افتتح بالمتحف الوطني للزخرفة والمنمنمات وفن الخط، معرض للخطاطين نور الدين كور ومحمود طالب، حيث يعرضان على الجمهور 56 لوحة تنتمي إلى المدرسة الحروفية المعاصرة. ويشترك الخطاطان في حضور الحالة الصوفية في أعمالهما معا، بالإضافة إلى التجريدية التي تطبع اللوحات، مع اختلاف في اختيار التقنية والألوان التي استخدمها كل منهما. ويقدم الخطاط محمود طالب 25 لوحة تتمرد علنا على قواعد الخط العربي، ويستخدم فيها تقنية "الرسم البارز" أين تظهر الحروف، وهي لوحات تشترك في الرؤية والتقنية وقتامة الألوان فتدرجها. ويعتبر محمود أن الهدف من تقديم خط خارج القاعدة المتعارف عليها هو "سعي إلى التحرر"، بينما تميل لوحاته في الغالب إلى مسحة صوفية تعلوها من خلال الألوان وحركات الحروف. وتعذر على الفنان أن يقدم أعمال كبيرة، مبررا ذلك بضيق فضاء العرض، حيث تصل بعض جدارياته المنجزة إلى 40 متر مربع، وهو الأمر الذي دفعه لعرض أصغر لوحاته. ويسعى محمود طالب إلى تكريس "خطاب إنساني" مشترك من خلال لوحاته، حيث يخاطب "الجميع بما يوحدهم" حسب ما صرح، ومن خلال آيات قرآنية تدعو إلى احترام الآخر وتأمل التقارب يصر على رسالته الفنية. من ناحية أخرى، فتح الخطاط نور الدين كور الأفق واسعا أمام الجمهور من خلال 31 لوحة تنتمي إلى "المدرسة الحروفية المعاصرة"، لكنها "لوحات تحافظ على قواعد الخط". وركز كور على "اللون والخط والتركيبة"، بالإضافة إلى "بصمة الفنان" والتي يعتبرها العناصر الأساسية للمدرسة الحروفية، وعلى عكس زميله محمود طالب ارتأى كور أن يحافظ على قواعد الخط الكلاسيكي في لوحاته التي تميل إلى الحداثة. واختلفت أحجام لوحان الخطاط كور والتي كان جزءا منها استمرار لمجهود معرض "99" الذي يتأهب له، بينما انتمت اللوحات الأخرى إلى تجربته في مجال الخط مع تنويع في الخطوط المستخدمة. ورغم ميل الخطاط إلى "خط الثلث" إلا أنه استخدم الفارسي وأحيانا الكوفي والمغربي كخطوط خلفية، وبرر ذلك بكون "الثلث خط لين لهذا حاولت استخدام الخط الكوفي مثلا لأنه خط صارم". ولا يتوقف كور عند الخط العربي فقط فهو يستخدم حتى العلامات والخطوط اللاتينية أحيانا، لكن الرموز التراثية كانت بارزة في لوحاته، خاصة ما يستخدم في الزرابي والموروث الجزائري. ويعتبر الخطاط نور الدين كور من أبرز الذين اتجهوا إلى المدرسة الحروفية منذ منتصف الثمانينات، حيث برز ببرنامج تلفزيوني "صور وسور" الذي يعتبر المبشر بهذا التوجه في الجزائر وهو أستاذ متقاعد. أما محمود طالب فهو فنان سبق له أن درس التربية الفنية وعمل كمفتش قبل أن يتفرغ تماما للفن من خلال تطبيقه لتقنيته الخاصة "الكتابة البارزة والتجريد"، وهو مسير لرواقه الخاص. ويستمر معرض الفنانين إلى غاية 31 من الشهر الجاري بالمتحف الوطني للزخرفة والمنمنمات وفن الخط، وسيقام بالموازاة مع معرض آخر للفنانين في مدينة تلمسان ابتداء من 18 من الشهر الجاري.