بحلول شهر رمضان لهذه السنة تمر سبع سنوات على دخول منكوبي زلزال بومرداس سكناتهم الجاهزة أوما اصطلح على تسميته ''الشاليهات''، سبعة ''رمضانات'' متتالية قضاها المنكوبون في هذه السكنات الجاهزة، التي كانت تشكل الحلم والحل في بداية الأمر، بعد المعاناة الطويلة التي قضوها في الخيم· وتطبيقا لأوامر رئيس الجمهورية بإغلاق هذه المخيمات وإعادة إسكان المنكوبين في سكنات جاهزة، عملت السلطات على تحقيق وعد الرئيس وتركيب حوالي 7 آلاف مسكن جاهز في 26 موقعا موزعة على عدة بلديات من الولاية كبومرداس، بودواو، دلس، الناصرية، برج منايل، سي مصطفى وغيرها من البلديات·· لكن ''المرحلة الانتقالية'' طالت والمشاريع السكنية البديلة مازالت تراوح مكانها·· البلاد قامت بجولة في بعض مواقع ''الشاليهات'' لاستقصاء أوضاع العائلات ومعرفة مستجدات ''انتظارهم الطويل'' للخروج من السكنات الجاهزة الصالحة لثلاث سنوات على أكثر تقدير إلى السكنات الصلبة·· فماذا استجد بعد سبع سنوات من الكارثة؟ قدر عدد المنكوبين الذين صنفوا في الخانة الحمراء أي الذين تهدمت منازلهم، ويملكون الحق في الحصول على سكن تعويضي بأكثر من 000 10 عائلة، في حين تم منح حوالي 2000 إعانة للمنكوبين لإعادة بناء وترميم مساكنهم، بالإضافة إلى الشروع في بناء حوالي 800 مسكن في إطار التعاونيات العقارية، هذا ما يدل على الفرق الشاسع بين تطلعات السكان وواقع الأمر· فالكثير من المنكوبين ينتظرون دورهم في إعادة الإسكان، ويرجع البعض التأخر في إعادة إسكان المتضررين من الزلزال في سكنات صلبة إلى غياب الوعاء العقاري، حيث استغلت السلطات المحلية حوالي 900 هكتار من الأراضي الفلاحية لإنجاز البرامج السكنية المخصصة لإعادة إعمار ولاية بومرداس بعد زلزال 21 ماي ,2003 وأن القضاء على 15 ألف سكن جاهز موزعة على تراب الولاية من الأمور الصعبة·وعرفت ولاية بومرداس تفاقما كبيرا في مشكل انعدام الوعاء العقاري لإعادة البناء وإعمار الولاية بعد الزلزال، حيث لجأ الوزير نور الدين موسي إلى التهديد بنقل المشاريع السكنية إلى ولايات أخرى بسبب عدم الشروع في البناء على خلفية عدم توفر العقار، وأكد أن الولاية لن تستفيد من برامج سكن إضافية حتى يتم توفير الوعاء العقاري لتنفيذ أي مشروع، وذلك بعدما لاحظ التأخر الكبير في إنجاز المشاريع على مستوى الولاية خلال الزيارة التفقدية التي قادته إلى عدة نقاط من ولاية بومرداس مؤخرا· وأكد أن ملف إعادة إسكان منكوبي زلزال 2003 قد طوي تماما وحاليا كل المشاريع السكنية مبرمجة بوتيرة عادية، وبالتالي فإن الشاليهات ليست جواز سفر للحصول على سكن اجتماعي، باعتبار أن هذه الأخيرة تستغل أغلبها ممن أسماهم ب ''المتلاعبين والمتحايلين''، وأكد أن ''أغلب الشاليهات مقفلة والأخرى موجهة للكراء أو لقضاء عطلة الصيف''· وأرجع الوزير في سياق حديثه عدم إعادة إسكان بعض المنكوبين الذين تهدمت سكناتهم جراء الزلزال المقدر عددهم بحوالي 500 عائلة لحد اليوم، إلى استجابة الدولة لرغباتهم حيث أرادوا منذ البداية الانتظار لاستكمال إنجاز السكنات بمقر سكناهم الأصلية وعدم التنقل إلى بلديات أخرى التي انتهت بها عمليات إنجاز السكنات المخصصة لهم·مرحبا بكم في ''حياة الشالي''!