- من المعيب أن ينتظر الجزائري شرعية خارجية كي يقتنع بنفسه - على الدولة تشجيع الناس ليهتموا بالقراءة مثلما يهتمون بحلاقة شعرهم يعد بشير مفتي الكاتب الأكثر إثارة للجدل على الصعيد الروائي بالوسط الثقافي الجزائري، حيث تنجح رواياته دائما بأخذ القارئ في رحلة توغل سردية، ينطلق به من خلالها عبر بدايات منفعلة لها، ونهايات يعمد فيها الكاتب على ترسيخ الذاكرة الإنسانية كجزء من ذاكرة الأدب. ولأن رواياته دائما ونصوصه هي بمثابة الصوت الداخلي الذي يحاكي الواقع المعاش بواجهة المجتمع الجزائري بجميع متناقضاته، فقد وجدت لها مكانا كبيرا في قلوب القراء ورواجا لدى المتتبعين له. ومن هذا المنطلق الإبداعي للكاتب، كان لنا معه هذا الحوار.. حاورته/ نهاد مرنيز - يقال عنك إنك كاتب تحب العزلة وتكتب في صمت.. ما تعليقك؟ كلما تعمقت علاقتنا بالكتابة تزداد رغبتنا في الاعتزال ولكن الاعتزال هنا لا يعني تطليق الحياة أو النفور من الواقع الذي نعيش فيه بل على العكس العزلة تعني الإنصات إلى أعمق ما في هذا الواقع والدخول في حوار داخلي مع الحياة.. لا شك أن الكاتب لكي يكتب يُراكم تجارب كثيرة هي التي ستجعله يكتب عن الحياة بشكل أعمق وأجمل.. أو أظن هذا.. أما الصمت فهو ضروري للكاتب؛ فإن لم تصمت لن تسمع شيئا كما يقول المخرج الإيطالي فليني.. إننا عندما نصمت نتأمل أكثر، ونبصر أفضل ونغوص أعمق فأعمق وأنا أحرص على ذلك، أو أسعى إلى ذلك وهي تشبه إلى حد بعيد مجاهدة الصوفيين في مراتب عشقهم السرمدي. - يقال عنك أيضا إنك كاتب سوداوي ومتشائم جدا، وظهر ذلك جليا في روايتك "أشباح المدينة المقتولة" التي تحدثت عن الموت كثيرا.. ما تعليقك؟ أنا لا أؤمن بالتفاؤل الساذج البسيط لأن أي تعمق في النظر إلى الوجود الذي نعيش فيه يشعرنا بالقلق والتوتر.. نحن نأتي للحياة دون أن يكون ذلك باختيارنا ونرحل عنها من دون اختيار أيضا.. نعيش تجربة حياة قصيرة نعاني فيها أكثر مما نفرح وأحيانا نقع في سياقات تراجيدية مثلما كان الشأن مع أبطال "أشباح المدينة المقتولة"، حيث وجدوا أنفسهم في سياق عنف همجي حطم حياتهم وقضى على أحلامهم.. ما العمل؟ ربما مهمة الروائي أن يقف في تلك الحافة التي تطل على الهاوية، حيث يخاف أغلب الناس الاقتراب منها وهو يقترب ليعرف ذلك الشعور المخيف الذي ينتاب المرء عندما تنهزم أحلامه ويسقط فريسة ظلمات الوجود العنيف الذي نعيش فيه. - كيف تشكل وعيك الأدبي، وماهي مرجعياتك الفكرية التي تقدسها؟ بدأت القراءة باكرا جدا وربما أحببتها صغيرا وكنت أقرأ كتبا في الدين وقصص الصحابة وبطولات العرب.. لكن الشغف بالأدب انتصر وأنا طالب في الثانوية.. لا أدري كيف حدث ذلك.. طالعت روايات كثيرة عربية وأجنبية، وشعرت بميل جارف نحو الروايات والقصص وأحببت قراءة الشعراء المعاصرين أكثر من الكلاسيكيين.. انفتحت على الفكر العربي والفلسفة لأنه كان بمكتبة أخي كتب فكرية كثيرة لمهدي عامل والجابري ولكولن ويلسن، سارتر، ألبير كامي، الذين أثروا في طبعا.. وبعد قراءة معظم مكتبة البيت؛ بدأت أستلف النقود لاشتري كتبا لي أو أعمل في الصيف، ومن هنا صارت الكتب والمطالعة مهمة في حياتي وأخذت