مع بداية العد التنازلي لظهور نتائج البكالوريا ينتظر أكثر من 800 ألف مترشح الإعلان عن النتائج بشق الأنفس خاصة وتزامنها مع الشهر الفضيل حيث يعرف عن الجزائريين وبالخصوص الشباب أنهم يتنرفزون بسرعة، التي ازدادت مع انتظار ظهور النتيجة، خاصة أنهم ظلوا يترقبونها لمدة شهر على أحر من الجمر، فالعديد منهم متخوف من الرسوب، في حين يبحث آخرون عن المعدل الذي يؤهلهم للتسجيل في التخصصات التي يريدونها. فالحالة النفسية الجد صعبة التي يعيشوها التلاميذ أمام الضغوط التي يتعرض لها العديد منهم من قبل الأولياء الذين يكون تأثيرهم عليهم كبيرا. وفي هذا السياق اقتربت "البلاد" من بعض التلاميذ لمعرفة نفسيتهم قبل الإعلان عن النتائج. التلاميذ بين متفائل بالنجاح وخائف من الرسوب.. نفسية صعبة يعيشها التلاميذ لكثرة التفكير في النتيجة إيجابية كانت أم سلبية، حيث وجدنا العديد منهم قد فقد الوزن، فيما وجدنا آخرين بمقاهي الإنترنت على الرغم من أنهم يملكون إنترنت في المنزل ولكنهم يفضلون الابتعاد عن ضغوط الأهل وتهديداتهم في حالة رسوبهم، وبالتالي يفضلون الخروج من المنزل. الجدير بالذكر أن ظاهرة الانتحار في أوساط التلاميذ زادت في السنوات الأخيرة بمجرد ظهور النتائج النهائية كشهادتي التعليم المتوسط والبكالوريا. تلاميذ يعتبرون الرسوب في شهادة البكالوريا نهاية العالم... وأولياء بين متفهم ومتسلط خلال جولتنا الاستطلاعية التقينا بعض التلاميذ الذين اجتازوا امتحانات شهادة البكالوريا، كانوا ينتظرون نشر النتائج، حيث كانت ملامح الخوف والقلق وعلامات الاضطراب بادية على وجوههم، والبعض منهم يزداد قلقهم وتنتابهم حالة من الهيستيريا ومنهم من يغير الموضوع، وآخرون كانت علامات الوثوق بأنفسهم بادية عليهم وقلقهم الوحيد فقط حول المعدل لأن تخصصاتهم مرتبطة بالمعدل المحصل عليه. التقينا التلميذ "ز.مولود" صاحب 21 سنة، شعبة علوم، اجتاز شهادة البكالوريا للمرة الثانية، حدثنا عن حالته النفسية، قائلا: "أجتاز شهادة البكالوريا للمرة الثانية. هذه المرة أما متفائل بنجاحي عكس السنة الماضية التي كنت قلقا إلى درجة أنني تعرضت لأزمة حادة بعد أن ارتفعت نسبة السكر في دمي، حيث أدخلوني المستشفى الجامعي مصطفى باشا على جناح السرعة. وقررت ألا أكررها ثانية، فالرسوب في شهادة البكالوريا ليس نهاية العالم، وأتمنى أن أحصل عليها وإن لم يساعفني الحظ مرة أخرى فلن أفقد الأمل حتى أحصل عليها حتى وإن اجتزتها للمرة العاشرة". أضاف أنه كان يشعر بالقلق والضغط أيام الامتحانات إلا أن حالته النفسية استقرت بعد الانتهاء منها خاصة أن أولياءه لم يتكلموا معه عن النتائج منذ ذلك اليوم ولا يهمهم النتائج قدر ما يهمهم صحته. أما وجهة نظر سارة فكانت مختلفة تماما. اجتازت امتحان شهادة البكالوريا للمرة الثانية، أملها كبير في النجاح في شهادة البكالوريا. فوالداها وعداها بالسافر إلى الخارج لتواصل دراساتها العليا عند خالها المقيم بفرنسا إن هي تحصلت عليها. كانت مرتاحة نوعا ما ولكن آثار الخوف والحيرة كانت بادية على وجهها. قالت إنها لم تتلق هذه السنة أية ضغوط عكس السنة الماضية التي كانت فيها مضطربة وقلقة لا نها كانت أول مرة تجتاز فيها البكالوريا حيث كانت تشعر بضيق في صدرها كلما سمعت كلمة نتائج البكالوريا. وقال "لطفي" شعبة الآداب والفلسفة إن حالته النفسية جيدة وهو متفائل بالنجاح. وإن لم يتمكن من النجاح فإن سنه تسمح له بإعادة امتحان البكالوريا للمرة الثانية في السنة المقبلة، مضيفا أنه كان يشعر بالقلق والضغط أيام الامتحانات إلا أن حالته النفسية استقرت بعد الانتهاء منها خاصة أن أولياءه لم يكلموه عن النتائج ولا يهمهم النتائج قدر ما تهمهم صحته. والأمر نفسه يراه وليد من شعبة العلوم