المفكر إيمانويل تود في كتابه: مسيرة التضامن مع "شارلي إيبدو" مجرد أكذوبة صدر في فرنسا قبل يومين كتاب بعنوان "من هو شارلي؟ سوسيولوجية أزمة دينية" ألفه المفكر اليساري وعالم الإنثربولوجيا الفرنسي إيمانويل تود، ينتقد فيه موجة التضامن التي تلت هجمات السابع جانفي الماضي على مكاتب صحيفة شارلي إيبدو سيئة السمعة في العاصمة باريس، وهي الهجمات التي راح ضحيتها 12 شخصا. ووصف الكتاب المسيرة التي نُظمت بالعاصمة الفرنسية باريس يوم 11 جانفي 2015 تضامنا مع ضحايا هذه الهجمات، بأنها "خدعة" و"أكذوبة". واعتبر المؤلف أن أغلب المشاركين في المسيرة حرّكتهم دوافع "أنانية" معادية للإسلام والأجانب. وقال إنه "تم تبرير الحق في رسم كاريكاتير حول شخصية مركزية في الديانة الإسلامية"، مضيفا أن "شيطنة الإسلام تستجيب لحاجة دفينة لمجتمع تخلى عن مسيحيته واحتمى بعلمانية متطرفة". وزاد المؤرخ الفرنسي والباحث في علم الإناسة والاجتماع أن مسيرة 11 يناير 2015 نظمت لمساندة "الرسوم الكاريكاتيرية التي تستهدف الضعفاء"، و"ترجمت فقدانا لبرودة الدم". واتهم المفكر الفرنسي في كتابه المسيحيين الكاثوليك بأنهم يقفون وراء "كل المآسي التي عرفتها فرنسا في الأشهر الأربعة الأخيرة"، وحسب قوله فإن المشاركين في المسيرة "خرجوا للبصق على ديانة الضعفاء". وقال إن "الاستهزاء بذواتنا أو ديانة السلف شيء، وسب ديانة الآخر شيء آخر مختلف، فازدراء الدين الإسلامي فيه إذلال للضعفاء في المجتمع الذين هم المهاجرون"، منبها إلى أن المسيرة المذكورة أقصت الطبقات الشعبية التي يقول إن أغلب فئاتها من المهاجرين والعمال وشباب الضواحي، وأن من شاركوا فيها لا يمثلون المجتمع الفرنسي. ورأى الكاتب الفرنسي أن الطبقة التي شاركت في المسيرة، والتي وصفها بأنها الطبقة المتوسطة، تعيش أزمة دينية، الأمر الذي يفسر تعاملها مع المسلمين، مشيرا في المقابل إلى أن عدم المساواة التي يعاني منها أبناء المهاجرين، وعدم حصولهم على تعليم كاف، والعمل في ظل أزمة اقتصادية، وغياب رؤية مستقبلية، يجعلهم عرضة للاغتراب والتطرف الديني. واعتبر أن "وتيرة معاداة السامية هي ردة فعل على وتيرة مضادة معادية للمسلمين، تضاف لعدم استفادتهم من حقوق وفرص تستفيد منها أقليات أخرى في العمل والتعليم". وندد رئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالس الخميس الماضي بالكتاب، واعتبر أن مؤلفه يشوه مسيرة 11 جانفي بمحاولة تصويرها على أنها "معادية للإسلام"، معتبرا أن المسيرة كانت بمثابة "صرخة من أجل التسامح والدفاع عن مبادئ الدولة العلمانية". كما انتقد فالس في مقال له نشرته صحيفة "لوموند" الفرنسية تحت عنوان "ضد التشاؤم"، ما سماها نظرة "التشاؤم" من قبل بعض المثقفين، وقال إن المسيرة أيضا "صرخة ضد الجهاديين الذين يهاجمون باسم الدين سيادة القانون والقيم الديمقراطية، ويقتلون اليهود والمسلمين والمسيحيين"، مؤكدا أنه "لا يجب الخلط بين الإسلام والمتطرفين". وخصصت صحيفة "شارلي إيبدو" سيئة السمعة الخميس الماضي، صفحتين للرد على "تود"، وعلى نحو 150 روائيا قاطعوا حفل توزيع جائزة "البان كلوب" بالولايات المتحدة هذا الأسبوع، والذي منح جائزة الشجاعة وحرية التعبير لمجلة "شارلي إيبدو". وقد برر المقاطعون موقفهم باختلافهم مع الخيارات التحريرية للجريدة وانتقادهم لها، معتبرين أنها بالغت وأكثرت من التنديد بالإسلام.