اتفاق مبدئي بين "الفرقاء" في ليبيا على تشكيل حكومة جديدة حذر ديوان المحاسبة الليبي من خطر ما وصفها ب"كارثة مالية واقتصادية" قد تضرب ليبيا خلال الأشهر المقبلة بسبب العجز المالي الموجود وتراجع أسعار النفط وتزايد تبديد الثروة الوطنية، مشيرا إلى أن البلاد قد تضطر تحت هذه الظروف إلى اللجوء لما وصفها ب"القروض الربوية" لمعالجة الظروف القائمة. وقال ديوان المحاسبة الليبي في تقريره الذي يزيد عن 500 صفحة ويتناول أوضاع ليبيا الاقتصادية خلال عام 2014، والذي نشره على موقعه الرسمي الجمعة، إنه بمراجعة أوضاع الدولة خلال الأشهر الماضية ظهرت مؤشرات "تنذر بوقوع كارثة مالية واقتصادية في حال استمرار الانقسام والعمليات العسكرية. ووصف الديوان ليبيا بأنها باتت دولة "عاطلة عن الحياة تنفق الأموال على السلع الاستهلاكية بمبالغ كبيرة دون عمل أو إنتاج وفي ظل شلل اقتصادي تام بالاعتماد الكامل على النفط كمصدر وحيد للدخل"، في ظل الحرب القائمة والعنف الذي يجتاح البلاد وانقسام المؤسسات السياسية وانتشار الفساد وتبديد الأموال. وتابع الديوان، الذي سلم تقريره ل"المؤتمر الوطني العام" الذي يدير الأمور بطرابلس بينما يدير مجلس النواب الأمور من مدينة طبرق، بأنه بحال استمرار الأمور فإن العجز المالي سيتضاعف خلال 2015 نظرا لعدم وجود إيرادات وعدم اتخاذ الحكومة الإجراءات الكافية لتخفيض الإنفاق. وأضاف ديوان المحاسبة الليبي: "يجب على الجميع إدراك صعوبة الوضع المالي وأن الدولة متجهة نحو الاقتراض، إما بإصدار سندات خزانة أو الحصول على قروض بفوائد ربوية". وكانت ليبيا قد أقرت مؤخرا عدة قوانين باتجاه تطوير واعتماد أسس التمويل الإسلامي بشكل كامل، غير أن تفجر الأوضاع الأمنية في البلاد عرقل مشاريعها، إلى جانب تراجع أسعار النفط الذي يشكل المورد الأول للبلاد، ما أثر بشكل واضح على الاقتصاد المحلي. وفي الأثناء، توصل طرفا الصراع على السلطة في ليبيا ضمنياً، إلى اتفاق مبدئي حول تشكيل حكومة جديدة في البلاد، يكون رئيسها غير محسوب على مجلس النواب المنتخب أو المؤتمر الوطني العام "البرلمان" السابق المنتهية ولايته، على أن يتم اختيار نائبين لرئيس الوزراء الجديد من كلا الطرفين. وقالت مصادر ليبية شاركت في آخر جولات الحوار الوطني الذي ترعاه بعثة الأممالمتحدة، وفقاً لصحيفة الشرق الأوسط، إن رئيس البرلمان السابق محمد المقريف انضم إلى قائمة المرشحين لتولي رئاسة الحكومة الجديدة، بالإضافة إلى مندوب ليبيا الدائم السابق في الأممالمتحدة أثناء حكم العقيد الراحل معمر القذافي عبد الرحمن شلقم. وأوضحت المصادر، التي طلبت عدم تعريفها، أنه تم التوافق على اختيار مرشحين لتشكيل الحكومة الجديدة من المسؤولين الذين لم يتورطوا في الصراع السياسي الراهن في البلاد، مشيرة إلى أن أسماء المقريف وشلقم طرحت بالفعل في إطار استعراض مجموعة أخرى من المرشحين لها المنصب. من ناحية أخرى، خرجت مظاهرات في عدة مدن ليبية أبرزها طرابلس والزاوية ومصراتة وغريان تنديدا بمسودة الاتفاق التي قدمها المبعوث الأممي إلى ليبيا برناردينو ليون، وذلك في وقت قتل فيه ثلاثة مسعفين بهجوم صاروخي على مركز طبي في مدينة بنغازي. ورفع المتظاهرون شعارات تطالب الأممالمتحدة بإقالة ليون الذي وصفه المتظاهرون بالمتحيز لأحد طرفي الأزمة في ليبيا. وقد نصت مسودة الاتفاق -التي عرضها ليون على الطرفين المتحاورين، إثر جلسة الحوار التي بدأت منتصف الشهر الماضي في مدينة الصخيراتجنوب العاصمة المغربية الرباط- على فترة انتقالية محددة لا تتجاوز عامين، والإبقاء على السلطة التشريعية بيد مجلس النواب المحل، وتمديد عمل هيئة صياغة الدستور.