شهدت المواقع الآهلة بمنكوبي زلزال بومرداس احتجاجات متكررة على الأوضاع المزرية التي يعيشونها منذ 7 سنوات، خاصة أن هذه الأخيرة تحولت إلى شبه أحياء قصديرية تشوه المنظر العام، على مستوى العديد من البلديات التي تم فيها توزيع الشاليهات في كل من حي الكرمة، الساحل، حي المرملة، بلدية بودواو، خميس الخشنة، أولاد هداج، برج منايل وغيرها من البلديات·تقادم هذه السكنات الجاهزة وانتهاء صلاحية المواد التي تدخل في صناعتها أثقل كاهل السكان الذين يلجأون في كل مرة إلى إعادة إصلاحها، وقد اهتدت العديد من العائلات إلى الاستعانة بالفناء وتحويله إلى غرفة إضافية نتيجة حالة الضيق التي تعيشها، وهي الحيلة التي اهتدى إليها عمي السعيد الذي فتح لنا باب الشالي على مستوى موقع حي الكرمة ,2 ليعرض علينا حالته الاجتماعية الصعبة رفقة العائلة المتكونة من 10 أفراد· لذا اضطر لإعادة تهيئة الشالي وبناء غرفة جديدة تكون في خدمة أولاده الذكور خاصة، فيما تعمد العديد من العائلات حاليا، خاصة مع حلول فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة إلى اتخاذ الفناء مطبخا تفاديا لارتفاع درجات الحرارة داخل الشاليهات وخوفا من حدوث أي حريق يكلفهم البقاء في الشارع دون مأوى· من جهة أخرى أصبحت هذه السكنات الجاهزة إزعاجا للسكان، خاصة من طرف الذين يلجأون إلى تأجيرها مع حلول موعد الاصطياف، لعدم احترامهم سكان الحي بإحداثهم أصواتا مزعجة، ناهيك عن الشاليهات التي تبقى شاغرة طوال العام ويستغلها بعض الشباب الطائش المدمن على المخدرات والممارسات غير الأخلاقية ما يقلق العائلات القاطنة بالحي، ويتسبب في مناوشات وشجارات متكررة·انتقلنا بعدها إلى موقع حي الكرمة ,1 الذي يضم هو الآخر عددا كبيرا من المنكوبين، استقبلنا السيد عادل ليعرض علينا الشالي الذي يسكنه منذ 7 سنوات ·· لاحظنا العديد من الثقوب بالأرضية والاهتراء في الحمام ودورة المياه، مما جعل الجرذان ومختلف الحشرات الضارة تشكل الديكور اليومي لعائلة عادل، بالإضافة إلى تضرر سقف المنزل وتعرضه لثقوب نتيجة اهتراء مكوناته، مما جعله يعاني الأمرين في فصل تساقط الأمطار محاولا في كل مرة إعادة إصلاحها إلا أنها لا تصمد أمام الأحوال الجوية والطبيعية التي تميز الموقع، خاصة الرطوبة الكبيرة بسبب قربه من شاطئ البحر·توجهنا هذه المرة إلى موقع المرملة، أوما اصطلح على تسميته سكان بومرداس ب''الصابليار''، لنقابل عائلات أخرى تروي لنا معاناتها في شاليهات ذات غرفتين وحمام ودورة مياه مشتركة·· تلاحظ الغضب باديا على وجوه كل من تحاورهم ، حيث وصفها أغلبهم ب''السجون'' و''القبور''، مقارنة بالمساكن التي كانوا يقطنونها قبل كارثة الزلزال، حيث أن بعضهم كان يسكن في شقق ذات 4 و5 غرف، وقد استاء السكان لتأخر السلطات المحلية في إعادة إسكانهم