقط. وأوضح السيد جلاب -- خلال رده عن أسئلة نواب المجلس الشعبي الوطني حول مشروع قانون المالية 2015-- أنه في اطار الاصلاح الميزناتي لجأت الحكومة الى اعتماد أنماط تمويل جديدة غير الميزانية على غرار أسواق الأموال وشراكات بين القطاع العام والخاص والبنوك. وشرعت الحكومة في تنفيذ مثل هذه الأنماط من التمويل في انشاء برامج السكن الترقوي والمنشأ الجديد لمطار الجزائر بحسب الوزير. وعلى أساس تطور الايرادات والنفقات سيمثل عجز الميزانية بحسب نص مشروع قانون المالية 2015 ما قيمته 4ر4.173 مليار دج أي بنسبة -1ر22 بالمائة من الناتج الداخلي الخام مقابل 5ر5.563 مليار دج في 2013 و 9ر5.284 مليار دج تحسبا لاقفال السنة المالية ل2014 بفعل اللجوء الى صندوق ضبط الايرادات لتغطية عجز الميزانية. كما يتوقع نص مشروع القانون تراجع رصيد صندوق ضبط الايرادات في نهاية 2015 بما يقارب 3ر4.429 مليار دج وهو ما يمثل 4ر23 بالمائة من الناتج الخام لسنة 2015. وذكر السيد جلاب أن صندوق ضبط الايرادات يشتغل من حيث الايرادات بالفائض المترتب عن مستوى سعر المحروقات الذي يفوق التوقعات فيما تخصص نفقاته في تمويل عجز الخزينة من غير ان يقل رصيد الصندوق عن 740 مليار دج. وفيما يخص مراقبة تسيير الصندوق قال الوزيرأن هذا الأخير يخضع للمادة 50 من القانون المتعلق بقوانين المالية وأن المفتشية العامة للمالية تقوم منذ سنة 2008 بتدقيق مجمل حسابات التخصيص الخاصة بما فيها صندوق ضبط الايرادات بالاضافة الى خضوعه الى مراقبة سنوية بعدية من طرف مجلس المحاسبة. وعن توحيد الضريبة على أرباح الشركات أكد ممثل الحكومة أنه "يبقى من المهم عدم الخلط بين نشاط التجارة ونشاط الاستيراد. لا يمكن حصر النشاط التجاري في الاستيراد فقط" معتبرا أن ممارسة النشاط التجاري هي خدمة اساسية وضرورية للسير المنتظم لكل اقتصاد معاصر. وقد تم اتخاذ هذه التدابيرالتشريعية من اجل تبسيط النظام الجبائي والتخفيف من ضغطه وتعزيز محاربة الغش والتهرب الضريبي وجعل الجباية تلعب دورا للتحفيز والتوجيه الاجتماعي والاقتصادي بحسب السيد جلاب. وأضاف في هذا الصدد أنه "في ظل هذا السياق تم توحيد معدل الضريبة على ارباح الشركات من اجل تخفيف الصعوبات المطروحة من طرف الشركات لاسيما عندما تمارس نفس الشركات عدة نشاطات خاضعة لنسب مختلفة". وشدد قائلا أن "توحيد نسبة الضريبة على ارباح الشركات الى 23 بالمائة لا يدعم اي قطاع نشاط على حساب قطاع اخر و ان الخاضعين لهذه الضريبة سواسية كل على حسب قدراته الضربية" لا فتا الى أن الضريبة على ارباح الشركات "تحتسب بعد تحديد نتيجة المؤسسة وليس لهذا الحساب اي علاقة مع قطاع النشاط المعني". وفيما يخص تأثير انخفاض سعر برميل النفط الى 80 دولار على تنفيذ مشروع المخطط الخماسي 2015-2019 أكد السيد جلاب أنه تم اعداد هذا المشروع على أساس سعر مرجعي جبائي مقدر ب 37 دولار للبرميل مشيرا الى أن تمويل هذا الأخير سيتم من خلال الموارد الجبائية واستخدام التمويلات المصرفية وغير المصرفية. وقد تم تحديد السعر المرجعي