التجريبية الذي اجتاز امتحان شهادة البكالوريا للمرة الثانية. يقول إنه مرتاح نفسيا ومتفائل بالنجاح ولم يتلق هده السنة أية ضغوط كما حصل له في السنة الماضية، حيث كان يشعر بالضيق كلما سمع كلمة نتائج البكالوريا. تخوف التلاميذ من ردود فعل الأولياء.. يفقد العديد منهم الوزن في وقت وجيز علامات الخوف والقلق كانت بادية على وجوه المترشحين بمجرد سماعهم كلمة نتائج الامتحانات، مؤكدين أنهم قاموا بما يمكن القيام به إلا أنهم متخوفون من ردة فعل أوليائهم الذين عادة ما ينتهجون أسلوب التهديد والوعيد مع أبنائهم في حالة رسوبهم قبل نشر نتائج الامتحانات، وهو ما يجعل التلاميذ يفكرون في الانتحار والهروب من المنزل في حال رسوبهم. عبد الله من شعبة الآداب والفلسفة يقول إنه متخوف من ردة فعل والده في حال رسوبه أكثر من نتائج الامتحانات كونه اجتاز امتحان البكالوريا للمرة الثانية وعانى الكثير معه في السنة الماضية، حيث ينتابه الخوف والارتباك كلما سمع باقتراب موعد النتائج، مضيفا أن والده كان يشوش عليه على مدار السنة وفي كل مرة يقوم بتوبيخه ومقارنته بأخوته وأخواته المتفوقين في دراستهم، مؤكدا أنه في حال رسوبه لا يعلم إلى حيث سيتوجه، خاصة أن والده أمره بالنجاح بدون نقاش هذه السنة. أما بالنسبة لطارق الذي فقد أمه قبل اجتيازه لشهادة البكالوريا بحوالي شهرين تقريبا، حيث كان يبدو عليه الحزن والتحدي في آن واحد، يقول إنه فقد الكثير من الوزن وشهية الأكل جراء تفكيره على مدار الساعة في النتائج منذ الانتهاء من امتحانات البكالوريا، وهو متوتر وقلق بعض الشيء رغم علمه ءنه قام بجميع ما يمكنه فعله، مضيفا أنه يتلقى الدعم فقط من طرف والده وأفراد عائلته الذين يرفعون له من معنوياته بعدما توفيت أمه التي كانت تدعمه بشكل كبير وتمنى أنها لازالت على قيد الحياة لتفرح بنجاحه، حيث تنهد وقال "سأوصل لك فرحة البكالوريا يا أمي حتى وأنت تحت التراب". نفس الشيء بالنسبة لصبرية من شعبة تسيير واقتصاد تقول إنها فقدت شهيتها في الأكل، بالإضافة إلى فقدانها الكثير من الوزن، وهي تفكر في نتائج البكالوريا صباحا ومساء وهي جد متخوفة من عدم نجاحها وكيف ستكون نظرة والدتها التي أكدت أنها تريد نجاحها والتحاقها بمقاعد الجامعة. "راضية" هي أصعب حالة التقيناها قالت إنها فقدت شهيتها منذ أيام اجتيازها للبكالوريا، حيث فقدت الكثير من وزنها في مدة تقارب الشهر، فهي تجتاز امتحان البكالوريا للمرة الثالثة فبعدما فقدت الأمل في حصولها على شهادة البكالوريا، أصر عليها أهلها على اجتيازها من جديد وعلى الرغم من تفوقها وذكائها إلا أن خوفها المفرط آل دون أن تتحصل عليه مرتين على التوالي، حيث تعتبر خفقها للمرة الثالثة بمثابة نهاية العالم ومن أجل رفع معنويات راضية بدأنا نسرد عليها بعض الحالات التي تحصلت على البكالوريا للمرة الخامسة والسادسة وأكثر من ذلك، لترد قائلة "أنا أفكر فقط في أهلي الذين دعموني وأصروا على أن أعاود اجتيازه وبالتالي أنا خائفة من أن أخيب أملي فيهم مرة أخرى، غادرنا بيت راضية ونحن ندعو الله أن يوفقها وجميع المترشحين. أولياء يعدون أبناءهم بهدايا مغرية وآخرون يتوعدونهم بعقوبات صارمة اقتربنا بعدها من بعض الأولياء الذين اختلفت آراؤهم حول نتيجة أبنائهم، فمنهم من يريد نجاح ابنه أو ابنته ودخولهم الجامعة حسب ما أكدته لنا مليكة والدة أحد المترشحين من شعبة آداب وفلسفة أنها تريد نجاح ابنها مهما كلفه الأمر ودخوله الجامعة كونها لم تترك له أي شيء لم تلبه له من توفير سيارة من أجل التنقل إلى الثانوية وأخذ دروس تدعيمية، بالإضافة إلى المصاريف وغيرها من الأموال التي دفعتها من أجل أن توفر له الراحة وكل اللوازم وعليه فهي تنتظر المقابل وراء كل هذا. وهناك من الآباء