في سكنات لائقة وصلبة، خاصة أنهم أصبحوا يتقاسمون هذه السكنات الجاهزة مع الجرذان والثعابين والحشرات الضارة التي أصبحت تشكل ديكورا يوميا في حياة سكان هذه الشاليهات، كما أن الكثير منهم تعرض لمختلف الأمراض مع ارتفاع الرطوبة فيها لمحاذاتها للبحر·وقد قام سكان الشاليهات بمنطقة ''الصابليار'' بالكرمة، الواقعة على بعد 3 كلم شرق ولاية بومرداس في أفريل الماضي، بإغلاق الطريق الوطني رقم ,24 تنديدا بوضعيتهم المزرية بعد أن فقدوا الأمل في ترحيلهم إلى سكناتهم المفترض إعادة بنائها بحي 1200 مسكن ببومرداس والتي أصبحت هياكل لا روح فيها، بعد أن توقفت بها الأشغال· ''اليتامى'' في مواجهة التعقيدات الإدارية··أثناء جولة ''البلاد'' في شاليهات بومرداس، استوقفنا مشكل فئة اليتامى الذين خلفهم الزلزال، وغياب الإحصائيات الدقيقة عنهم· فحسب بعض المصادر، تمت إعادة إسكان هذه الفئة في الشاليهات وإخراجهم من المخيمات التي نصبت مع الساعات الأولى للزلزال، وتحصلوا على إعانات الدولة، إلا أن وضعيتهم الإدارية المعقدة تصعب آليات ترحيلهم وحصولهم على سكنات·· فهناك عدة عوامل قانونية منها، الفريضة الواجب إجراؤها لتحديد صاحب الكفالة في حالة اليتامى القصر، مما لا يسمح لهذه الفئة من إتمام إجراءات الحصول على السكن، بالإضافة إلى إشكالية عدم تمكنهم من الحصول على قروض بنكية تسمح لهم بتسديد اشتراكات شهرية للمساهمة في إعادة الإعمار وبناء المسكن العائلي الذي انهار عقب الزلزال· وقد طالب السكان السلطات المحلية بالالتفات إلى هذه الفئة، خاصة أنها بعد مرور 7 سنوات أصبحت تتمتع بالصلاحيات القانونية وبإمكانها الاستفادة من إعانة الدولة والقروض البنكية لإعادة بناء المسكن العائلي، بالإضافة إلى المصاعب التي تواجه بعض العائلات الفقيرة التي لم تستطع إتمام دفع مستحقات المسكن المترتبة عليها، وهوما حال دون إتمام إنجاز مساكنهم رغم مرور سبع سنوات من الزلزال·لماذا تأخرت عملية إعادة إسكان المنكوبين؟ آخر جولة في استطلاعنا قادتنا إلى مواقع السكنات البديلة التي ينتظر أن ترحل إليها العائلات القاطنة في الشاليهات، وهي المشاريع الموجودة بحي ابن خلدون، حيث لاحظنا أنه تم بناء الهياكل فقط دون إتمام باقي البناء· ويبقي المشروع يراوح مكانه لأكثر من أربع سنوات، رغم الانطلاق في تجسيده من طرف شركة كوسيدار، إلا أنه عرف حالة تأخر كبيرة وتوقفا دام مدة طويلة بعد أن أنهت الشركة جزءا فقط من الأشغال، في انتظار التفاوض في المرحلة القادمة مع مقاولين آخرين لإتمام المشروع في شطره الثاني المتعلق بإكمال الهياكل وتسليم الشقق كاملة·وفي انتظار تحديد المقاولين المكلفين بإتمام المشروع، يبقى المنكوبون المقدر عددهم بحوالي 500 عائلة يستصرخون من أجل إعادة إسكانهم في سكنات لائقة وصلبة، ويأملون في أن يستقبلوا الدخول الاجتماعي القادم في السكنات التي وعد بها المسؤولون لانتشالهم من السكنات الجاهزة التي انتهت صلاحيتها، رغم عمليات الصيانة وإعادة الترميم التي تعرفها من حين لآخر·