تحرك مصالح وزارة الشوؤن الدينية جاءت عقب حادثة بلحمر خرجت وزارة الشؤون الدينية عن صمتها ازاء فوضى الرقية، التي باتت تتسبب في مقتل المرضى، حيث جددت في فتواها الحظر على أئمة المساجد ممارسة الرقية والحجامة في المساجد وفي محيطها، داعية المواطنين إلى الالتزام بأهل الاختصاص في أمر الرقية بعيدا عن كل أشكال السحر والشعوذة. وأطلق محمد عيسى صفارة الإنذار للأمته بشأن أمر الرقية حيث حذّر في بيان نشر على موقع الوزارة من الذهاب إلى الدجالين والمشعوذين والسحرة والعرافين، ودعت وزارة الشؤون الدينية إلى تجنيب المساجد ومحيطها من ممارسة الرقية "حفاظا على دور المسجد ورسالته المقدسة". واكدت مصادر موثوقة ان الوزارة قامت بتشكيل لجنة من المفتشين كلفتهم برفع تقرير عن الائمة الذين يمارسون الرقية أو الحجامة داخل المساجد ورفعه إلى المدير بشأن أي موظف يمتهن الرقية أو يمارس الحجامة بالمسجد أو المسكن التابع له، لاتخاذ الإجراءات القانونية في حقه، وذلك بهدف اتخاذ إجراءات عقابية في حق كل من يخالف هذا القرار. وأمرت في أولى خطوات تطبيق هذا القرار، مديري الشؤون الدينية والأوقاف بالولايات باتخاذ كافة الإجراءات اللازمة للحيلولة دون ممارسة هذا النشاط بالمسجد بإعادة تعليق بيان لجنة الفتوى في كافة المساجد، وإعلام جميع الموظفين بالقطاع بمنع أي شكل من أشكال امتهان الرقية أو الحجامة بالمساجد والمرافق التابعة لها، بما في ذلك السكن الوقفي للموظف. ويأتي هذا القرار، في إطار الحفاظ على رسالة المساجد وكذا تطهيرها من ظاهرة امتهان الرقية والحجامة التي تنحرف بالمسجد عن رسالته المقدّسة، وتحيد به عن النصوص القانونية التي تنظم نشاطه. وأكدت الوزارة على ضرورة الحفاظ على دور المساجد في استتباب الأمن في المجتمع وتحقيق المصلحة بين الجزائريين، وهو الأمر الذي يتطلب تفرغ المسجد بالعاملين فيه لتلبية حاجات المجتمع بعلمية وصدق. وأوضحت وزارة الشؤون الدينية والأوقاف في بيان موقع من طرف لجنة الافتاء بالوزارة أن "شيوع الثقافة المادية في المجتمع وضعف الوازع الديني وانحراف الممارسة الدينية الإسلامية عن بعدها الروحي الأصيل، حرم بعض الأفراد من الغذاء الروحي وولد لديهم اضطرابات نفسية ألجأتهم إلى فئة استغلت وضعيتهم وجعلت من الرقية وسيلة للاستغلال والابتزاز، وإن تعددت المظاهر والأشكال"، مضيفة أنه "أمام هذه الوضعية التي تفرز أحيانا حالات مستعصية تثير القلق والاضطراب، فإن مجلس الفتوى بالوزارة يستصحب البيان الصادر منه عام 2006 بعنوان "بين الرقية الشرعية والشعوذة"، مشيرا إلى أن المجلس يؤكد أن "الرقية في أصلها دعاء موجه إلى الله عز وجل، كما هو مبين في القرآن الكريم وسنة رسوله (ص)، وليست اختصاصا مقصورا على شخص بعينه، فيمكن للإنسان أن يرقي نفسه ويمكن لأهل البيت أن يرقي بعضهم البعض، وينبغي أن نستحضر دوما أن لصلاح الإنسان وتقواه أثرا كبيرا بإذن الله في النفع بالرقية"، داعيا إلى الأخذ بأسباب العلاج والرجوع إلى أهل الاختصاص في الطب، عملا بسنة النبي (ص) القائل: "تداووا فإن الله عز وجل لم يضع داء إلا وضع له دواء".