من وعد أبناءه حسب ما رواه لنا أحد التلاميذ من شعبة العلوم التجريبية هو وأخته التي تدرس معه بنفس الشعبة أنه سيقوم بشراء سيارة فاخرة لكل واحد منهما في حالة نجاحهما وسيقوم بإرسالهما إلى دولة من دول أروبا من أجل قضاء عطلة الصيف، أما في حالة رسوبهما توعد ابنه أنه سيقوم بإرساله إلى الخدمة الوطنية أما أخته أكد لها أنه سيقوم بجلب رجل لها وزفها إليه. كما يرى بعض الأولياء أن أبناءهم قاموا بالعمل والمثابرة في الدراسة على مدار السنة، ويرون أن النتيجة لا تهمهم مثلما تهمهم صحة أبنائهم، حسب ما أكدته لنا السيدة فتيحة والدة أحد المترشحين بقولها "أنا متفائلة بنجاح ابني كونه كان يدرس على مدار السنة، بالإضافة إلى سهره إلى غاية ساعات متأخرة من الليل من أجل المراجعة والسهر على عدم تضييع يوم في الثانوية أو على مستوى مقاعد الدروس التدعيمية، مضيفة أن سلامة صحة ابنها قبل كل شيء فهي تحاول أن ترفع من معنوياته على مدار السنة خاصة بعد اجتياز امتحان البكالوريا، حيث لاحظت علامات الخوف والقلق بادية على ابنها، الأمر الذي جعلها تطمئنه وبأنه قام بواجبه على أكمل وجه وأنها لا تهمها نتائج الامتحانات، قائلة في الأخير إن للوالدين دورا كبيرا في رفع معنويات أبنائهم أو تحطيمها فيما يخص النتائج. وقالت كريمة إنها عانت الكثير مع ابنتها من الحالة النفسية التي كانت تعيشها قبل الامتحانات، مضيفة أن حالتها النفسية تفاقمت مباشرة بعد امتحانات البكالوريا وأصبحت نحيفة كونها فقدت الكثير من وزنها، حيث أصحبت لا تأكل ولا تشرب إلا القليل، وأصبح كلامها يوميا عن النتائج وتفكر بها صباحا ومساء، وهي جد متخوفة ذلك اليوم حيث هددتها ابنتها بالقيام بشيء غريب إن لم تتحصل على نتائج جيدة، متمنية في الأخير النجاح لجميع المترشحين. فيما توعد ولي أمر أحد التلاميذ بمعاقبة ابنه في حال رسوبه وحرمانه من العطلة الصيفية وأخذ سيارته منه، وعند سؤالنا عن سبب ممارسته لهذه السياسة التي ستكون ضغطا كبيرا على ابنه رد علينا قائلا "لقد وفرت له جميع الإمكانات والرفاهية ليدرس في أحسن الظروف فكيف لا ينجح في هكذا ظروف". زهرة فاسي: "الأولياء يمارسون 50 بالمائة من الضغط على أبنائهم" من جهتها، الأخصائية الاجتماعية زهرة فاسي دعت الأولياء إلى ضرورة التزام الموضوعية والعقلانية مع نتائج امتحانات شهادة البكالوريا، مشيرة إلى أن 50 بالمائة من القلق الذي يتعرض له التلاميذ يتسبب فيه الأولياء، ويجب أخذ صحة الأبناء بعين الاعتبار قبل كل شيء. وحذّرت فاسي الأولياء من استعمال العنف والألفاظ القبيحة ودعتهم إلى التعامل بعقلانية مع نتائج شهادة البكالوريا، مشيرة إلى ضرورة تشجيع التلميذ الراسب على العمل أكثر في السنة المقبلة من أجل النجاح، بدل توبيخه قائلة "إن هذا الأخير يحتاج إلى المساندة في هذه الفترة وليس الشتم والتوبيخ"، وهو الأمر الذي اعتبرته فاسي يتسبب في الانتحار والهروب من المنزل، بالإضافة إلى تناول بعض الأدوية. وصنفت الأخصائية الاجتماعية نفسية الطالب في تلك الفترة إلى صنفين، الأولى الأكثر اضطرابا وهم التلاميذ المجتهدين الذين يزاولون دراستهم جيدا ويسهرون الليالي من أجل الحصول على نقاط جيدة، أما الثانية فصنفتها فاسي ضمن الأقل اضطرابا وهم التلاميذ الذين لا يبذلون أي جهد طيلة السنة أو في فترة الامتحانات واعتمادهم على وسائل الغش المختلفة لتحقيق مبتغاهم. ودعت فاسي أولياء التلاميذ الراسبين إلى ضرورة الابتعاد عن العقاب العاطفي الذي يتعرض له الطلاب، مشيرة إلى أن رسوب التلميذ يتسبب في انهياره عاطفيا ونفسيا، بالإضافة إلى التقاليد التي باتت الآن حول قضية الامتحانات، على غرار الوعود بتقديم الهدايا في حالة نجاحهم والزغاريد التي تبدأ قبل الإعلان عن النتائج.