للبرميل -منذ انشاء صندوق ضبط الايرادات- بسعرين مرجعيين الأول حدد ب 19 دولار امركي للبرميل واعتمد في قانون المالية لسنة 2000 على اساس سعر متوسط سعر برميل البترول صحاري بلاند خلال الفترة 1990-1999. وتم رفع هذا السعر في قانون المالية التكميلي لسنة 2008 ليحدد عند 37 دولار امريكي للبرميل وهو يعكس متوسط الاسعار المحققة في 1998-2007. واعتبر وزير المالية أن "هذا النهج يخفف من تقلبات الاسعار على ميزانية الدولة ويشكل بالتالي عاملا مواتيا لتحسين توقعات الايرادات في سياق نمو الانفاق". وذكر بالمناسبة أن توقعات الحكومة لاعداد قانون المالية تبنى على أساس متوسط السعر السنوي للبرميل دون الأخذ بعين الاعتبار اي ارتفاع أو انخاض ظرفي في سعر البرميل. وأكد السيد جلاب مرة أخرى أن "الحكومة تتابع بعناية كبرى التراجع الكبير لاسعار برميل النفط المسجلة حيث لايسجل هذا التوجه خطرا على التوازنات الداخلية والخارجية لكنه انذار متكفل به بصفة جدية من طرف السلطات العمومية". وفيما يخص تطور سعر صرف الدينار أكد ممثل الحكومة أنه "من الضروري التفريق بين تخفيض قيمة العملة وانخفاض قيمة العملة المحلية مقابل العملة الاجنبية" موضحا في هذا السياق أن تخفيض قيمة العملة هو "قرار مؤقت يهدف الى تصحيح اختلال التوازن الناشئ عن عوامل داخلية او لمواجهة صدمات خارجية". وأضاف أن انخفاض قيمة العملة يخضع بدوره الى قوة السوق من حيث العرض والطلب (..). وحدد مشروع قانون المالية لسنة 2015 تكافؤ مالي دينار-دولار أمريكي ب79 دينار للدولار. وحول منح الوزير الاول للاعتمادات خلال زياراته الميدانية أكد الوزير أنه قد "تم تمويل البرامج التكميلية المقررة خلال زيارات الوزير الاول لولايات الوطن في حدود التخصيصات الميزناتية المسجلة بعنوان قانون المالية من خلال اقتطاع من التخصيص الميزاناتي المرتقب سنويا والمعنون في البرنامج التكميلي لفائدة الولايات من خلال اعادة التوزيع القطاعي لنفقات التجهيز للدولة تطبيقا للمادة 36 من قانون 16-84 المتعلق بقوانين المالية المعدل والمتمم". ولفت بذات المناسبة الى أنه "لم يتم منح اي اعتماد اضافي خارج الاعتمادات المصادق عليها في قوانين المالية". وكان وزير المالية قدر عرض مشروع قانون المالية لسنة 2015 على نواب المجلس الشعبي الوطني الثلاثاء الفارط ليشرع النواب مباشرة في مناقش نص القانون. ويمكن حصر أسئلة النواب بحسب الوزير ضمن محاور ارتبطت بانشغلات متعلقة بالمؤشرات الاقتصادية الكلية وتحسين الظروف المعيشية والحفاظ على القدرة الشرائية للاسر وانشغالات متعلقة بالجانب الميزناتي وأخرى متعلقة بالجانب الجبائي وتعزيز التدابير المتعلقة بالرقابة على المال العام. وجدد السيد جلاب خلال جلسة الاجابة أن هدف الحكومة من خلال هذا المشروع يتمحور أساسا حول مواصلة تنفيذ البرامج الاستثمارية العمومية بهدف اعادة التوازن الهيكلي و الجوهري وتحسين الاطار المعيشي للمواطن. ومن المقرر أن يصادق نواب المجلس الشعبي الوطني على مشروع قانون المالية 2015 يوم الأربعاء المقبل.