المواطنون مجبرون على دفع تكاليف العمليات الجراحية والتحاليل تتجه حكومة الوزير الأول عبد المالك سلال، إلى التخلي بشكلي جزئي عن مجانية العلاج التي يضمنها الدستور الجزائري ضمن إحدى إجراءات التقشف التي تعتمدها هذه الأخيرة بعد انهيار أسعار النفط منذ جوان 2014 المنصرم التي أعلنت خلالها عن جملة من الإجراءات الجديدة التي تهدف إلى تقليص النفقات ورفع مداخيل الخزينة العمومية بعد هبوط واردات النفط خلال الفترة الأخيرة بأكثر من 48 بالمائة عن المستويات السابقة. فبعد الجدل الذي عرفته الساحة الوطنية حول مسألة مجانية العلاج في الجزائر، التي أكد حولها وزير الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات عبد المالك بوضياف أنها مسألة غير قابلة للنقاش وأن مجانية العلاج يضمنها الدستور الجزائري ولا مجال لمراجعتها أو التنازل عنها، يبدو أن الأمر حُسم أخيراً لصالح التخلي بشكل جزئي عن هذه الميزة التي كان يتمتع بها المواطن الجزائري منذ الاستقلال إلى يومنا هذا، حيث تشير تسريبات نقلتها بعض وسائل الإعلام إلى أن قانون الصحة الجديد المعروض أمام الحكومة في أول اجتماعاتها التمهيدية للدخول الاجتماعي الجديد إلى إمكانية اللجوء للمستفيدين من خدمة العلاج من أجل تمويل نفقات الصحة. بالمقابل هذه المادة لم تصحبها مواد أخرى تفسر أو تفصل كيف سيتم تطبيقها ليعطي بذلك المشروع الذي عُرِضت نسخته الثانية الأربعاء الماضي أمام المجلس الوزاري وسرّب موقع كل شيء عن الجزائر بعضًا من تفاصيله، إذْ تشير المادة رقم 246 الواردة فيه إلى أن المواطن الجزائري سيضطر إلى دفع جزء من تكاليف العلاج الذي يعد إلى حد الساعة مدفوع التكاليف من قبل الحكومة، وهو الأمر الذي سبق أن أشار إليه وزير المالية الأسبق محمد جلاب حين أكد أن الحكومة قد تضطر إلى تقليص دعمها لبعض القطاعات الحساسة وعلى رأسها قطاع الصحة، حيث سيحول القطاع إلى القطاع الخدماتي مجبرا المواطن على دفع ثمن الخدمات الصحية المقدمة له. وفي هذا السياق، تشير المادة 241 من نفس المشروع إلى انحسار مجال تدخل الدولة في نفقات الطب الوقائي والعلاج القاعدي والاستعجالات والأشخاص الموجودون في وضعية صعبة وبرامج الصحة وكذلك في مجال التكوين والبحث الطبي، كما تشير المادة 242 حسب موقع "كل شيء عن الجزائر" إلى أن صناديق الضمان الاجتماعي سيتكفلون بنفقات العلاج للمواطنين المنتمين لهم وذويهم وفق عقد يتم إبرامه مع وزارة الصحة. من جهة أخرى، جاءت المادة 244 من المشروع لتجبر الشركات على المشاركة في تمويل القطاع الصحي في شقه المتعلق بطب العمل. وأمام هذه التسريبات المفاجئة، يبقى العديد من المواطنين في حيرة من أمرهم إذا ما كان قرار الحكومة يقضي بتحميلهم نفقات العلاج في المستشفى.. مما يعني تخليها عن دورها البناء في الخدمة العمومية مثلما كان معمولا به سابقا وفي حال تأكدت هذه التسريبات بشكل رسمي، فإن المواطن البسيط سيكون مجبراً على دفع تكلفة العمليات الجراحية ومختلف التحاليل والأشعة الطبية.