كل وقتي، يومها أحسست أنني سأكتب أما ماذا أكتب فلم أكن متأكدا.. لم أكن ميالا للشعر ولكن القصة والرواية نعم، ويوم دخلت الجامعة التقيت ببعض الراغبين في الكتابة مثلي وبكتاب جزائريين بعضهم درسني في معهد الأدب لكن لم يكن لهم أي تأثير عليّ، فلم يكن يعجبني الأدب الجزائري إلا في أسماء مترجمة كاتب ياسين ومالك حداد.. فالذي أثر في حقا هم الكتاب الذين قرأت لهم وأعجبت بهم وساعدوني على اكتشاف موهبتي الخاصة.. هنري ميللر، كافكا ميشيما، غسان كنفاني، نجيب محفوظ وآخرون. - عناوين رواياتك مثيرة نوعا ما، أو أنها تعمل على استفزاز القارئ على غرار "خرائط لشهوة الليل" و"دمية النار" وغيرها.. هل الأمر يتعلق ب"فن تسويق" أو له غرض معين وكيف تختار عناوينك؟ ربما يوجد شيء من هذا ويوجد أيضا تفكير في العنوان على أنه أول ما يلفت نظر القارئ، غير أنني أنبه هنا أنني لا أخدع القارئ بعناوين براقة وتثير الإعجاب وقد لا تثير الإعجاب أيضا.. أي أضع عنوانا لا علاقة له بالرواية.. فقط واجهة خارجية تزين الغلاف لا غير.. بل عادة يجد العنوان ما يبرره ويعطيه مشروعية عند القارئ والناقد وحتى الآن أغلب من يقرأ لي يقول لي "العنوان موفق لأنه منسجم مع حكاية الرواية".. أما كيف أختار العناوين فكل مرة يختلف الأمر، أحيانا يأتيك العنوان من أول سطر تكتبه في الرواية، ومرات بعد أن تنهي عملك، وتقعد تتأمله فترات طويلة وأحيانا أجرب عدة عناوين وأنتظر أن يصبح واحد منها هو الأهم فأختاره.. لكن دائما أحرص على أن يكون العنوان لي وليس لأحد آخر.. - كانت مواضيع المرأة طاغية نوعا ما في روايتك "خرائط لشهوة الليل".. هل كنت تحاول إسماع صوتها وإيصال رسائل معينة؟ توجد المرأة في معظم رواياتي وربما في خرائط لشهوة الليل تأخذ مرتبة أعلى إذ تصبح هي الساردة للرواية إنها حكاية "ليليا عياش" هذه الفتاة الجميلة المتوحشة المتمردة التي- مع ذلك- تجد نفسها تعيش بين حياتين واحدة نهارية تشبه فيها كل الفتيات أو النساء وحياة ليلية جعلتها تكتشف عالما آخر وأسرارا لم تكن تعتقد أنها موجودة وهي تفتح لها الباب لتتعرف على حياة أخرى لا يعرفها أصحاب الحياة النهارية وهي تتمزق بين النور وجاذبية الظلام، هي قصة صراعها ومعاناتها ورغبتها عن طريق الحكي في التطهر من دناسة الليل لكن هل تستطيع؟ هذا ما يكتشفه القارئ في نهاية الرواية. - هل تؤمن بسلطة الدين أو السياسة على الأعمال الأدبية؟ طبعا لا.. لكن توجد رقابة خارجية مفروضة تجعلك تناقش كل شيء في نصوصك وقد تمتنع طوعا أو كرها على مقاربة موضوعات معينة رغم أن إمكانيات الأدب لا نهائية ومفتوحة على ما هو أبعد، بل الأدب مهمته أحيانا أن يكشف زيف من يتكلمون باسم الحقيقة المطلقة سواء أكانت باسم السلطة الدينية أو السياسية وخداعهم للبسطاء ممن لا يستوعبون جيدا هذه المجاهيل أو لا يفهمون كثيرا في أمور الأدب.. لهذا تثور ثائرتهم على الكتاب بوصفهم يخرجون عن القاعدة ويرفضون أن يكونوا ضمن سذاجة "القطيع".. - كثير من الكتاب الجزائريين يلجأون إلى نشر أعمالهم في دور عربية أو فرنسية، خصوصا منهم الأسماء المشهورة. هل السبب أن الدور الجزائرية "غير مؤهلة"، أم هي خطوة الغرض منها البحث عن انتشار وشهرة أوسع؟ النشر في الخارج مشرقا أو غربا ليس بالأمر المتيسر للجميع فلو كان سهلا لنشر كل الكتاب أدبهم في الخارج لأن ذلك يعني أن توسع دائرة مقروئية أعمالك وهذا مهم لأي كاتب وليس عيبا أن يطلب الكاتب الشهرة والاعتراف به خارج بلده أو في أي مكان في هذا العالم بل تلك الغاية والمبتغى وإلا كتب الكاتب لنفسه واكتفى بعدم النشر.. صحيح توجد مشكلات كثيرة تمس النشر في بلادنا وهي مقترنة حسب نظري بالمحيط الثقافي كاملا والنشر جزء منه وهو محيط لا يرغبك ولا يشجعك ولا يشعرك بأهمية الأدب أو الكتابة بشكل عام وهو يراها مضيعة للوقت أو مجرد ثرثرة أناس مرضى يحتاجون لأن يعالجوا نفسيا وقد تضحكين لمثل هذا الجواب؛ لكن ربما نسبة كثيرة تنظر للأدب بهذا الشكل وتجعلك تفكر كثيرا في المسألة من أين جاءت؟ وكيف صارت سائدة ومتسلطة؟. وهنا تفهم أن المشكل أعمق وأكبر وهو مرتبط بطبيعة/ خصوصية بلد ونظامه الثقافي والسياسي وغير ذلك. - تقليد عمليات البيع بالتوقيع يظل نادرا ولا نجده إلا في المعارض التي تقام هنا وهناك "معرض الجزائر الدولي خصوصا"، هل يعني هذا أن البيع بالتوقيع مجرد تقليد مناسبات؟ هو تقليد ارتبط خاصة بالمعرض الدولي للكتاب لأن هنالك إقبال جماهيري كبير عليه.. لنقل إنه العرس الأكبر للكتاب في بلادنا، والحمد لله حافظنا على هذا العرس لأننا تخلينا عنه لفترة طويلة وعاد بمشقة صراحة لم أكن من الذين يحبذون ذلك، لكن عندما يصبح لك قراء معجبون بكتابك تشعر أنه من باب الوفاء والمحبة المتبادلة أن تقبل شيئا كهذا إن كان يشجع أكثر على قراءة الروايات ويدفع إليها دفعا.. لكن صحيح خارج المعرض لا يوجد هذا التقليد الذي تحافظ عليه مكتبات قليلة ولكن مع كتاب معينين فقط أي الذين لهم رواج كبير مثلما تفعل "مكتبة العالم الثالث" في الجزائر العاصمة مثلا كل يوم سبت. - هل تملك الجزائر معرضا للكتاب وفق المقاييس الدولية حسب رأيك؟ لنقل بصراحة إنه لو توفرت كل تلك الكتب التي تأتينا من المشرق والمغرب في مكتباتنا لربما قل عليه ذلك الازدحام الكبير ولكان معرضا احترافيا وثقافيا أكثر.. لكن بما أننا لا نملك مكتبات في كل ولايات الوطن والقلة الموجودة لا تلبي أي شغف وقليلة الاهتمام ربما بما نهتم به نحن؛ فسيظل معرض الكتاب فضاء للبيع أكثر وهو أمر لا أعتبره سيئا على العموم.. ينقص معرضنا الكثير ليصير ذا أهمية، وضعفه اليوم يتمثل في برنامجه الأدبي والثقافي خاصة. - هل تعتقد أن ظهور "المركز الوطني للكتاب" سيغير من واقع النشر والقراءة شيئا؟ نحن ننتظره منذ فترة.. أما هل سيغير من واقع النشر فهذا يحتاج ربما إلى وقت طويل كي يحدث ما نرغب فيه. - ماذا قدمت مشاريع النشر المختلفة لوزارة الثقافة في إطار مختلف التظاهرات الكبيرة؟ ساهمت في إخراج الكثير من النصوص إلى دائرة الضوء، لكن صراحة لم يشعر هؤلاء أن خروجهم من الظلمة إلى النور غيّر حياتهم بالفعل. - لماذا لا يوجد قانون خاص بالكاتب في الجزائر؟ صراحة لا تنقصنا القوانين بل كما يقال ربما نحن البلد الأكبر في إنتاج القوانين و"الجريدة الرسمية تشهد على ذلك".. المشكلة دائما في فعاليتها وجدواها.. - هل تؤمن بمقولة "الجزائريون لا يقرأون"؟ نسبة كبيرة لا تقرأ صحيح لكن توجد نسبة تحب القراءة وأنا اكتشفهم في المعرض الدولي للكتاب وأعتقد لو كانت هنالك سياسة تشجيع من الدولة لاهتم الجزائري بالكتاب كما يهتم بملبسه ومشربه وحلاقته. - الكتاب الجزائريون لا يلتقون فيما بينهم ويكرهون بعضهم البعض، ما رأيك؟ صحيح أو هذا هو السائد حتى الآن هنالك غيرة وحسد ولا أعرف السبب حقا.. أتمنى أن تتغير هذه السلوكيات وأن تعوض بأن يتفرغ كل لمشروعه وموهبته أحسن من أن يظل يراقب غيره ماذا يفعل.. - لماذا لا يوجد فضاء يجمع الكتاب الجزائريين.. فحتى "اتحاد الكتاب" صار "هيكلا ميتا" وفق تعبير البعض؟ من المفروض أن تؤسس نوادي أدبية وحلقات أدبية مستقلة وتفجر فكرة الواحدية والاتحاد الموروثة من الحزب الواحد يجب أن ندخل في مرحلة جديدة ثقافية مختلفة تستقل فيها الثقافة عن المؤسسات الرسمية الهشة والنمطية ..لكن الناس تنظر لهذه المؤسسات على أنها مكاسب وغنائم هذا مؤسف في الحقيقة. - يعتقد البعض أن جائزة "البوكر" للرواية العربية لا تنصف الرواية الجزائرية، وتتعمد إقصاءهم أحيانا.. هل هذا صحيح؟ التعمد لا أظن، ولكن لماذا نقول ذلك؟ أنا شخصيا وصلت روايتي للقائمة القصيرة ولم يساندني في الجزائر إلا قلة قليلة بل وجدت من يتهجم عليّ ولهذا فهمت شيئا واحدا سواء أتفوقنا أم انهزمنا فلا أحد سيرضى عليك لهذا أتجاوز النقاش في هذه الأمور.. أما قيمة الرواية الجزائرية وأهميتها فلا تحتاج لجائزة كي نؤكدها أو ننفيها فهذا بالنسبة لي عيب أن ينتظر الجزائري شرعية خارجية كي يقتنع بنفسه. - هل جائزة "البوكر" تعتبر معيارا لتقييم مستوى الرواية الجزائرية؟ لا طبعا.. الجوائز تهم الكاتب لوحده أكثر مما قد تهم غيره فهي تنصفه معنويا وتربحه ماديا.. وهو بحاجة إلى كل ذلك كي يستمر. - لماذا يصر الكتاب الجزائريون، خصوصا الجيل الجديد، على المشاركة في مختلف الجوائز والمسابقات الأدبية العربية، حيث صار البعض يسمي الأمر "لهثا وراء الجوائز؟ لا أستطيع أن أتكلم عن غيري فلا أمثل أحدا ولا أعتقد أنه يحق لي أن أتكلم باسم الجميع. أنا بدأت الكتابة في مرحلة لم يكن فيها لا جوائز ولا نشر ولا تشجيع مادي أو معنوي.. كان ذلك- رغم بؤس الوضع- جميلا جدا، وكانت الكتابة تعني التزاما روحيا وموقفا ذاتيا لا غير.. الآن هنالك إغراءات كثيرة تحفز من جهة ولكن قد تدمر من جهة أخرى.. أي إذا كان الكاتب يكتب لأنه مقتنع بما يكتب فهذا شيء جميل ويشارك بعدها فأين المشكل أما إذا كان يكتب من أجل الجائزة فهذا شيء سلبي طبعا ولا أظن من يكتب لهذا الغرض سيقدم شيئا ذا قيمة أو منفعة. - لماذا لا نجد جوائز أدبية ذات قيمة في الجزائر على غرار دول أخرى كالإمارات.. هل الخلل في "الدعم المادي"، أم أن هناك أسباب أخرى؟ لا أظن الخلل في الدعم المادي، ولكن في عدم ثقة الجزائري بذاته، وعنده عقدة متأصلة، وهي أنه لا يثق في نفسه، وهو يكره أن ينتقد من الخارج، لكن الشرعية يقبل بها فقط عندما تأتيه من هذا الخارج فلو سألتك الآن من هم الكتاب الذين نتكلم عنهم أكثر عندنا في البلد إنهم الذين نجحوا في المشرق أو فرنسا.. اسأل ما السبب؟ الجواب الوحيد المقنع لا توجد عندنا ثقة في أنفسنا. حتى الرجل السياسي عندنا يظل يسب في الخارج ولكن عندما يحتاج تزكية تكون من طرف هذا الخارج اللعين. - يظل موضوع قرصنة الأعمال الأدبية للكتاب الجزائريين مطروحا في كل وقت، وهو أمر يعاني منه الكتاب من الجيلين. كيف تنظر إلى هذا الموضوع، وما مدى الضرر الذي يلحقه بالكاتب؟ صحيح هو مشكل مطروح.. حتى أن القراء صاروا لا يتحرجون وهم يقولون لك لقد قرأت روايتك، فتسأل أين وجدت الرواية؟ فيقول لك أو تقول حملتها من الموقع الفلاني.. المهم كل رواياتي مقرصنة تقريبا.. البعض يعتقد أن له الحق في ذلك، لأن الكتاب لا يصله في ولايته أو قريته.. الخاسر طبعا هو الناشر والمؤلف.. هؤلاء المقرصنون يعرفون الأذية التي يسببونها للنشر.. لأن كل كتاب يكلف مالا وجهدا ولو صارت الكتب تقرصن بهذا الشكل فهذا يهدد مستقبل النشر حتما. - الديوان الوطني لحقوق المؤلف اتخذ العديد من الإجراءات لحماية المصنفات الفنية، لكن بالمقابل لا نجد اجتهادا لحماية الكاتب وأعماله من الناحية القانونية.. كيف تفسر الأمر؟ أظن توجد قوانين، لكن كيف تعمل وتُفعل ومن يقوم بذلك هذا أمر آخر.. وأيضا نحن بلد بيروقراطي إداريا وهذا ما يجعلك ربما لا تشتكي حتى ولا تدخل في متاهات لا أول لها ولا آخر. - أنت خضت تجربة "الصحافة الثقافية" لفترة محترمة، من خلال ملحق "الأثر" الذي كنت مشرفا عليه.. في اعتقادك لماذا اختفت كثير من الملاحق الثقافية في الصحف الجزائرية واختفت حتى الصفحات التي كانت تخصص لنشر إبداعات الشباب؟ للأسف السبب الرئيسي ضعف إيمان مدراء الجرائد بالثقافة أو قلة اكتراثهم بالأدب الصحافة تريد أن تغازل الواقع السائد وهذا الواقع لا يعطي للثقافي أهمية كبيرة.. صراحة عندما أسافر إلى بيروت أغار عندما أتابع ملاحقهم الثقافية ولكن أتفهم ذلك حيث تجد شاعرا مثل عباس بيضون هو رئيس تحرير جريدة "السفير" أو غسان شربل الشاعر والروائي هو رئيس تحرير جريدة "الحياة" وقبل ذلك الشاعر الكبير أنسي الحاج رئيس تحرير جريدة "النهار".. هنا الفرق. - كيف تنظر إلى الأسماء الجديدة التي ظهرت في الرواية الجزائرية؟ بعضها متميز جدا وسيذهب إلى بعيد والبعض يحتاج إلى وقت ربما ويوجد من يكتب ليتسلى فقط وهنالك من يجاري التيار السائد وهنالك من يكتب ليتسلق فقط.. - من يعجبك من كتاب الرواية الجدد؟ أسماء كثيرة طبعا من بينها سمير قسيمي وعلاوة حاجي، إسماعيل يبرير ومحمد جعفر، أحمد طيباوي، ديهية لويز وآخرون. - ماذا تقرأ ولمن تقرأ؟ هذه الأيام أطالع "مكتب بريد" لشارل بوكفسكي و"حزن في ضوء القمر" للشاعر محمد الماغوط.. وضعت أعمالا عربية على الطاولة منها رواية مها حسن "الراويات" وجبور الدويهي "حي الأمريكان". - كيف تنظر إلى السياسة في الجزائر؟ عالم يجذبني للكتابة عنه، ولكن لا أرغب في الاقتراب منه. - ماهي الرواية التي تفخر بأنك كتبتها؟ كل رواياتي. - طيب.. ماهي الرواية التي ندمت على كتابتها أو أنك كنت تفضل لو كتبتها بشكل آخر؟ لا يصل الأمر إلى الندم ولكن نادرا ما نشعر باكتمال الأعمال التي ننشرها.. ولكن هذا النقصان هو المحفز على الاستمرارية.